كتب- أحمد الجناحي:
فـي الموسيقى، بلاد تستدل على المنامــة بالطريق إليها، وشواهدها.. بقلبها الذي يودع الآن ثالث فصوله باتجاه الأخير منها، في الموسيقى، ينبت للبحر رصيف يصل إلى حلم المنامة ويصغي إلى صوتها في يوم السياحة العالمي، عبر أوكسترا وموسيقى الفن الرحباني الكبير، الذين تركوا الوقت مفتوحاً على مايبدعه الصوت والصمت، منذ الأخوين رحباني، ثم منصور، إلى إلياس، مروان، غدي وأسامة الرحباني. الذين قدموا الجمعة الماضي ليلة صيف رحبانية، وجادوا بموسيقاهم وأغانيهم روائع الذاكرة العربية، ضمن فعاليات المنامة عاصمة السياحة العربية 2013.
ولأن الأغنيـــة أجمــــل رســالات العالــــم والشعوب، وصوت الإنسان القادر علـــى تخطي المسافة، تعيش المنامة عاصمة السياحة العربية للعام2013، ذاكرتها البديعة، تحت سماء البحرين المنيرة، بكثير من إرث الجمال والحب والإبداع العربي في الموسيقى والمسرح والشعر والغناء، عائدة بالذاكرة الجميلة إلى الوراء، مسترجعة أغاني باقية في ذاكرة القلب في مسرح البحرين الوطني برفقة المدرسة الرحبانية، حيث الأغنية ذاكرتها الصوتية المشتركة مع الوطن العربي وخارطتها الحميمية التي تختزل 70 عاماً من الأغنيات.
وعلى الخشبة، وبرفقة أوركسترا غدي وأسامة الرحباني، أغلقت بوابات المسرح، وعزف النشيد الوطني لمملكة البحرين كتحية للشعب البحريني وللحضور، تلتها موسيقـى «سفربلك» من تأليف الأخويــــن الرحباني التي جذبت الجمهور وأسرته خلف إيقاعاتها المتميزة، وبعد أداء الأغنية الأولى «حي الزوار»، حيا الجمهور، بتصفيق حار يشبه الجو البحريني في الصيف وربما أكثر الفرقة، واستمر التصفيق مع ظهور كل فنان ومع إيقاع كل أغنية، وكأن الجمهور مستمتع كثيراً بأسر الإيقاعات له خلف قضبانها العذبة.
وقدم الرحباني نخبة متنوعة من أجمل أعمال الأخويين الرحباني، ومنصور، وإلياس الرحباني، بتوليفة جديدة للأعمال القديمة موسيقى وتوزيعاً مع عزف ا?وركسترا، إضافة إلى مقطوعات موسيقية مبهرة، وأغنيات المدرسة الرحبانية والموشحات بإعداد وتوزيع فني مغاير يقدمه كلٌ من غدي وأسامة الرحباني، وبإشراف الفنان مروان الرحباني، امتدت السهرة بمفاجآت موسيقية وشعرية ما بين بيانو أسامة الرحباني ومداخلات كلامية لغدي الرحباني.
وعلى صعيد متصل، من الإبداع والتميز، كان تألق أداء الرحباني واضحاً في انسجام المغنيين مع الأوكسترا أو حتى مع بعضهم بعض في الأغاني الثنائية والثلاثية وحتى الجماعية، فضلاً عن تناغم الأداء الغاني مع حركات الجسم التي كونت صورة لدى الجمهور أن الواقف على خشبة المسرح يغني من القلب إلى القلب ويعيش أحاسيس الكلمــات فــي اللحظــة والآن، وانبعثـــت الأغنيات والشعر الموسيقى في الأداءات المنسجمة لأهم وألمع نجوم مدرسة الرحابنة، وهم: «غسان صليبا»، الذي يعد من الأصوات الرائعة، على مستوى عالٍ من الجمال الصوتي والكاريزما القوية، «رونزا»، أصغر من انضمت إلى الكورس، قبل أن تواصل طريقها الفني وتحقق ذاتها، فادية الحاج، بدأت بانطلاقة قوية حتى تمكنت من تشكيل عالمها الفني الخاص، هبة طوجي «صاحبة إمكانيات رائعة على صعيد التمثيل والغناءـ وهي أصغر بطلة مسرحية في مدرسة الرحابنة»، سيمون عبيد، نادر خوري وإيلي خياط، من أجمل الأصوات وأكثرها إتقاناً، ويمثلون 3 من فرقة الفرسان الأربعة.
حضر الحفل عدد من الوزراء، وجمهور غفيـر امتلأت به كل مقاعد الصالة، من محبي الرحابنة والأغنيات اللبنانية، واختصرت المنامة طريقها إلى العالم، من خلال 70 عاماً رحبانياً فيما يقارب 30 أغنية، انبعثت فيها الأغنيات تباعاً بدءاً من الأخوين الرحباني وصولاً إلى الزمن الحاضر مع نتاجات هذه المدرسة والأغنيات المرتبطة بمسرحياتها.
المحيط الكبير والشاسع من الشعر والموسيقــــى اقتبســــت منــــه «ليلـــــة صيـــــف رحبانية» العديـــد من الأعمــــال التي تشبت بالأخوين الرحباني وعاشت معاصرتها في الوقت ذاته، وفق توزيع أوركسترالــــي متألـــق، برفقــــة الفرقــــة السيمفونية الوطنية الأوكرانية وبقيادة المايسترو فلاديمير سيرانكو، بالإضافة إلى عشرين من مغني الكورال. كان من تلك الأغنيات: «حي الزوار»، «كل يوم بقلك صباح الخير»، «نسم علينا الهوا»، «كنا سوا»، «شباك حبيبي»، «مراكبنا ع المينا»، «مضويــــة»، «وطنـــي بيعرفنـــي» و«ليل ليل ليل» التي اختتم بها الفنانون الفصل الأول من الحفل. قبل أن تعاود الدهشة نفسها في الفصل الثاني من الحفل الذي بدأ مع «موشحات شهرزاد»، تلتها «حبيتك وبحبك»، «موال ع كتف المي»، «إيماني ساطـــــــــع»، «غريبيــــــــن وليـــــــــل»، «كـــــان عنــا طاحونـة»، «كـــــان الزمــان وكـان»، «بيقولـــوا زغيـــر بلـــدي» وأخيراً «بمجدك احتميت»، وأختتم الحفل بمدلي وطني لبناني.
السيرة الرحبانية كانت طريق المنامة عاصمة السياحة العربية للاحتفاء باليوم العالمي للسياحة، بحكايات حملتها ذاكرة الوطن العربي، وبموسيقى كانت تقول الفرح! تتحسس الماضي الجميل، ولا زالت قادرة على أن تتسع لكل هذا الجمال، وكل تلك الموسيقى والشعر.