قيل الكثير عن تدخل حزب الله في سوريا ومشاركته في القتال، ولكن الجميع متفق أن دخول حزب الله ليس لحماية “الأضرحة” كما ادعى أمينها العام بل لإنقاذ نظام الأسد، وبالتالي الأجهاز على الثورة السورية وحتى لو استدعى الأمر قتل الشعب السوري جميعاً. وقد كشفت تقارير بحثية عن حجم مشاركة الحزب في الحرب السورية وسط تنوع القراءات لأبعادها العسكرية والسياسية والحقوقية.
وكان نشطاء سوريون قد اتهموا حزب الله بالمشاركة في قمع المحتجين السلميين على قمع النظام منذ بداية الثورة في منتصف شهر مارس عام 2011، إلا أن هذه الاتهامات لم تسندها الوثائق والأدلة، كما أن حزب الله استمر بتجاهلها حتى أغسطس من العام ذاته.
“تشير دراسة لجيفري وايت المتخصص في الشؤون العسكرية والأمنية لدول المشرق العربي وإيران نشرها معهد واشنطن إلى أن مقاتلي الحزب إضافة للمقاتلين الشيعة الأجانب يتخذون من المزارات ومكاتب المرجعيات الشيعية والأحياء الشيعية في دمشق ومحيطها مراكز تجمع لهم”.
وقال مصادر إن حزب الله لديه في سوريا “فرق اغتيال” مدربة تدريباً عالياً مهمتها اغتيال القادة العسكريين بين المقاتلين من الجيش الحر والمقاتلين من الموالين للقاعدة.
وفي سبتمبر 2013 اتهم تقرير صادر عن لجنة التحقيق الدولية في أحداث القصير بسوريا، قوات حزب الله بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في سوريا.
وسيعرض التقرير على مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف. ويوصي التقرير بإحالة الملف السوري إلى المحكمة الجنائية الدولية لمحاسبة المسؤولين عن الجرائم.
وتحدث التقرير عن استخدام الحزب صواريخ محمولة شديدة التفجير تؤدي إلى خسائر بشرية كبيرة وتحدث دماراً هائلاً في المباني.
كما اتهم عناصر حزب الله بالسيطرة على محطات مياه الشرب، وقطعها ما أدى إلى زيادة تدهور الوضع الصحي لسكان القصير وجعلها عرضة للأمراض.
وجاء التقرير على ذكر استحالة معالجة المصابين، بسبب القصف المتواصل ورفض قوات النظام السماح لسيارات الإسعاف بالدخول.
وقالت اللجنة إن معارك القصير بدأت بعد أن شنت القوات الحكومة ومقاتلو حزب الله هجوماً واسعاً في المنطقة بين 4 أبريل و8 يونيو، لدفع مقاتلي المعارضة إلى الانسحاب.
ولدور حزب الله في سوريا تداعيات لا في الداخل اللبناني فحسب بل في شتى أنحاء المنطقة، فإذا انتصر الأسد فسينمو نفوذ إيران على شواطئ البحر المتوسط وإذا خسر فمن المرجح أن يلحق الضرر بنفوذ إيران وحزب الله. وتمثل المعركة بالنسبة إلى بعض أعضاء حزب الله صراعا يخص الوجود نفسه.
واعتبر الكثيرون أن دخول حزب الله على خط المواجهة بمثابة احتلال سترتد أسهمه على لبنان كلها. وقال الشيخ صبحي الطفيلي الذي كان زعيماً لحزب الله من عام 1989 إلى عام 1991 إن قرار التدخل كان في يد جمهورية إيران الإسلامية تماماً. وأضاف الطفيلي الذي اختلف مع إيران وحزب الله وخرج من الحزب متحدثاً لرويترز في بيته في سهل البقاع الشرقي قرب الحدود السورية إنه كان الأمين العام للحزب ويعرف أن القرار إيراني وأن البديل كان خوض مواجهة مع الإيرانيين. وتابع أنه يعرف أن اللبنانيين في حزب الله والسيد حسن نصر الله أكثر من أي حد آخر غير مقتنعين بهذه الحرب.
دخول داعش على خط النار
مهما قيل عن تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام «داعش»، ومهما سيقال ويكتب عن هذا التنظيم الإرهابي؛ فإن الأدلة واضحة والمعاني قاطعة، جميعها تقر بأن «داعش» تربية إيرانية وصناعة أمريكية، وإليكم الأدلة والبراهين.
