حسن الستري
أكدت الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية أن إيرادات صندوق التأمين ضد التعطل بلغت في عام 2014 ما مقداره 71 مليوناً و426 ألفاً و730 ديناراً، مقابل 8 ملايين و320 ألفاً و667 ديناراً للمصروفات، محققة بذلك فائضاً سنوياً مقداره 63 مليوناً و106 آلاف و63 ديناراً.
وأشارت الهيئة إلى أن عدد حالات انتهاء الخدمة بمختلف أسبابها بلغ 29 ألفاً و613 شخصاً في العامين «2013-2014» في القطاعين الحكومي «المدني» والأهلي معاً.
ويناقش مجلس النواب في جلسته المقبلة تقرير لجنة الخدمات بتعديل مشروع قانون بتعديل بعض أحكام المرسوم بقانون رقم «78» لسنة 2006 بشأن التأمين ضد التعطل، ويعدل التعديل شروط استحقاق تعويض التعطل بحيث يشمل فئة المستقيلين إرادياً بسبب مشروع والمفصولين تأديبياً بحسبان أنهم شاركوا في تمويل حساب التعطل من خلال استقطاعات التعطل، وذلك وفق شروط وقيود منضبطة.
ويهدف المشروع إلى تطبيق الالتزام الدستوري المنوط بالدولة بتكفل توفير الضمان الاجتماعي للمتعطلين عن العمل، بحسبان أن برنامج التأمين ضد التعطل هو أحد خدمات التأمين الاجتماعي التي تقدمها الدولة، كما يهدف للتصدي لآثار البطالة التي تشكل– مهما كانت أسبابها - قنبلة اجتماعية واقتصادية وسياسية تهدد استقرار وأمن الفرد والأسرة والمجتمع والدولة، وتنذر بعواقب وخيمة، كما أن حرمان من انتهت مدة خدمتهم بالاستقالة أو بالفصل لأسباب تأديبية من الحصول على تعويض التعطل يتعارض مع أسس وأهداف وفلسفة نظام التأمين ضد التعطل بحكم كونه نظاماً تكافلياً.
ويهدف أيضاً إلى صياغة حلول تشريعية متوازنة تسد أبواب الذرائع لاستغلال النظام، وتحول دون فتح أبواب التلاعب بشروط استحقاق التعويض ضد التعطل، وفي الوقت ذاته تراعي اعتبارات العدالة الكلية، وتضمن عدم خرق فلسفة القانون التي تقوم على توفير ضمان اجتماعي تكافلي ضد البطالة، كما إن هاتين الفئتين «المفصولين، والمستقيلين» قد شاركتا في تمويل حساب صندوق التأمين ضد التعطل طوال سنوات عملهما من خلال استقطاعات التعطل، وليس من المقبول أخلاقياً حرمانهما من الاستفادة من مزايا التأمين وهما في أمس الحاجة إليه. وبقياس الأولوية، إذا كان الباحثون عن عمل لأول مرة ينالون إعانات التعطل، وهم لما يسهموا بعد في تمويل النظام، فإن أولئك المتعطلين الذين رفدوا الصندوق بأموالهم يستحقون تعويض التعطل.
لا تأثير على الميزانية العامة
وانتهت لجنة الشؤون التشريعية والقانونية بمجلس النواب إلى سلامة المشروع بقانون من الناحية الدستورية. كما انتهت لجنة الشؤون المالية والاقتصادية إلى أن تطبيق المشروع لن يؤثر على الإيرادات أو المصروفات الواردة في الميزانية العامة للدولة، إذ تنحصر الآثار المالية الناتجة عن تطبيقه في عبء التعويضات الإضافية على حساب التأمين ضد التعطل، والتي يعتمد تحديد مقدارها - بطبيعة الحال - على أعداد المستحقين الإضافيين إلى التعويض ومبالغ التعويض المستحقة إليهم بعد تطبيق الشرطين المعدّلين. ومن جانب آخر لا يتوقع أن يؤدي تطبيق المشروع بقانون إلى أية آثار اقتصادية على سوق العمل في مملكة البحرين، إذ
لن يؤثر على الإيرادات أو المصروفات الواردة في الميزانية العامة للدولة، وأن الآثار المالية الناتجة عنه سوف تنحصر في عبء التعويضات الإضافية على حساب التأمين ضد التعطل.
