قالت وزيرة الدولة لشؤون الإعلام سميرة رجب إن التوجه الأمثل في التعامل مع إشكالات جديدة فرضتها فوضى وسائل التواصل الاجتماعي يكون ضمن فلسفة جديدة منفتحة تدعو إلى احترام وضمان حرية الرأي والتعبير، دون التهاون في فرض سيادة قانون الدولة والحفاظ على أمنها الإعلامي، مؤكدة حق الدولة في حماية نفسها من شبكات الإعلام والاتصال الداخلية والخارجية التي لا تحترم القوانين أو تمثل خطراً على أمنها الوطني.
وأضافت الوزيرة رجب، خلال المؤتمر الإعلامي الخليجي الأول «الإعلام والاتصال والأمن القومي» الذي بدأ أعماله في المنامة أمس، أن «مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت تمثل سلاحاً ذا حدّين، من جهة تخدم الأفراد والمجموعات وتسهم في إثراء النقاش والحوار حول القضايا والاهتمامات المشتركة، ومن جهة ثانية تشكل نوعاً من الفوضى الجديدة التي يصعب تنظيمها في غياب التشريعات اللازمة». وأشارت إلى أن «الأحداث الأخيرة المتسارعة التي شهدها العالم، وخاصة منها المنطقة العربية ساهمت في ضرورة إعادة التفكير في مجال الإعلام والاتصال وإعادة النظر في مهامه ووظائفه التقليدية التي أُنشأ من أجلها في علاقته بالمجتمع ودوره الجديد على مستوى العلاقات الدولية بعد أن اختلطت الأمور بعض الشيء».
وتابعــت: «إننــا نحــاول من خــلال الملتقــى الإعلامي الخليجي أن نبني مساحة فكرية جديدة للنقاش وتبادل الآراء حول عمل وسائل الإعلام والاتصال بمختلف أبعادها سلبية كانت أو إيجابية». وأضافت أن جهودنا تهدف أيضاً إلى التعاون مع المنظمين، إلى محاولة بث الوعي حول التغيرات الحديثــة التي تحدث في هذا المجال الحيوي، والوقوف على الآليات الجديدة التي تعمل بها وسائل الإعلام والاتصال ضمن رهانات استراتيجية بعضها معلن وبعضها الآخر غير معلن، وتصب في مصالح سياسية بعيدة كل البعد عن الدور التقليدي في دعم المصالح الفكرية أو المجتمعية عبر وسائل الإعلام.
وأشــارت الوزيــرة رجب إلى «تطور التكنولوجيا الحديثة للمعلومات والاتصالات بصورة رهيبة خلال السنوات القليلة الماضية، مما جعل الشعوب غير المواكبة لهذه التطــورات وغيــر المنفتحة على تعديل التشريعات، أكلة سهلة أمام ماكينات وسائل الإعلام الدولية التي تعمل بصورة ذكية وبإمكانات ضخمة، بحيث يصعب على بعض الدول التفريق بسهولة بين الإعلام الموجه من جهة، وحق شعوبنا من جهة أخرى في الحصول على الأخبار والمعلومات وحق ممارسة حرية الرأي والتعبير».
وأكدت أنه «لا يمكن في الوقــت الراهـــن لأي بلد مهما كان حجمه العسكري أو السياسي أو الاقتصادي أو الثقافي، أن يغفل عن الدور المحوري الذي تلعبه وسائل الإعلام والاتصال داخل المجتمع أو في تفاعله مع المجتمعات والدول الأخرى». وقالت سميرة رجب إن «المشهد الإعلامي العالمي، ومن ورائه المشهد الاقتصادي والتكنولوجي العالمي، قد تطور من حالة «الضبط النسبي»، التي كانــت تسيطر فيها وسائل إعلام ووسائل إنتاج تعمل ضمن أطر قانونية ومعايير مهنية واضحة أو أقل ما يقال عنها شبه منظمة، إلى حالة جديدة تتماشى مع ملامح عالم جديد وإعلام جديد، أقل ما يقال عنه أنه يتسم بـ«الفوضى». هذا العالم الجديد يبشر بفلسفة «اللاحدود» في كل ما يعيشه الإنسان». وقالت إن «هذه الفوضى الجديدة المتوفرة على الأرض تتلوها فوضى مشابهة في السماء، يجسدها الحضــور المتنامي لأقمار الاتصالات والأقمار المتحركة وأقمار المراقبة والرصد والتجسس»، مضيفة أن «البعض يرى أن الثورة الحقيقية التي تقودها التكنولوجيا ووسائل الاتصال الحديثة، أحياناً بشيء من المغالاة، تمثل في واقع الأمـر عملية احتلال المعلومات لصدارة القوانين والقيم المنظمة لحياة الفرد والمجتمع. فالتطور التقني إنما يجري على نحو يمنح المعلومات مركزية إنتاج النفوذ وإدارة العالم».
