زهراء حبيب


أسقطت المحكمة الكبرى الجنائية الرابعة أمس، الجنسية عن 23 مداناً بتأسيس جماعة إرهابية وقتل الشرطي علي محمد علي في دمستان والمواطن عبدالكريم جعفر في كرزكان بتفجيرين إرهابيين، بينما قضت بإعدام أحد المدانين وبالمؤبد للبقية، وتغريم مدانين اثنين 200 ألف دينار، حسب ما أعلن المحامي العام رئيس نيابة الجرائم الإرهابية أحمد الحمادي. وأدين الأشخاص الـ23 بتأسيس جماعة إرهابية والانضمام إليها، وقتل أحد أفراد الشرطة أثناء وبسبب تأديته لواجبه وشخصاً مدنياً، وإحداث تفجير واستعمال وحيازة المتفجرات والأسلحة تنفيذاً لأغراض إرهابية، وجمع أموال لجماعة إرهابية والتجمهر والشغب وحيازة «المولوتوف».
وتعود تفاصيل الواقعة إلى ورود بلاغ عن زرع أشخاص مجهولين بتاريخ 8 ديسمبر 2014 جسماً متفجراً قرب المعسكر التابع لقوات الأمن الخاصه بمنطقة دمستان، واستدراج أفراد الشرطة لمكان زراعة الجسم بإحداث أعمال شغب وتفجيره بهم، ومهاجمتهم بزجاجات «المولوتوف» ما أدى إلى وفاة أحد أفراد الشرطة متأثراً بإصابته.
وورد بلاغ آخر عن انفجار جسم غريب قرب مسجد زين العابدين بمنطقة كرزكان، أدى لإصابة رجل بحريني كبير بالسن بإصابات بالغة أودت بحياته، بينما أصيب شخص آسيوي ونقل إلى المستشفى.
وبعد إجراء التحريات وجمع المعلومات، تبين أن المدانين هم ذاتهم من ارتكبوا الواقعتين، وأظهرت التحريات أنهم شكلوا خلية إرهابية تخصصت في تصنيع المتفجرات لاستهداف رجال الشرطة. وأثبتت التحريات الجدية أن المدانين شاركوا في تأسيس الخلية الإرهابية، بهدف استهداف رجال الأمن، وإحداث أكبر قدر من الخسائر بهم وبمركباتهم، وبث الرعب والفزع بصفوفهم وبين المواطنين والمقيمين، وإشاعة الفوضى في البلاد. واستغل أحد المدانين المناسبات الدينية لجمع التبرعات لدعم نشاطهم الإرهابي، بينما دلت التحريات على أنهم جندوا العديد من الأشخاص للانضمام للخلية، ومساعدتهم لتحقيق نشاطهم الإرهابي مع علمهم بذلك.
ودلت التحريات على أن المدانين وآخرين من ضمن الأشخاص المنضمين إلى التشكيل الإرهابي، حيث إن معظم من سكنة منطقة دمستان. ومن خلال تكثيف التحريات عن الوقائع الحاصلة بمنطقة دمستان وكرزكان، تبين أن المدانين اتفقوا فيما بينهم وخططوا لعملية قتل أفراد الشرطة بمنطقة دمستان.
وصنع مدانان منهم قواذف محلية الصنع يتم تفجيرها عن بعد باستخدام هواتف نقالة، وكانت خطتهم زراعة القاذف قرب معسكر الشرطة والاستعانة بالمدانين المجندين بالاتفاق معهم لإحداث أعمال شغب بالمنطقة ومهاجمة معسكر الشرطة بمنطقة دمستان بزجاجات «المولوتوف» المعدة مسبقاً.
وجرى الاتفاق على أن تهاجم مجموعة من المتجمهرين برج المراقبة بالمعسكر بواسطة «المولوتوف»، بينما تستكمل المجموعة الأخرى مهاجمة أفراد الشرطة لاستداجهم لمكان زراعة القاذف، في حين تراقب المجموعة الثالثة الطريق وتساعد المجموعات على مهاجمة الشرطة، وتفجير القاذف عند اقتراب أفراد الشرطة من المكان.
ونفذ المدانون مخططهم الإرهابي بهذه الطريقة، ما أدى لإصابة أحد أفراد الشرطة بإصابات بالغة عند تفجير القاذف الذي زرعه المدان الأول قرب المعسكر وأدت لوفاته.
وخططت الخلية أيضاً لزراعة قاذف آخر بمنطقة كرزكان صنع مسبقاً من قبل مدانين، حيث كانت الخطة هي بذات أسلوب التفجير الأول باستدراج رجال الشرطة بمهاجمتهم بزجاجات «المولوتوف» لمكان القاذف.
وزرعت المدان الأول القاذف قرب مسجد زين العابدين بمنطقة كرزكان، وكان من المفترض بعد انتهاء العملية الأولى أن ينفذوا العملية الثانية، إلا أنه بعد تفجير القاذف الأول ووفاة شرطي، تم تطويق المنطقة من قبل قوات الأمن، ما حدا بالمدانين إلى تأخير تنفيذ العملية الثانية، ولكن دون إزالة القاذف المتفجر من كرزكان.