وأشارت اللجنة المالية إلى أن حساب التأمين ضد التعطل يتمتع بملاءة مالية وافرة، نظراً لأن الاشتراكات المحصلة تفوق كثيراً مبالغ التعويضات والإعانات التي تم دفعها بموجب أحكام القانون، وأن الرصيد الفائض في هذا الحساب منذ بدء سريان القانون في شهر يوليو «2007م» ولغاية شهر فبراير «2012م» قد بلغت «228.3» مليون دينار، فيما لم تتجاوز كلفة التعويضات والإعانات التي صُرفت لنفس الفترة «23,6» مليون دينار.
إجراء دراسة إكتوارية جديدة
من جهتها، دعت الحكومة إعادة النظر في المشروع بقانون لأسباب أن نظام التأمين ضد التعطل قد وضع بناء على دراسة إكتوارية حددت شروط الاستفادة من هذا النظام، ومنها الشرطان محل التعديل المقترح «ألا يكون المستفيد قد ترك العمل إرادياً – ألا يكون قد فصل لأسباب تأديبية»، ومن ثم فإن إعادة النظر في هذين الشرطين باستبعادهما أو تطبيقهما على نحو أو على آخر من شأنه أن يستوجب إجراء دراسة إكتوارية جديدة.
وأضافت أن ذلك تحديد شروط الاستفادة من نظام التأمين ضد التعطل مرتبط ارتباطاً وثيقاً بنسب تمويل هذا النظام التي حددت في الأساس استناداً إلى دراسة إكتوارية في حينه، سيما أن الحصة التي يسهم بها العامل المستفيد من هذا النظام قد تم تحديدها في ضوء مدى احتمالية تحقق خطر التعطل عن العمل، ومن ثم فإنه كلما زادت نسبة احتمالية تحقق هذا الخطر، تعين إجراء دراسة إكتوارية جديدة تحدد نسبة اشتراكه في نظام التأمين ضد التعطل في ضوء نسبة تحقق خطر البطالة، وذلك لارتباط تحقق هذا الخطر في الحالتين المشار إليهما بإرادة العامل المؤمن عليه.
ورأت الحكومة أن التعديل يسمح للعامل المؤمن عليه بترك العمل للاستفادة من تعويض التعطل متعللاً بأي عذر سيما إذا كان أجره منخفضاً، بالإضافة إلى أنه لا توجد معايير موضوعية في التعديل المقترح تحدد حالات العذر المشروع التي يكون فيها ترك العامل المؤمن عليه لعمله بإرادته مبرراً، كما إن السماح للعامل المؤمن عليه بالاستفادة من تعويض التعطل في حالة الفصل التأديبي حسب التعديل المقترح، يشجع العمال من ذوي الأجور المنخفضة على ارتكاب الأخطاء الجسيمة في العمل التي تبرر الفصل من الخدمة سعياً وراء الاستفادة من تعويض التعطل، الأمر الذي قد يخلق البلبلة والاضطراب في سوق العمل، هذا في الوقت الذي تسعى فيه الحكومة إلى تشجيع العمالة الوطنية على الاستقرار في أعمالها بالقطاع الخاص، وبالتالي فإن إقرار هذا التعديل من شأنه أن يخلق بعض الصعوبات العملية للعمالة الوطنية في التوظيف وتفضيل العمالة الأجنبية عليها.
وذكر ت أن نظام التأمين ضد التعطل في غالبية القوانين المقارنة يغطي البطالة اللا إرادية، ومن ثم يسقط حق المؤمن عليه في تعويض التعطل إذا كان التعطل راجعاً إلى إرادة المؤمن عليه نفسه، أو كان قد ارتكب خطأ جسيماً يبرر فصله من العمل، علماً بأن نظام التأمين ضد التعطل في القانون البحريني قد انتهج هذه الفلسفة عند وضع هذا النظام والرهينة بالبطالة اللاإرادية، ولم يكن وارداً عند وضع النظام أن يغطي حالات البطالة الإرادية.
ولفتت الى أن الأخذ بالتعديل المقترح من شأنه استنزاف احتياطي صندوق التأمين ضد التعطل مما يعجل بالإفلاس الإكتواري للصندوق، ومن ثم يجب دراسة هذا التعديل من الناحية الإكتوارية قبل النظر في إقراره.
