عواصم - (وكالات): أعلن وزير الخارجية السعودي عادل الجبير أن بلاده قطعت العلاقات الدبلوماسية مع إيران، وطرد البعثة الدبلوماسية الإيرانية، على خلفية الهجوم على سفارة بلاده في طهران وموقف الأخيرة إثر إعدام الرياض نمر النمر. وقال الجبير في مؤتمر صحافي إن بلاده تعلن «قطع علاقاتها الدبلوماسية مع إيران وتطلب مغادرة جميع أفراد البعثة الدبلوماسية الإيرانية (...) خلال 48 ساعة».
واعتبر الجبير أن «تاريخ إيران مليء بالتدخلات السلبية والعدوانية في الشؤون العربية ودائماً ما يصاحبه الخراب والدمار». ورأى أن الاعتداء على السفارة في طهران والقنصلية في مدينة مشهد يشكل «انتهاكاً صارخاً لكافة الاتفاقات والمواثيق والمعاهدات الدولية».
وذكر أن النظام الإيراني يحمل سجلاً طويلاً من الاعتداء على السفارات، حيث إن الإيرانيين اعتدوا من قبل على السفارتين الأمريكية والبريطانية. وأوضح أن إيران توفر الحماية لقادة القاعدة وتهريب الأسلحة، مشدداً على أن السعودية عازمة على الاستمرار في نهجها للقضاء على الإرهاب. وحول البعثة الدبلوماسية السعودية في إيران، قال الجبير إن أعضاء البعثة وصلوا إلى دبي بعد إجلائهم من إيران، مضيفاً «لن نسمح لإيران بتهديد أمننا ودعم من يهددون استقرار المنطقة».
وعبرت الرياض في وقت سابق عن «استهجانها واستنكارها الشديدين» لكافة «التصريحات العدوانية» التي صدرت عن طهران إثر تنفيذ المملكة حكم القصاص في الارهابي نمر باقر النمر، متهمة إيران بأنها «دولة راعية للإرهاب» وبان نظامها تحكمه «طائفية عمياء»، فيما توالت الإدانات الإقليمية والدولية للاعتداءات التي وقعت ضد سفارة المملكة العربية السعودية في طهران، وقنصليتها في مدينة مشهد. وقالت وزارة الخارجية السعودية في بيان إن المملكة وإذ تبدي «استهجانها واستنكارها الشديدين ورفضها القاطع لكافة التصريحات العدوانية الصادرة عن النظام الإيراني»، تؤكد أن «نظام إيران آخر نظام في العالم يمكن أن يتهم الآخرين بدعم الإرهاب، باعتباره دولة راعية للإرهاب، ومداناً من قبل الأمم المتحدة والعديد من الدول». وأضاف البيان الذي نشرته وكالة الأنباء السعودية الرسمية «واس» أن «نظام إيران لا يخجل من التشدق بمسائل حقوق الإنسان، وهو الذي أعدم العام الماضي المئات من الإيرانيين دون سند قانوني واضح». وفي بيانها أكدت الخارجية السعودية أن «تصريحات النظام الإيراني تكشف وجهه الحقيقي المتمثل في دعم الإرهاب، والتي تعد استمراراً لسياساتها في زعزعة أمن واستقرار دول المنطقة». وأضاف البيان السعودي أن «نظام إيران بدفاعه عن أعمال الإرهابيين وتبريره لها، يعتبر في ذلك شريكاً لهم في جرائمهم، ويتحمل المسؤولية الكاملة عن سياسته التحريضية والتصعيدية». وأضاف أن «طائفية النظام الإيراني العمياء لا تدرك بأن شرع الله لا يحكم إلا بميزان العدل والمساواة ولا يفرق بين المذاهب، فالمملكة قضاؤها مستقل عادل وشفاف، لا يعرف الخبث واللؤم والتفرقة ولا يعمل بخفاء كما هو شأن نظام إيران». من جانبه، دان مجلس التعاون الخليجي الاعتداءات، محملاً السلطات الإيرانية المسؤولية الكاملة عن هذه الأعمال الإرهابية، بالتزامن مع إعلان دولة الإمارات العربية المتحدة استدعاء السفير الإيراني على أراضيها وتسليمه مذكرة احتجاج بسبب التدخل في شؤون السعودية والاعتداء على سفارتها. وأكد مجلس التعاون الخليجي أن فشل طهران في منع الاعتداءات يمثل إخلالاً جسيماً بالتزامات إيران لحماية البعثات الدبلوماسية بموجب اتفاقية فيينا لعام 1961 والقانون الدولي. كما استنكر الأمين العام للمجلس، عبداللطيف الزياني، التصريحات الإيرانية العدائية والتحريضية بشأن تنفيذ السعودية للأحكام الشرعية الصادرة بحق الإرهابيين، معتبراً إياها تدخلاً سافراً في الشؤون الداخلية للمملكة العربية السعودية.
