أيام قليلة كانت متبقية من شهر ديسمبر، لتعلن لنا عن الحلقة الأخيرة من فيلم مشوار حياتنا وننتظر الجزء الثاني مع حلول شهر يناير، وقد يكون هو الأخير أو لا كلها متوقفة على مشيئة الأقدار وعليك أنت أيها الممثل.
على ذلك الحائط المجهول هناك في إحدى زوايا المنزل، علقت ساعة كبيرة تتسابق عقارب ساعاتها وحولها صور تحمل ذكريات لنا، وأسفلها وضعت تلك الرزمانة الصغيرة ترشدنا حينما تخبطنا الأيام، ومع نهاية كل يوم نمزق ذلك التاريخ الذي عشناه أونخط عليه بقلمنا، ونشعر حينها أننا ليس فقط نمحو يوماً ذهب من حياتنا لينضم إلى الماضي، نحن نمحو أيضاً يوماً ذهب من مشوار حياتنا ليتناقص بذلك معدل أعمارنا.
بعدها تتجه خطوات أقدامنا على ذلك الكرسي المتأرجح في زاوية الغرفة وعلى يسارنا كوب من القهوة الساخنة ودفتر اعتاد قلمه أن ينحت بداخله وأصوات مطر ديسمبر تطرق نوافذنا، حينها نغمض أعيننا ونعود قليلاً إلى الوراء حينما كنا طلاباً نلتحق بإحدى المدارس كنا نتعلم فيها مبادئ ومواد شتى ولكن أكثر المواد وقعاً في أذهننا هي تلك التي تتحدث عن التاريخ والجغرافيا لأنها كانت محملة بكم كبير من المعلومات التي استوعبنا نصفها ولم نستوعب آخرها، كانت تلك المواد تطيل الحديث عن ما يسمى «بالحروب»، تحدثت عن الحرب العالمية الأولى والثانية، والحروب الصليبية، والحروب الباردة، وغيرها كنا نتخيل ذلك الصراع في أذهاننا حتى نزداد فهماً، وفي نهاية العالم الدراسي نقدم اختباراً يقيس فيه مدى فعاليتنا واستيعابنا.
ولكن تعلمون ما فائدة تلك المواد حينما لم نستخلص منها الفائدة والعبرة والحكمة التي تجنبنا الوقوع فيها مرة أخرى، فبعدما كنا نتخيلها في خيالنا لنزداد استيعاباً أصبحنا نتعايش معها كل يوم ونقف أمام التلفاز ذلك المذياع بكل صمت ونحن نسمع أصوات الحرب والآهات، أصبحت تعلو أصوات أناس بعبارات شتى منها: «الشعب يريد إسقاط النظام» وغيرها فسقطت البلدان وإن كانت بصورة غير مباشرة فلم تصل إلى مطالبها التي هتفت من أجلها ولم تعد كما كانت سابقاً على الأقل.
في 2015 مازالت فلسطين قصة مناضل يأبى الاستسلام، والعراق مازالت تعاني من تفاقم الإرهاب بها، أما تونس وليبيا والجزائر مازالوا يبحثون حول حياة أكثر استقراراً، ولبنان تبحث عن سبل التي تقدم لها العون للوقوف أمام الحروب الأهلية، وسوريا أصبحت لاجئة لخيام لم تنصفها وتتخبط الآن أما الدول وأيهما يفتح أبوابها أمام شعبها المكسور، وكذلك أفغانستان وباكستان، واليمن بوابة الخليج الجنوبية وغيرهم من يعاني من مآسي وانتهاكات الحروب.
كل ما نريده حقاً من 2016، أن ينتهي وبشكل نهائي عالم الحروب، لأنه حقاً حل سلبي لكل دولة تلجأ إليه، بعدما كانت تلك الدول أعزها أصبحوا أذلها، كهذا أخبرتنا الملكة بلقيس تلك المرأة التي تحدث عنها الإسلام «بسورة النمل» بسلامها ورفضها للحروب لأنها كانت تعلم بأنه الحروب لا تتسم بالسلم في شيء.
شكراً لكِ 2015 على كل ما قدمته لنا ونسأل الله أن يغفر لنا ما تقدمنا به من ذنوب، أما أنتِ 2016 فنأمل أن تكوني كشمس حينما يهبها الله لنا كل يوم لنستمد منها الأمل والقوة والتفاؤل، نأمل أن تكوني بداية لصحوة العرب وانتهاءً لعالم الحروب.

مريم حميد
طالبة إعلام بجامعة البحرين