كتب - عبد الله إلهامي:
أكد وزير الدولة للشؤون الخارجية غانم البوعينين، أن أحداث البحرين ليست «ربيعاً عربياً» أو «توتراً طائفياً» كما وصفها الرئيس الأمريكي باراك أوباما في خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، بل محاولات أطراف داخلية تنفيذ أجندة خارجية.
وقال إن الأوضاع في المملكة تختلف عن أوضاع تونس وليبيا ومصر واليمن والعراق وسوريا، لجهة بروز التوتر الطائفي بصورة واضحة هناك، فيما لم تعرف البحرين عبر العصور سوى التسامح بين مختلف المذاهب والأديان والقوميات، ولم تشهد يوماً أي توتر طائفي.
وأضاف البوعينين أن الخارجية البحرينية منوط بها طلب الاستيضاح من واشنطن، وقال «لا أستطيع التنبؤ بموعد ردهم».
وأوضح أن العلاقة بين البحرين ومصر لا تتغير بتغيير الأنظمة، مؤكداً موقف المملكة الثابت حيال الأزمة السورية، في حقن دماء السوريين، وإسناد كل جهد سياسي سلمي ينهي النزاع السوري.
وقال البوعينين «لم يكن بالإمكان المرور مرور الكرام على ملاحظات الرئيس أوباما عن البحرين، بل لزم التوقف عندها والاستضياح من الولايات المتحدة الدولة الصديقة والحليف للبحرين، من أجل معرفة الأسباب التي دعتها إلى ذكر المملكة في سياق دول لا يمكن مقارنة أوضاعها بأوضاع البحرين» مبيناً أن «تلك الدول وصل بها الأمر إلى الاقتتال الطائفي، وهو ما لم تشهده البحرين، ولا يمكن المقارنة بينها وبين البحرين».
ولفت إلى أن اجتماع الخارجية البحرينية مع السفير الأمريكي لطلب استيضاح الولايات المتحدة، جرى في الواحدة من ظهر أمس الأول، وقال «لا أستطيع التنبؤ بموعد ردهم على طلب المملكة».
وأضاف أن حكومة البحرين ممثلة في الخارجية منوط بها استيضاح الصورة وتصويبها إن كانت منقولة بشكل خاطئ، وأردف «جميع البعثات الخارجية بالمملكة وفي مقدمتهم السفراء الأجانب يشهدون أنه لا يوجد مثل ما ذكره أوباما في خطابه من توتر طائفي في البحرين».
وحول تغير رأي الإدارة الأمريكية للوضع البحريني من ربيع عربي إلى توتر طائفي قال «لم يكن ما حدث في البحرين جزءاً مما يسمى بالربيع العربي وفي ذات الوقت ليس توتراً طائفياً، بل نعتقد أن ما يجري في البحرين لا يتعدى محاولة أطراف داخلية تنفيذ أجندة خارجية».
وشدد على أن الأوضاع في المملكة تختلف عن مجمل أوضاع دول ما تسمى بالربيع العربي تونس وليبيا ومصر واليمن، وتختلف أيضاً عن العراق وسوريا لجهة بروز صورة التوتر الطائفي هناك بطريقة واضحة جداً للعيان، وما استتبعها من اقتتال وذهاب الكثير من الضحايا.
وأوضح وزير الدولة للشؤون الخارجية أن البحرين لم تعرف عبر العصور سوى التسامح بين مختلف المذاهب والأديان والقوميات، وقال «الكل كان يحيا في البحرين منذ أن عرفت الحياة المدنية وقبلها، إذ أن سُنة التسامح وتقبل الآخر أياً كان مذهبه أو دينه أو عرقه هو الغالب، ولم تشهد يوماً توترات طائفية كما قال أوباما في خطابه».
ولفت إلى أن المملكة عرفت المواطن المسيحي واليهودي والهندوسي والعربي والأعجمي، وخلاف ذلك من القوميات والأجناس، وتستوعب الهجرات القادمة من الخارج في كل مرة تأتيها، بل وتذوبها في بوتقة الوطن الواحد والوحدة الوطنية، لافتاً إلى أن الشواهد كثيرة على ذلك عبر التاريخ.