وفيما اتفقت معها وزارة العمل «سابقاً» والهيئة العامة للتأمين الاجتماعي مع رد الحكومة، ورأت هيئة التشريع والإفتاء القانوني عدم مخالفة المشروع بقانون للدستور ولأيٍّ من القوانين السارية، لكنها رأت ضرورة تحديد حالات الأعذار المشروعة من تلك غير المشروعة ووضع ضوابط لها وذلك لأن أحكام القانون يجب أن تكون أحكاماً واضحة الدلالة نافية للجهالة، وحتى تكون هناك قاعدة عامة مجردة يتم تطبيقها على الكافة فيما يتعلق بالأعذار المشروعة والمبررة التي يمكن قبولها من عدمه.
مد غطاء الحماية التأمينية
من جانبهم، أكد مقدمو الاقتراح بقانون قبل إحالته بصيغة مشروع قانون، أن اختلاف الأسس الفنية للأخطار التي يغطيها نظام التأمين الاجتماعي عن تلك التي يقوم عليها التأمين ضد العجز والشيخوخة والوفاة لا ينفي مد غطاء الحماية التأمينية، إذ لم يكشف رد وزارة العمل ماهية المغايرة التي تستدعي حرمان هاتين الفئتين «الاستقالة الطوعية، والفصل التأديبي» من تعويضات التعطل وإتاحتها لهما في معاشات التقاعد، حيث جاء حديثها مرسلاً وعاماً.
وأضافوا أن معايير العمل الدولية تتضمن الحدود الدنيا من الحقوق والضمانات التي يُحظر النزول دونها ويباح الإضافة إليها، كما إن القوانين المقارنة المتعلقة بأنظمة التأمين ضد التعطل تناقض ما ادعته الوزارة، في كندا وألمانيا وأمريكا والسعودية إذ نصت المادة الخامسة من برنامج «حافز» في المملكة العربية السعودية على أنه «يحق لأي باحث عن العمل باشر عمله في وظيفة ما المطالبة بالإعانة الشهرية عند تركه عمله لأي سبب لمدة تعادل إعانة شهر عن كل 3 أشهر قضاها بالعمل»، والضابط في ذلك انقضاء «ثلاثة أشهر على الأقل من تاريخ انتهاء العلاقة الوظيفية أو العمالية إذا سبق للمتقدم أن عمل في القطاع العام أو القطاع الخاص».
ووفقاً لمعايير العمل الدولية والقوانين المقارنة فإن التأمين ضد التعطل يغطي كذلك حالات الفصل التأديبي، إذ يجب أن يؤخذ في الاعتبار أن المفصول تأديبياً قد نال عقوبته الأصلية بالفصل من عمله وحرمانه من مصدر دخله الذي لن تعوضه عنه أية إعانات مؤقتة، وخصوصاً أن حرمانه من تعويض التعطل - كرب أسرة - سيمتد أثره بالعوز والفاقة إلى سائر أفراد أسرته، وعليه لن يؤدي إقرار هذا التعديل إلى خلق بلبلة بين المؤمن عليهم في القطاع الخاص ممن يتقاضون أجوراً منخفضة لأن مزايا التأمين ضد التعطل لا تغري الكثيرين للمجازفة بالاستقالة أو ارتكاب ما من شأنه الفصل من الخدمة بغرض الحصول على تعويض التعطل.
وطبقا للمشروع فقد تم تعديل بعض شروط استحقاق المؤمن عليه التعويض، وأهما ألا يكون قد ترك العمل بمحض إرادته دون عذر مشروع، وألا يكون قد فصل تأديبياً من عمله قبل انقضاء مدة أربعة وعشرين شهراً متصلة من تاريخ مباشرته لعمله الذي فصل منه، ولا يمنح المؤمن عليه التعويض في حال تكرار فصله تأديبياً مهما كانت المدة التي قضاها في عمله.
ويصرف التعويض شهريا بواقع 60% من أجر المؤمن عليه على أساس معدل أجره الشهري خلال الإثني عشر شهراً السابقة على تعطله، وبما لا يجاوز مبلغ خمسمائة دينار، ويصرف التعويض شهرياً بواقع 40% من أجر المؤمن عليه الذي يفصل من عمله تأديبياً، وبما لا يجاوز مبلغ ثلاثمائة دينار، وإذا كانت مدة التعطل تضم جزءاً من الشهر، فإن التعويض المستحق عنها يحسب على أساس يومي بتقسيم مبلغ التعويض الشهري على ثلاثين.