حسن الستري
يناقش مجلس النواب في جلسته المقبلة تقرير اللجنة المالية بشأن مشروع قانون يجعل تحديد الرسوم القضائية وفقاً لجداول الرسوم المرافقة للمرسوم الأصلي بشأن الرسوم القضائية، كما جعل الإعفاء منها أو تأجيلها بيد القضاء، بعضها أو كلها، بعد أن كانت السلطة في ذلك بيد وزير العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف، فيما رأت الحكومة ضرورة إعادة النظر في المشروع، لتحقق هدفه بالفعل في القانون الحالي، وهو الخوف من زيادة الرسوم مما يترتب عليه تقييد وتعطيل لحق المواطن في التقاضي الذي كفله الدستور.
وكانت لجنة الشؤون التشريعية والقانونية بالمجلس أكدت سلامة مشروع القانون من الناحية الدستورية.
وبينت الحكومة أنه نظراً لما تمليه اعتبارات ضرورة مواكبة ما يستجد من تطورات في الواقع العملي بمرونة ويسر، فإن الأمر يقتضي الإبقاء على إمكانية تعديل الرسوم القضائية من قبل السلطة التنفيذية بعد إضافة ضابط آخر لهذه السلطة إلى جانب موافقة مجلس الوزراء على التعديل، بوضع حد أقصى لهذه التعديلات، بما يضمن تقييد السلطة التنفيذية بحدود قصوى لا يجوز لها بأي حال أن تتجاوزها، الأمر الذي تضحى معه يد السلطة التنفيذية في تعديل الرسوم القضائية غير مطلقة، بل مقيدة بموافقة مجلس الوزراء أولاً، وبحد أقصى لا يمكنها بحال من الأحوال تجاوزه ثانياً.
وذكرت الحكومة أن المحكمة الدستورية لم تجعل أمر تنظيم الرسوم ذات الصلة بالحقوق والحريات، والتي من بينها الرسوم القضائية، حصراً على المشرع ولم تمنع التفويض فيها مطلقاً، وإنما جعلت إنشاء هذه الرسوم وتحديد نسبها القصوى من اختصاص المشرع، وأوضحت المحكمة بجلاء في حكمها المشار إليه أن للمشرع أن يفوض السلطة التنفيذية بعد ذلك في استكمال ما نقص من جوانب تلك الرسوم أو ما يستجد بشأنها على ضوء الواقع العملي المتغير.
تحقيق العدالة
في المجتمع
وأكدت وزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف أن تفويض السلطة التنفيذية لاستكمال ما نقص من جوانب تلك الرسوم أو ما يستجد بشأنها على ضوء الواقع العملي، بناء على كونها الأقدر في معرفة التفاصيل اللازمة لوضع القوانين موضع التنفيذ ومتطلباته، فضلاً عن كون الغالب في هذه الأمور والأحكام التفصيلية أن تكون عرضة للتغيير والتبديل، وعليه فإن مواجهة هذه التغييرات بتعديل القرار الذي تصدر السلطة التنفيذية أكثر سهولة ويسراً من تعديل القانون.
وبين وزير العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف الشيخ خالد بن علي آل خليفة أن الرسوم القضائية بشكل عام ترتبط بتحقيق العدالة في المجتمع وتحفيز المتقاضي على إنهاء الدعوى المرفوعة بأسرع وقت ممكن، وتشجيع المدعين على التصالح فيما بينهم بشكل أكبر، في حين أن مشروع القانون المشار إليه أعلاه يهدف -بشكل مباشر- إلى غل يد السلطة التنفيذية في تعديل الرسوم، كما إن تحديد الرسوم القضائية ليس وليد الصدفة، بل قد أثير خلاف سابق في رسوم غرفة البحرين لتسوية المنازعات المالية والاقتصادية، والذي حكمت فيه المحكمة الدستورية حينها بألا تتجاوز نسبتها 5% من القيمة المالية للدعوى، وعليه فإن الوزارة ترى أن حكم المحكمة الدستورية المشار إليه فرصة مؤاتية للمواءمة بين مشروع القانون المشار إليه أعلاه وحكم المحكمة الدستورية القاضي بتحديد الرسوم بمقدار 5% كحد أعلى.