في مايو 2014 قالتها «داعش» بالحرف الواحد على لسان الناطق باسمها أبو محمد العدناني؛ لن نهاجم إيران، فـ «قطعت الشك باليقين»، حيث قال: «الدولة الإسلامية ظلت تلتزم نصائح وتوجيهات شيوخ الجهاد ورموزه، ولذلك لم تضرب الدولة الإسلامية في إيران منذ نشأتها، وتركت إيران آمنة (…) امتثالاً لأمر القاعدة، للحفاظ على مصالحها، وخطوط إمدادها في إيران»!!
وقد كشفت رسالة العدناني حقائق عجزت أعتى أجهزة المخابرات عن كشفها طوال سنين، وهي العلاقة بين القاعدة وإيران، والتي وإن كانت غير خفية لكثيرين، فإنها اليوم باتت سافرة ودامغة، ومنذ أن عبر المئات من عناصر تنظيم القاعدة من أفغانستان التي دخلها الجيش الأميركي مطارداً لهم في 2001، إلى العراق مروراً بإيران، بدأ الحديث يظهر عن تعاون الجمهورية الإسلامية مع إرهابيي القاعدة.
وكان ثابتاً استناداً إلى اعترافات عدد من عناصر القاعدة، الذين اعتقلوا في العراق آنذاك، أن الحرس الثوري الإيراني و«فيلق القدس» سهلاً على الجهاديين العرب الفارين من حرب خاسرة آنذاك في أفغانستان العبور إلى العراق لمقاتلة القوات الأميركية بالوكالة عن طهران، التي أعلنت موقفها الرافض لغزو العراق في 2003.
وبعد ثورة سوريا في فبراير 2011؛ كشفت قوائم العقوبات المالية التي أصدرتها وزارة الخزانة الأمريكية عن دعم إيراني للقاعدة، إذ تبين أن شركات وأشخاصاً إيرانيين ومقيمين في إيران يتولون نقل الأسلحة والمقاتلين لتنظيم القاعدة في سوريا، وبعلم السلطات الإيرانية، ليكونوا في خدمه النظام السوري من أجل تمزيق المعارضة السورية، خصوصاً المسلحة، من خلال إلهائها بحروب هامشية، كما يحصل بين الجيش الحر والجبهة الإسلامية من جهة ، و«داعش» من جهة أخرى.
في مايو 2005 نشرت رسالة للقيادي القاعدي المصري سيف العدل، الذي كان مقيماً بإيران، وقد أشرف على تفجيرات مايو بالرياض 2003، تحدث فيها عن علاقته بالأردني أبي مصعب الزرقاوي وظروف هروبهما من أفغانستان مروراً بإيران، فيما سمي بـ «الانسياح» في الأرض، حسب سيف العدل، وساح معه كثير من المقاتلين إلى إيران، وقد أسكنهم الإيرانيون في مقرات الحزب الإسلامي التابع للقائد الأفغاني حكمتيار في طهران.
ثم وبعد؛ تعالوا لنكشف علاقة «داعش» بالولايات المتحدة، ولا أعتقد أن هناك دليلاً «يخزق العين» أصدق من كلام إدوارد سنودن، العميل السابق بوكالة الأمن القومي الأمريكي (NSA)، والذي قال في أغسطس 2014: «إن المخابرات المركزية الأمريكية (CIA) بالتعاون مع مخابرات إنجلترا (MI6) والموساد الإسرائيلي، هم من عملوا على تأسيس ما يسمى بتنظيم الدولة الإسلامية المعروف بداعش في المنطقة»، وسرب سنودن، الهارب الأمريكي الذي يعيش حالياً كلاجئ في روسيا، معلومات سرية نشرتها صحيفة «تقويم» التركية، أوضحت أن مخابرات الدول الثلاث هدفت من وراء تشكيل «داعش» إلى إحداث نوع من الفوضى في معظم دول المنطقة، وإدارة الإرهاب حول العالم ضمن استراتيجية أطلقوا عليها «عش الدبابير». عزيزى القارئ؛ هل تتساءل مذهولاً عن جدوى تحالف الشر والعار والعلاقة التي تربط الولايات المتحدة الأمريكية بإيران؟
اليوم ومع دخول الثورة السورية عامها الخامس، يدرك السوريون أن إسقاط نظام بشار الأسد هو الطريق الوحيد لإسقاط تنظيم داعش، وإسقاط مشروع إيران الصفوي في المنطقة العربية، اليوم نشاهد روح الثورة السورية في كل المناطق الخارجة عن سيطرة النظام والتنظيم في رسالة مفادها أن الثورة مستمرة، وأن أهدافها ثابتة ولن تتغير مهماً تكالب عليها العالم، فالحرية والعدالة والكرامة وإسقاط النظام وتنظيم داعش هدف كل سوري حر يؤمن ببلد تسوده العدالة، والحرية، والعيش الكريم.