قالت جمعية الإصلاح إن مؤسسها الشيخ عيسى بن محمد آل خليفة، رحمة الله عليه، كان من أوائل الداعين لقيم الانفتاح والولاء والانتماء والتضحية والإخلاص للوطن ومبادئ التعايش والتسامح والتكافل ورص الصفوف وتقوية أواصر النسيج الاجتماعي التي عمل من أجلها طوال حياته، حيث كان يتمتع بشخصية سمحة اتصفت بالصراحة والاستقلال والبساطة والأخذ والعطاء واحترام الآخرين. ونظمت الجمعية أمس «منتدى الشيخ عيسى بن محمد آل خليفة»، بقاعة عبدالرحمن الجودر بمقر الجمعية بالمحرق، حيث استذكر المتحدثون مناقب الفقيد الراحل وإسهاماته الوطنية والاجتماعية والخيرية والمهنية. وحضر المنتدى الشيخ محمد بن عيسى آل خليفة نجل الشيخ عيسى رحمه الله، وعدد من الشخصيات الوطنية والفكرية وأصحاب الفضيلة، وحشد كبير من أعضاء الجمعية ومن المهتمين بسيرة الشيخ عيسى رحمه الله.الوسطية والاعتدالوألقى د.عبداللطيف الشيخ كلمة الجمعية بالمنتدى بين فيها أن إقامة هذا المنتدى يأتي في إطار رد الوفاء والجميل لشخصية وطنية وإصلاحية استطاعت أن تكتب بخطواتها وبحروف من نور ما يدفع جيلنا المعاصر والأجيال المتعاقبة على تعزيز دورها الوطني والدعوي بأسلوب حضاري مستنير خدمة للدين والوطن، وقال الشيخ: «لقد ترك الشيخ عيسى بن محمد برحيله فجوة قد لا تعوض نظراً لمكانته وفكره الوسطي المعتدل، ولتاريخه المشهود في مجال الدعوة إلى الله داخل البحرين وخارجها، إضافة لجهوده بالعمل الخير التي امتدت بثمارها إلى خارج البحرين». وأضاف الشيخ: «لقد أرسى الشيخ عيسى بن محمد رحمه الله ومن خلال لقاءاته مع أبنائه أعضاء الجمعية ومن خلال اجتماعات مجلس إدارة الجمعية التي رأسها لـ18 دورة متعاقبة عدة أسس لعمل الجمعية أهمها الانفتاح على المجتمع والتواصل مع الآخرين والدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة، وعدم نبذ الآخرين، فضلاً عن التركيز على الجانب الأخلاقي الذي يعد قوام الإصلاح في المجتمع، كما كان رحمه الله يدعو للمحافظة على الإخاء والأخوة بين أعضاء الجمعية، ويشدد على ضرورة ألا يؤثر أي اختلاف إن وجد على العمل الذي نقوم به، ولعل من أهم الأسس التي سعى لترسيخها الاهتمام باللحمة الوطنية، فقد كان حريصاً على الوحدة ولم الشمل». وختم الشيخ حديثه: «ستستمر جمعية الإصلاح بإذن الله في أداء رسالتها الوسطية المعتدلة وفق الأسس التي تركها الشيخ عيسى رحمه الله، سائلين المولى تعالى أن نكون كالأبناء الصالحين الذين يدعون لآبائهم من خلال عملهم الذي سيثمر بشجرة باسقة أصلها ثابت وفرعها في السماء».دور وطني حكوميواستعرض رئيس مجلس الشورى علي الصالح الدور الحكومي والوطني الذي قام به الشيخ عيسى رحمه الله، قائلا: «كان منهجه الدائم في العمل التشجيع والتحفيز، وإتاحة الفرص المتكافئة أمام جميع زملاء المؤسسة الواحدة، كما تميز بالتواضع الجم، ودماثة الخلق، والتعامل الراقي بالرفق واللين، وكان باب مكتبه وقلبه الكبير مفتوحين ليستقبل برحابة صدر كل صاحب حاجة أو طلب أو مشكلة. كان يحب الناس ويستمتع بخدمة صاحب الحق منهم، ويتقبل الرأي الآخر، وكانت لديه قدرة لا تخطئها العين في تبني الخيارات العملية، وطرح الأفكار الإبداعية».وأضاف الصالح: «لقد أدرك الشيخ عيسى رحمه الله وخلال توليه زمام وزارة العمل الأهمية البالغة للأبعاد الإقليمية والدولية للقضايا العمالية والاجتماعية والتنموية، وضرورة تبادل الخبرات والتجارب مع دول العالم المتقدم، فبادر إلى الدعوة لعقد المؤتمر التأسيسي لوزراء العمل والشؤون الاجتماعية بدول مجلس التعاون الخليجي، واحتضان أمانته العامة ومقرها الدائم في المنامة، وبفضل متابعته الحثيثة ومساعيه الجادة، امتد طموحه إلى فضاءات أرحب، حيث انضمت البحرين لعضوية العديد من المنظمات العربية والدولية، وفي مقدمتها مجلس وزراء الشؤون الاجتماعية العرب، ومنظمة العمل العربية، ومنظمة العمل الدولية، والمشاركة في العديد من المؤتمرات والهيئات المتخصصة في ميادين ذات علاقة بالشأن العمالي والاجتماعي والتنموي».