لا تسأل أحدهم: هل تحب السفر؟ لأنه قطعاً سيجاوبك «بالتأكيد».. إنما اسأله : «لماذا تحب السفر.. أو لماذا تسافر»؟
كثير منا في هذا المجتمع عارف لوجهته على الخريطة وجاهل في الجانب الآخر أهم ما في السفر «المقصد منه» «والهدف والغاية» التي بها يسافر..!
ففي مجتمعنا المادي الكثير يسافر السفر المادي، فيخسر قبل سفره بالتكلفة والمصاريف، ويخسر من خلال سفره لأنه سافر من أجل مجاراة الناس أو ربما المباهاة أو الترف في أسواق الماركات العالمية، وبالتالي خسر بعد سفره لأنه لم يستزد شيئاً يذكر!
يذهب «ليغير جوه» فيتغير جوه على نطاق عريض ليستلزم ذلك تغير شكله وفعله وأخلاقه، فلا هو ممثل للبلد الذي أتى منه ولا هو بمتقبل من قبل البلد الذي جاء لأجله.
كل هذا من الممكن أن يتغير مع تغير الهدف من السفر والغاية منه..
الحصيف الفطن هو من يسافر ليربح ويستزيد بغض النظر عن التكلفة المادية التي سيدفعها ثمناً لهذه الرحلة، يسافر ليدرك جمال الكون ببصيرته لا ببصره فقط ويتأمل في آيات الله النابضة بالحياة بعد تأمله لآيات كتابه المسطور، وبذلك يزيد رصيده الإيماني من هذا الارتحال ملبياً أمر الله سبحانه وتعالى بالضرب في الأرض والتأمل والتفكر في خلقه سبحانه، ويربح أيضاً ويستزيد في تعرفه على حضارات الغير والاختلاف البشري والتنوع الإنساني الموزع على دائرة هذا الكون ليأخذ ما يستفاد منه ويترك مادون ذلك، يسافر ليمثل قيمه الراقية ودينه السمح تمثيلاً صحيحاً مشرفاً لا مذموماً ولينقل أخلاقه العالية بتمسكه بها لا بتنازله عنها.
السياحة فن ورقي .. ذوق وإيمان لا ينضب لمن أراد وعلى الوجهة الأخرى متعة زائلة دون أدنى هدف لمن أراد أيضاً .. ومن بينهم أنت تحدد ما تريد أما الربح في السياحة أم الخسارة فيها ..!
مريم عبدالرحمن الحسن