وفي صباح اليوم التالي انفجر القاذف نتيجة ورود رسالة من شركة الاتصال على الهاتف المثبت عليه، وأدى الانفجار إلى مقتل أحد الأشخاص المدنيين بعد إصابته بإصابات بالغة، وأصيب آسيوي ونقل للمستشفى لتلقي العلاج. وأشارت المحكمة في حيثيات حكمها، إلى أن المدانين الأول والثالث والرابع مولوا الجماعة الإرهابية، مستغلين المناسبات الدينية لهذا الغرض وتوزيعها على المدانين الآخرين بالقضية. وقالت إن التهم المسندة إليهم نظمها مشروع إجرامي واحد، والمحكمة تقضي بالعقوبة الأشد، لذا قضت بالإعدام والسجن المؤبد، وفق قانون مكافحة غسيل الأموال. وينص قانون مكافحة غسيل الأموال في مادته (3) فقرة (1) بأنه يعاقب بالسجن المؤبد وبغرامة لا تقل عن 100 ألف دينار ولا تجاوز 500 ألف دينار، كل من جمع أو أعطى أو خصص أملاكاً أو أموالاً أو عائداتها لجمعية أو جماعة أو منظمة أو هيئة أو عصابة تمارس نشاطاً إرهابياً، يكون مقرها داخل البلاد أو خارجها، أو لأحد المنتمين إليها، أو نفذ لمصلحتها بأية عملية، أو قدم لها دعماً أو تمويلاً بأية وسيلة، وكان يعلم بممارستها لنشاط إرهابي. واستندت النيابة في التدليل على ثبوت التهم بحقهم، إلى أدلة مستندة ضمن إقرارات ستة مدانين وشهود الإثبات والمضبوطات والأدلة الفنية من تقارير مختبرية دالة على وقوع الجرائم وارتكاب المدانين لها. ووجهت للمدانين الأول والثاني تأسيس وإدارة وتنظيم جماعة على خلاف أحكام القانون، الغرض منها الدعوة لتعطيل أحكام الدستور والقوانين ومنع مؤسسات الدولة وسلطاتها من ممارسة أعمالها والإضرار بوحدتها الوطنية، وكان الإرهاب من وسائلها المستخدمة في تنفيذ هذه الأغراض.
وأسندت النيابة للمدانين من 3 ـ 23 تهمة الانضمام ـ وآخرين مجهولين ـ للجماعة الإرهابية، وجميعهم يعلمون بأغراضها الإرهابية. ووجهت للمدانين جميعاً بأنهم قتلوا ـ مع آخرين مجهولين ـ العريف علي محمد علي عمداً مع سبق الإصرار والترصد، بأن بيتوا النية لقتل رجال الشرطة، وأعدوا لهذا الغرض عبوة مفرقعة وزرعوها قرب معسكر الشرطة بمنطقة دمستان، واستدرجوا رجال الشرطة لمكانها، من خلال إحداث أعمال شغب، ورميهم بـ»المولوتوف».
وتربص المدانون للشرطة بهذا المكان، وما إن وصل المجني عليه مع بقية أفراد القوة لمكان زرع العبوة المفرقعة، حتى ظفروا به وفجروها، قاصدين إزهاق روحه، ما أحدث به إصابات أودت بحياته، مع توقعهم لهذه النتيجة. واستعمل المدانون وآخرون مجهولين العبوة المفرقعة تنفيذاً لغرض إرهابي، وحازوا وصنعوا العبوة المفرقعة، وحازوا «المولوتوف». ووجهت لهم تهمة الاشتراك في تجمهر ـ أكثر من 5 أشخاص ـ الغرض منه الإخلال بالأمن العام، وتعريض حياة الناس والممتلكات العامة والخاصة للخطر.
وأسندت للمدانين (1 و2 و3 و5 و6 و7 و8 و9 و11 و12 و16) تهمة أنهم حاولوا ـ وآخرون مجهولون ـ إحداث تفجير لغرض إرهابي بزراعة عبوة مفرقعة في الطريق العام في منطقة كرزكان، بغرض استدراج رجال الشرطة، وتفجيرها عن بعد باستخدام شرائح الاتصال للهواتف النقالة، لكنه تم تفجيرها قبل تمكنهم من استدراج الشرطة إلى مكانها، بسبب حدوث خلل في الاتصال بالشريحة المثبتة على العبوة المفرقعة عن طريق الشركة التابعة لها.
واستعمل المدانون ـ وآخرون مجهولون ـ العبوة المفرقعة ونجم عنها وفاة مواطن ورجل آسيوي تصادف مرورهما في مكان انفجارها، وتعرضوا لإصابات أودت بحياة الأول وأصيب الثاني جراءها، وتضرر سيارة آخر، وحازوا العبوة المفرقعة دون ترخيص من وزير الداخلية.
ووجهت النيابة العامة للمدانين الأول والثالث والرابع تهمة جمع أموال للجماعة الارهابية، بأن استغل الأول المناسبات الدينية لجمع الأموال للجماعة وتوزيعها على البقية.
وأسندت للجميع تهمة أنهم حازوا وصنعوا المفرقعات والمواد الداخلة في تصنيعها، وأسلحة نارية محلية الصنع أرشد عن مكانها المدان الثالث.
وتداولت القضية جلساتها بحضور المحامين ومكنتهم من إبداء الدفوع ووفرت لهم جميع الضمانات القانونية.
عقدت الجلسة برئاسة القاضي علي الظهراني، وعضوية القاضيين السيخ حمد بن سلمان آل خليفة ومحمد عوض، وأمانة سر أحمد السليمان.