أبوذر حسين


لست بصدد الدفاع عن حيوية ونشاط السودانيين، ولست ساعياً لتغيير الصورة الذهنية الراسخة عن «كسل الزول» السوداني، وذلك لسببين أساسيين؛ أولهما لأنني «أتعب» كثيراً من سوالف الدحض للافتراءات والادعاءات، سيما أن طبعي من النوع الذي «يهوى النوم في غير حينه عل لقاء في المنام يكون» أو كما يقول ابن الملوح. وثانياً لأنني من أنصار تعزيز وصف السودانيين بـ «الكسل» بدوافع عاطفية ووطنية خالصة «ليست خالصة تماماً وإنما فيها بعض الدهاء المدهون بخبث ولؤم متوارث في الجينة الإفريقية».
وبمناسبة الانتصار لكسل السوداني، يقال إن «زول أراد أن ينادي ولده، فوجد زوجته تتثاءب، فقال لها: طالما أنك فاتحة فمك فنادي على الولد بالمرة».
استذكر في يوم بالجامعة الأمريكية في بيروت، سألت أديبنا العالمي الكبير الطيب صالح «رحمه الله» عن أننا نواجه في دول الخليج اتهامات بـ «الكسل»؟!.. فأخذ ضاحكاً، ثم قال: «تلك سوق العمل الخليجية الواعدة، وهذه من أساليب المنافسة عليها من إخواننا العرب». واستطرد بشكل مازح وحصري اعتقدته واعتنقته سنيناً ليس للنشر: «كنا قد تناقشنا في هيئة الإذاعة البريطانية عن طرح الموضوع بقالب درامي، ثم تراجعنا بفكرة من طبيب استشاري سوداني مقيم في لندن، يرى أن «داووها بالتي كانت هي الداء».. قلت كيف؟. قال بنفس تعب المزاح الذي ملأ أنفاسه: «انشروا فرية الكسل التي توصفون بها على أوسع نطاق، حينها سيكون أي جهد صغير تقدمونه مقدراً تقديراً مميزاً». وأضاف «علماً لا الادعاء بالكسل، ولا التداعي لفرية الكسل ستدومان طويلاً لأن الخليجيين أصبحوا أكثر فهماً ووعياً وإدراكاً من جميع المتنافسين على سوقهم».
وبالرغم من قناعتي أن الكسل سلوك إنساني يسكن كل المجتمعات البشرية، وقد تعوذ منه المصطفى عليه أفضل الصلوات وأتم التسليم، إلا أن جماعتنا بالسودان يستنكرون ادعاءات الكسل، جملة وتفصيلاً، ويرون أن لا غبار عليهم وعلى نشاطهم وحيويتهم ما لم تأتهم الاتهامات والادعاءات والذم من الشعب الياباني «الشغيغ»، وحتى أن نشاط الشعب الياباني مجروح، لأنه وثق للنوم في أدبه، حينما كانت رواية الرائع ياسوناري كاواباتا التي تسمى للأسف «الجميلات النائمات».
وما دون انتقادات اليابان سيعمل كل السودانيين جنباً إلى جنب مع إخوتهم العرب لدحض الافتراءات الروسية التي تتحدث عن أن «صفة الكسل ملازمة للعرب».. أما «الأزوال» فسيظلون بما يتحلون به من مؤهلات أخلاقية في سوق العمل الخليجي، ولسان حالهم:

لم أر في عيوب الناس عيباً
كنقص القادرين على التمام