وذكر الوزير أن الوزارة تقترح الإبقاء على سلطة تعديل الرسوم القضائية في يدها بحيث لا يتجاوز نسبة 5% فقط، مساواة برسوم غرفة البحرين لتسوية المنازعات المالية والاقتصادية، مع جعل سلطة للوزير المختص في تخفيض الرسوم أو إلغائها، كما تقترح اعتماد الصياغة الآتية «وتحدد فئات الرسم وتعدل بقرار من الوزير بعد قرار مجلس الوزراء بما لا يجاوز 5% من قيمة المطالبة ويجوز بقرار من الوزير تأجيل سداد الرسم والإعفاء منه كلياً أو جزئياً، وفي كل الأحوال لا يجوز أن تتجاوز قيمة الرسم 200 ألف دينار كحد أقصى».
وطالب الوزير بجعل مرونة أكبر للوزير المختص في تخفيض الرسوم أو الإعفاء منها، حيث إنه لا يوجد أي حد للرسوم في القانون حالياً، والوزارة لا تتجاوز رسومها المستحصلة نسبة 2% من قيمة الدعوى، وفي بعض القضايا ولظروف إنسانية يتم خفض هذه الرسوم من قبل الوزير المختص عن تلك النسبة.
تفعيل حق التقاضي
ويتألف مشروع تعديل أحكام المرسوم بقانون رقم «3» لسنة 1972 بشأن الرسوم القضائية، من مادتين، تضمنت أولاهما تغيير عبارة عنوان الباب الثالث: «تعديل الرسوم القضائية والإعفاء منها» إلى «تأجيل الرسوم القضائية والإعفاء منها»، كما يستبدل بنص المادة «10» من المرسوم بقانون المشار إليه نصاً تقتصر بمقتضاه سلطة وزير العدل على جواز إصدار قرار التأجيل أو الإعفاء من الرسوم القضائية كلها أو بعضها لمن يثبت عجزه عن دفعها، أي: دون التدخل في تحديدها.
ويهدف المشروع لتفعيل حق التقاضي المنصوص عليه في المادة «20/و» من دستور البحرين، وعدم إطلاق يد السلطة التنفيذية في تعديل الرسوم القضائية، والتزامها بالجدول المرافق للمرسوم بقانون المشار إليه أعلاه، حتى لا يثقل كاهل المتقاضي بما لا يطيقه لدى ممارسته لحق كفله له الدستور، وتطبيق ما انتهت إليه المحكمة الدستورية في حكمها الصادر بتاريخ 24 أبريل 2013 في الدعوى رقم «د/3/2011» من أن تنظيم الرسوم المتعلقة بالحقوق التي كفلها الدستور تحت الباب الثالث منه يكون من اختصاص المُشرع حصراً، فهو الذي ينشئها ويحدد نسبتها وتخومها، فلا يجوز تفويض السلطة التنفيذية فيها مطلقاً.
وعدلت اللجنة المالية المادة العاشرة من القانون، التي كانت تجيز لوزير العدل تأجيل أو إعفاء الرسوم القضائية كلها أو بعضها لمن يثبت عجزه، ليعطى لرئيس المحكمة المختصة أو من يفوضه من أعضائها، لاعتبارات يقدرها، تأجيل سداد الرسم أو جزء منه بناءً على طلب ذوي الشأن إلى أجل مسمى وذلك بقرار مسبب، ويعفى من الرسوم القضائية كلها أو بعضها من يثبت عجزه عن دفعها، ويشترط في حالة الإعفاء السابق على رفع الدعوى احتمال كسبها، ويُقدم طلب الإعفاء من الرسوم حسب الأحوال إلى المحكمة المختصة بنظر الدعوى، على أن تفصل فيه خلال شهر من تقديمه، وذلك بعد الاطلاع على الأوراق وسماع من يكون قد حضر من الخصوم بعد إشعارهم والمسجل العام للمحاكم باليوم المعين للنظر في الطلب قبل حلوله بثلاثة أيام على الأقل.
وبحسب القانون، فان الإعفاء من الرسوم شخصي لا يتعدى أثره إلى ورثة المعفي أو من يحل محله بل يجب عليهم الحصول على قرار جديد بالإعفاء إلا إذا رأت المحكمة استمرار الإعفاء بالنسبة للورثة، وإذا زالت حالة عجز المعفي من الرسوم في أثناء نظر الدعوى أو التنفيذ، جاز للمحكمة إلغاء الإعفاء بناء على طلب من خصمه أو المسجل العام للمحاكم، ويترتب على إلغاء الإعفاء وقف الإجراءات إلى أن يتم دفع الرسوم المقررة.