كتبت ـ عايدة البلوشي:
فوجئت أمل علي بعد أسبوع واحد من الزواج، بزوجها يرتب خزانة الملابس ويطهو الطعام ويكوي الثياب وينظف المنزل، وتسأل رشا أحمد «إذا كانت الحياة الزوجية تشاركية، لماذا تفعل الزوجة ذلك بينما الزوج يتمنع؟».
وعودت سمية جاسم أطفالها الذكور منهم والبنات، على مفهوم المشاركة والمساعدة في الواجبات المنزلية، فيما يعترف ناصر محمد أنه تربى على الاتكالية منذ نعومة أظفاره «حتى كأس الماء أحتاج من يجلبه».
الزوج «اللقطة»
بعد أسبوع من الزواج فوجئت أمل علي (33عاماً) بزوجها يرتب خزانة الملابس وعندما طلبت منه التوقف، أجابها أنه يشعر بالسعادة عند قيامه بذلك.
اعتقدت أمل حينها أن الحالة طارئة لا تلبث أن تزول، وأن زوجها يساعدها لأنها ماتزال عروساً «اليوم مضى على زواجنا ثلاث سنوات وما يزال زوجي يساعدني في بعض أعمال المنزل خاصة عند غياب الخادمة لظرف من الظروف، ويعد الطعام أحياناً».
وتضيف «في الحقيقة استغربت كثيراً من قيام زوجي بالأعمال المنزلية بعد عودتي من شهر العسل، حينها لم تكن لدينا خادمة، أتذكر أنه نظف الشقة من الغبار عمل كل شيء».
تربت أمل في بيئة الرجل فيها لا يعترف بالأعمال المنزلية نهائياً، بمعنى آخر بيئة لا يدخل فيها الرجل المطبخ وما عليه سوى إصدار الأوامر وتنفذ في حينها «كانت والدتي مثلاً تمنع أخي من الأعمال المنزلية ولو كانت بسيطة، أقلها أن يضع ملابسه المتسخة في الغسالة، وتطلب منا البنات القيام بذلك، ولا يصح أن يشرب الماء بنفسه، بل عليه أن ينادي ويحصل على من يخدمه فوراً دون إبطاء، عشت هذا الواقع طوال 29 سنة، وبعد الزواج غير زوجي وشريك حياتي هذا المفهوم الخاطئ، دخل المطبخ وغسل الأواني أعد الأطباق».
الحياة التشاركية
وتعلق رشا أحمد أن الأعمال المنزلية يجب ألا تقتصر على المرأة «الأعمال خارج المنزل مهمة الرجل والمرأة تساعده فيها، فإذا كانت الأعمال المنزلية من نصيب المرأة حسب العادات والتقاليد، فالأعمال الخارجية من اختصاص الرجل عملاً بالعرف، ولكن في الواقع نجد المرأة تساعد الرجل بينما هو لا يفعلها».
وتضيف رشا «المرأة توصل الأبناء إلى المدرسة، وتشارك زوجها في العمل من أجل تحسين مستوى الأسرة المعيشي، واليوم المرأة دخلت حتى الكراجات، فلماذا يمانع الرجل الشرقي المساهمة في الأعمال المنزلية، فالحياة مشاركة بين الطرفين، فإن كانت حواء اليوم تشارك آدم في واجباته، فعليه في المقابل أيضاً أن يشارك زوجته وأخته وأمه في الأعمال المنزلية».
اخدم نفسك بنفسك
وتقول سمية جاسم إن الأعمال المنزلية لا تنتقص من رجولة الشاب أو الرجل، بل تسعد المرأة وتحقق حياة زوجية رغيدة تقوم على المشاركة بين الطرفين.
علمت سمية أبناءها مفهوم المشاركة داخل الأسرة، عودتهم أن الرجل لا يصدر الأوامر والنواهي فقط بل يعمل ويساعد، ويخدم نفسه بنفسه، ما يعزز روح التعاون بين أفراد الأسرة.
ومن أروع ثمار هذه التربية تضيف سمية «صورة أبنائي وبناتي عندما يتشاركون جميعاً في تحضير طاولة الطعام، وبعد الانتهاء من تناول الطعام يتساعدون في حمل الصحون إلى المطبخ، بذلك تعود الأولاد كيف يخدمون أنفسهم، لذلك عندما تخرج ابني من المرحلة الثانوية وسافر إلى الخارج لمواصلة دراسته وأصبح لزاماً عليه خدمة نفسه، لم يجد صعوبة في ذلك مقارنة بأصدقائه الاتكاليين».
الخبرة معدومة
ويعترف ناصر محمد أنه لا يعرف أدنى أسس الأعمال المنزلية، حيث تربى في بيت والدته على أن تتولى الخادمة جميع الأعمال المنزلية إضافة إلى خدمته في حال طلب حاجة، ولم تكن والدته تسمح له بدخول المطبخ حتى لشرب الماء، وكانت هي من تتولى المهمة أو تكلف أحد أخواته.
ناصر لا يعرف اليوم حتى أين توضع أواني وأدوات المطبخ، وبعد الزواج لم يحتج إلى القيام بالأعمال المنزلية، وأوكل المهمة للخادمة وأراح نفسه.
يضيف «للأسف جرى العرف في مجتمعاتنا العربية أن الرجل الشرقي لا علاقة له بالأعمال المنزلية، ويجد دائماً من يخدمه منذ طفولته، وأيضاً انشغاله بالأعمال الخارجية، كل هذه العوامل تعزف الشباب عن الأعمال المنزلية».
المشاركة مرفوضة
وعن تجربتها تقول «س . ع»، إن مساهمة الرجل بالأعمال المنزلية مرفوض جملة وتفصيلاً في المجتمع الشرقي مهما كانت الأسباب والظروف، وهذا ما لمسته في واقعها.
عندما سافرت الخادمة بعد ولادتها مباشرة، وكانت حينها موظفة وطالبة وأم وزوجة، والمطلوب منها إنهاء الواجبات المنزلية من طبخ وغسيل وتربية الأبناء وتدريسهم، على أن يتولى الزوج مهمة الإشراف فقط «عندما طلبت منه المساعدة والمساهمة حاول حسب إمكاناته مساعدتي ولكنه سرعان ما مل، وعندما زارتني أمه في البيت ورأته يدرس ابنه قالت (وين أمه) كأن دور التربية والتعليم مقتصر على المرأة، ففي مجتمعاتنا هناك بعض مفاهيم خاطئة يجب أن تصحح وفي مقدمتها مساهمة الرجل بالأعمال المنزلية».
{{ article.article_title }}
{{ article.formatted_date }}