وقال إن التاريخ يشهد أنه لم يكن هناك توتر طائفي في البحرين بل انسجام، مضيفاً «ربما هناك خلافات سياسية مع البعض، إلا أنه حسب ما نرى فإن هناك أجندات خارجية يحاول البعض تطبيقها في البحرين، وهذا أمر مرفوض من كافة أطياف المجتمع بمختلف طوائفه».
وأشار إلى أن المملكة منذ الاستقلال وقبله لم تكن إلا دولة عربية، ولم تتبع الأجنبي بأي صورة من الصور.
وذكر البوعينين أن المملكة تعد الولايات المتحدة دولة صديقة، ولا شك أنها لاعب رئيس في السياسة الدولية، ولها تأثير مباشر في الكثير من قضايا العالم وليس المنطقة فقط، لذلك فإن السياسة الخارجية تعتبرها حليفاً يمكن الاستفادة من صداقته وتطويرها للأفضل، بما يصب في صالح البلدين.
ونبه إلى أن وزارة الخارجية كلفت من قبل مجلس الوزراء، بناء على توصيات المجلس الوطني، بالتنبيه على البعثات الدبلوماسية الأجنبية في البحرين بعدم التدخل في الشأن الداخلي، ونفذت ذلك في حينها، إذ استدعت جميع البعثات بما فيها مكاتب الأمم المتحدة، وأوصلت تلك الرسالة بوضوح، بعد أن شرحت الخارجية لهم الوضع الداخلي، وأبدت الأسباب الداعية إلى المبادرة بانعقاد المجلس الوطني، مؤكداً أن الرسالة وصلت للبعثات والمكاتب الخارجية بكل وضوح.
ولفت البوعينين إلى أن تنظيم العمل الدبلوماسي والقنصلي تحكمه اتفاقيات دولية، تتمثل في اتفاقيتي فيينا 1961 و1963، ولا يكون العمل إلا من خلالهما، مع احترام الأنظمة والقوانين لكل دولة من الدول.
وأضاف أن من أولويات الخارجية متابعة تنفيذ مذكرات التفاهم والاتفاقات الموقعة مؤخراً مع الدول الصديقة، من خلال ثلاث جهات «الخارجية والوزارة المعنية وسفارة الدولة الموقع معها الاتفاقيات»، مشيراً إلى أن العمل الحثيث على تنفيذها يصب أولاً وأخيراً في مصلحة المملكة والأطراف الدولية المتعاقدة، سواء كانت المذكرات تعليمية أو صحية أو مالية أو مصرفية.
وأوضح أن العلاقة الثنائية بين مصر والمملكة لا يمكن بأي وجه من الأوجه أن تنفك أو تتأثر بتغير الأنظمة السياسية، مشيراً إلى أن مصر لم تكن يوماً من الأيام وفي مختلف الحقب والأنظمة إلا شقيقاً وحليفاً وسنداً وعمقاً ليس للبحرين فقط ولكن لجميع العرب من شمال الوطن العربي إلى جنوبه ومن شرقه إلى غربه، مضيفاً أنها رمانة الميزان ومركز الثقل والعمق الاستراتيجي.
وقال إن البحرين تعتبر مصر سنداً لها، وأكثر من علاقة شعب شقيق استوطن هذه الأرض العربية من خليجها إلى أقصى مغربها العربي، ولا يمكن للتغيرات السياسية أن تؤثر سلباً على علاقات إنسانية اجتماعية بين البلدين.
وأضاف أن موقف البحرين من القضية السورية ثابت منذ بدايات الأزمة، بإنهائها بكافة السبل السياسية السلمية وحقن الدم السوري، ولا علاقة له بالمتغيرات التكتيكية والسياسية، مستدركاً «إلا أن الأمور نحت منحى دموياً، وكان من واجب النظام السوري الحفاظ على دماء شعبه، بل والاستماع إلى صوت العقل منذ البداية وإنهاء القضية بأقل الخسائر في الأرواح قبل أي شيء آخر».
وأكد أن المملكة تسند كل جهد سياسي سلمي بغض النظر عن وضعه الجغرافي، لذلك قدمت تصورها ورؤيتها للحل السوري ضمن الرؤية العربية المرفوعة من الجامعة العربية لأمين عام الأمم المتحدة بان كي مون منذ أشهر، كما كان للبحرين موقف ثابت وواضح في قرارات الجامعة والاجتماعات الوزارية، متمنياً نهاية سلمية لهذا الصراع ووصول الشعب السورية إلى مرحلة الازدهار.