وأكد الزياني أن تلك التصريحات قد شجعت على الاعتداءات على البعثات الدبلوماسية السعودية. ولفت إلى وقوف دول المجلس صفاً واحداً مع السعودية في استنكارها لهذه الأعمال الإرهابية ضد بعثات السعودية في إيران وتحميلها السلطات الإيرانية المسؤولية الكاملة عنها، فضلاً عن تأكيد دول المجلس دعمها للقرارات التي اتخذتها المملكة لمحاربة الإرهاب بأشكاله كافة وملاحقة مرتكبي الأعمال الإرهابية ومثيري الفتن والقلاقل وتقديمهم للقضاء العادل.
وأعربت دولة الكويت عن إدانتها للاعتداءات على سفارة السعودية وقنصليتها في إيران، مؤكدة دعمها للسعودية في الإجراءات كافة للحفاظ على أمنها واستقرارها. كما دان الأردن بشدة حادثة الاقتحام التي تعرض لها مبنى سفارة السعودية في طهران، واعتبره خرقاً فاضحاً للقانون الدولي واتفاقية جنيف بشأن صون وحماية البعثات الدبلوماسية واحترامها. وأكد وزير الإعلام والناطق الرسمي باسم الحكومة الأردنية، محمد المومني، تضامن بلاده مع السعودية ووقوفها إلى جانبها في مواجهة التطرف والإرهاب، مستنكراً التدخل الإيراني ضدها وتصاعده عقب تنفيذ السعودية أحكاماً قضائية بحق مدانين من مواطنيها. وكانت هيئة كبار العلماء الباكستانية قد دانت تصريحات ملالي إيران تجاه السعودية واصفة إياها بالعدوانية. من جهته، أعرب المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية عن إدانة مصر لحادثتي إحراق السفارة السعودية في طهران والقنصلية السعودية في مدينة مشهد بإيران، مؤكداً ضرورة احترام حرمة مقار البعثات الدبلوماسية والقنصلية وسلامة الأفراد العاملين بها. من ناحيتها، أدانت الجامعة العربية على لسان أمينها العام نبيل العربي بأشد العبارات الاعتداء الذي تعرضت له سفارة السعودية في مدينة طهران وقنصليتها في مدينة مشهد.
وأكد نبيل العربي أن ذلك يعد انتهاكاً صارخاً للمواثيق والأعراف الدولية. وشدد في بيان على ضرورة احترام إيران لمبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية والتي من حقها المشروع الحفاظ على أمن مواطنيها والسلم الأهلي ووحدة نسيجها الاجتماعي.
ومساء أمس الأول، هاجم متظاهرون، مبنى السفارة السعودية في طهران، وألقوا باتجاهه قنابل حارقة، ما أدى إلى اشتعال النيران به، بحسب ما أفادت وكالة أنباء الطلبة الإيرانية «إيسنا». وقالت الوكالة إن المتظاهرين رشقوا مبنى السفارة بالزجاجات الحارقة، وتمكنوا من اقتحام السور ودخول حرم المقر قبل أن تخرجهم منه الشرطة.
وكشفت صور على مواقع التواصل الاجتماعي عمليات تدمير ونهب وعبث بمحتويات مقر السفارة عقب اقتحامه.
وأظهرت صور أخرى الشرطة في كامل عتادها لمكافحة الشغب وتتولى حراسة المبنى في الوقت الذي قام فيه رجال الإطفاء بإطفاء النيران في المبنى. وقبل ساعات من اقتحام السفارة السعودية في طهران، هاجمت عناصر من ميليشيات الباسيج التابعة للحرس الثوري، القنصلية السعودية في مدينة مشهد بمحافظة خراسان شمال شرق إيران، وأضرموا النار بقسم من المبنى