وقال الصالح: «حقاً كان عيسى بن محمد شخصية فريدة ونادرة تواصلت اهتماماته، وامتد عطاؤه المحمود على اتساع وشمولية قضايا الشأن العام، فكان الحاضر في كل ساحة من ساحات العمل الوطني السياسي والاجتماعي والثقافي والدعوي والإنساني، وبذات المقدار كان له الحضور الريادي في ميادين العمل الخيري والأهلي والتطوعي، بفضل فكره الوسطي، وتوجهاته الجامعة البعيدة عن صور التعصب والتطرف والتوجس من الآخر. كما برز دوره القيادي في جمعية الإصلاح حيث تمكن من إرساء أسس ثابتة وتقاليد راسخة لمضامين عمل مؤسسات المجتمع المدني وجمعيات النفع العام».وفي كلمة مسجلة، أكد المستشار عبدالله العقيل على إسهامات الشيخ الخارجية في خدمة الإسلام والمسلمين، مبيناً بأن الشيخ عيسى ليس ابن البحرين فحسب بل ابن الإسلام لما قدمه من إسهامات جليلة يتذكره به كل قطر يقوم بزيارته.الصراحة والاستقلالبعدها ألقى رفيق دربه في العمل الوطني والحكومي د.علي فخرو كلمة فاضت فيها المشاعر الأخوية الصادقة بما عرفه من سجايا نبيلة عن الشيخ حيث أوضح بأن الشيخ عيسى كان نتاج بيت عائلي متميز، والأم كانت شخصية إنسانية اجتماعية متميزة في عطائها وحبها للآخرين المحتاجين، حيث انعكس ذلك الدفئ الحنون، قيماً وأخلاقاً على كل الأبناء، وكان في مقدمتهم الشيخ عيسى رحمه الله.وأضاف فخرو: «كانت معرفتي به كوزير رفيق درب، في مجلس الوزراء حيث اتصف بالصراحة والاستقلال والبساطة والأخذ والعطاء مع الآخرين باحترام وأدب جم، وقد ساهم المرحوم بجدارة والتزام وطني أخلاقي بحقوق العمال المعيشية وفي حقهم في الانتظام في جمعيات نقابية مستقلة وفاعلة وغير مخترقة، وكان بحق من منطلقه الأخلاقي والديني والوطني ومن خلفيته القانونية، أقرب إلى العمال منه إلى صاحب العمل».خدم الوطن والمسلمينوسلط الأمين العام لجمعية المنبر الوطني الإسلامي د.علي أحمد عبدالله الأضواء في كلمته على دور الشيخ عيسى رحمه الله في الشأن السياسي العام حيث بين بأن الشيخ رحمه الله قد أفنى حياته خادماً لقضايا أمته ووطنه ودينه سواء أثناء تقلده المناصب العامة، أو من خلال العمل الدعوي والتطوعي والخيري خدمة للوطن والمواطنين بل والمسلمين في جميع أنحاء العالم.وأضاف: «كان الشيخ عيسى رحمه الله تواقاً إلى حرية ينعم بها الجميع، وحياة ديمقراطية يتشاركها الجميع، وعدالة اجتماعية يتقاسمها جميع المواطنين، لذلك كانت من مواقفه التي سجلها له التاريخ بحروف من نور رفضه لقانون أمن الدولة وهو من هو، فصدع بالحق حين جبن الناس وتقدم الصفوف حين تأخر الناس».وأردف د. علي أحمد قائلاً: «عندما أطلق جلالة الملك مشروع الإصلاح الذي أعد في 2000، تشكلت على أثره لجنة من شخصيات اعتبارية في المجتمع لإعداد ميثاق توافقي للعمل الوطني، وكان من ضمن أعضائها البارزين الشيخ عيسى رحمه الله بصفته رئيساً لجمعية الإصلاح، وفي هذه الأثناء كانت جمعية الإصلاح قد انتهت من كتابة مسودة مشروعها الوطني المقترح، وقد استفاد الشيخ عيسى رحمه الله كثيراً من هذه المسودة في أطروحاته داخل لجنة إعداد الميثاق الوطني».وتحدث عضو جمعية الإصلاح يوسف محمد يوسف عن شخصية الشيخ عيسى وإنجازاته، مبيناً صعوبة اختزال سيرة الشيخ الزاخرة بالخير والعطاء والإنجاز والنجاح في كلمات قليلة. وقال: «لقد أسس رحمه الله مع إخوانه عملاً مؤسسياً لم يرتبط بشخصه، بل كان أساسه الفريق الواحد، فإنك لتراه وهو يترأس اجتماعات مجلس الإدارة، ويحتدم النقاش، وترتفع الأصوات، وهو صامت مبتسم، يسمع إلى الآخرين مهما تباينت أفكارهم، حتى إذا انتهوا لخص آراءهم، وذكر رأيه، ثم نزل على رأي المجلس سواء وافق رأيه أم خالفه».
970x90
970x90