لم يكن يدور بخلد الإيرانيين وهم يثورون على حكم الشاه محمد رضا بهلوي ونجاحهم في إسقاط عرش «شاهنشاه» في 11 فبراير 1979، وما قدموا من تضحيات، في سقوط عشرات الآلاف بين قتيل وجريح، أن تختطف ثورتهم من قبل رجال الدين «الملالي»، و«آيات الله» الذين نجحوا في مصادرة الثورة، وفقاً لحسابات مواقفهم الطائفية والتوسعية.
لم يجن الإيرانيون من الثورة على مدار 3 عقود ونيف، إلا مزيداً من تضييق الحريات، وقمع المعارضين، وقتل المناهضين، وانهيار الاقتصاد، وفرض عقوبات دولية نتيجة مغامرات نووية، وإثارة النعرات الطائفية، واضطهاد الطوائف والأقليات المخالفة للفكر الشيعي لاسيما الطائفة السنية، ودعم الميليشيات المسلحة، واحتلال أراضي دول الجوار، وإنفاق المليارات من أجل تصدير الثورة من خلال الأذرع، لتعطيل الحياة السياسية في بلدان تشهد اضطرابات، ولزعزعة الاستقرار في المنطقة، دون أدنى اعتبار لحياة المواطن الإيراني.
فشل نظام ولاية الفقيه فشلاً ذريعاً في ترجمة مبادئ الثورة التي ناضل الإيرانيون من أجلها كي يحيوا حياة كريمة، بدلاً من الظلم والقهر، وانتهج الملالي بديلاً عنها سياسة بسط النفوذ محاولين إحداث اضطرابات طائفية في المنطقة، واعتمدت سياسة إيران الخارجية على الالتزام بالأيديولوجيا على حساب المبادئ ومصالح الشعوب!
وهذا ما حدث في سوريا والعراق ولبنان وأخيراً في اليمن، تلك الدول التي تشهد اضطرابات طائفية، وكان الشيعة العرب وقود طهران، والسنة ضحيتها، في إشعال فتيل التوتر بالشرق الأوسط، لكن تلك السياسة باءت بالفشل في دول مجلس التعاون الخليجي، منذ تأسيس المجلس عام 1981، ليكون حائط الصد المنيع ضد نفوذ طهران، ولم يفلح نظام ولاية الفقيه منذ ذلك الحين في أن يبلغ مراده وفشلت مخططاته التوسعية في أن تصبح إيران «شرطي الخليج» كما كان نظام الملالي يأمل.
تفضح الأقوال والتصريحات قادة إيران في سعيهم لتغيير خارطة الشرق الأوسط، وربما نجحوا بعض الشيء، خاصة أن كل مواضع التوتر تحمل عنواناً إيرانياً ذا توجه طائفي، لكن يبقى السؤال، كيف لبلد يصنع الإرهاب أن يقاومه؟!