وأضافت أنه «أمام هذه الفوضى الجديدة وتناقضاتها، تعددت التساؤلات المطروحة عن الدور الجديد للإعلام والاتصال داخل المجتمع؟. وعن إمكانية أن يتحول تدفق معلومات شبكات الإعلام والاتصال بطرق غير أخلاقية إلى أدوات وأسلحة جديدة يمكن أن تساهم في إضعاف مفهوم الدولة التي تما فتئت تخسر من سيادتها واستقلاليتها في ظل عولمة الاقتصاد والثقافة؟. والأهم من ذلك هل يجب على الدول أن تتحدث اليوم بكل قوة على أمنها الإعلامي بنفس قدر أمنها العسكري؟». وأردفت الوزيرة: «نعيش اليوم مع نوع جديد من الأسلحة، مع نوع جديد من النفوذ اللامادي ولكنه في بعض الأحيان أفتك من النفوذ المادي، لأن استخدام الأسلحة المادية يمكن تقنينها بسهولة، لكن استخدام سلاح المعلومة، أصبح يصعب تقنينه، وحتى إن قنن، فيمكن أن يتحول بكل سهولة إلى حصان طروادة لمنظمات حقوق الإنسان ومنظمات الدفاع عن حرية الرأي والتعبير».
وتابعت: «وهنا يطرح سؤال محوري: أين حقّ الدولة في حماية نفسها من خطر سلاح تدفق المعلومات المغلوطة والافتراءات الباطلة التي لها انعكاسات خطيرة على مستقبل الدولة؟».
وأكدت أن «جميع الدول الغربية والديموقراطية التي تنادي باحترام حرية الرأي والتعبير وتجعل من هذا المبدأ رسالتها العليا وإحدى رهانات تعاملاتها مع الدول النامية، تضع القيود الإعلامية اللازمة للدفاع عن أراضيها وأمنها القومي».
الخليج محصن
من جهته، تقدم الأمين العام المساعد للشؤون الثقافية والإعلامية بدول مجلس التعاون خالد الغساني إلى البحرين وإلى حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى رئيس الدورة الحالية للمجلس الأعلى لمجلس التعاون بالشكر والامتنان والعرفان وإلى صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس مجلس الوزراء بالشكر والامتنان والعرفان على ما تقدمه مملكة البحرين من عطاءات مستمرة في مسيرة مجلس التعاون الخليجي.
وأعرب عن شكره لهيئة شؤون الإعلام بمملكة البحرين على هذا التنظيم الجيد الذي تعودنا عليه دائماً من مملكة البحرين في ما يتعلق بعملنا الخليجي المشترك.
وشــدد الغسانــي علــى أن هــذه الملتقيــات الإعلامية تأتي لمصلحة شأننا الخليجي وعملنا الخليجي في ثورة الاتصالات التي أطلق عليها الكثير من المسميات. وأكد أن مثل هذه الملتقيات تتطلع إلى أن تكون ميداناً فسيحاً لتعزيز التواصل بين المعنيين في الإعلام بدول مجلس التعاون بشكل خاص وأشقائنا في باقي الدول العربية وأن تساهم أيضاً مخرجاتها فــي تفعيل أهداف وبرامج الاستراتيجية الإعلامية لــدول مجلس التعاون التي أقرت من قبــل المجلس الأعلى، مضيفاً أن هذه الملتقيات تمثل ملتقى يضم أيضاً الإعلاميين لتعميق الصلات وبين الأسرة الإعلامية الواحدة.
ونوه بهذه التجربة التي اختطتها البحرين في ما يتعلق بتنظيم مثل هذا الملتقى الإعلامي الخليجي الأول في دول مجلس التعاون الخليجــي، مؤكداً أنها ليست التجربة الأولــى فيما تقوم به مملكة البحرين في مثل هذه الملتقيات، وأن هذه التجربة الأولى لما تمثله من حشد نخبوي سيمتد إلى ملتقيات أخرى تعمق مفهوم التواصل بين الأكاديميين والعاملين في بلداننا.
وأشاد بفكرة الملتقى الخليجي الإعلامي الأول ومؤكداً عليها من خلال الأمانة العامة لدول مجلس التعاون أن تستمر وأن تتطور وأن تعمل في إطار ندرك بأنه في ظل أجواء وظروف معقدة جداً في هذه المرحلة التي نعمل جميعاً ونحن نتحدث كأكاديميين يدركون معنى الإعلام في عالم اليوم وما نتج عن وسائل الإعلام وخاصة وسائل الإعلام الحديث ووسائل التواصل الاجتماعي.
وأكــد الأمين العام المساعد للشؤون الثقافيـة والإعلامية بدول مجلس التعاون أن وسائل التواصل الاجتماعي أو الإعلام الحديث مسألة مهمة بما أتاحته وتتيحه من حرية للتعبير إلا أنه لا ينبغي أن يخرج عن المفاهيم التي ترسخت في أذهاننا.. داعياً إلى ترسيخها لدى أجيالنا. وقال الغساني «إنه ينبغي ألا تتعدى على حقوق وحريات الآخرين وألا تثير مثل تلك الفتن وأن نجعل منها ساحات للإثارة وتعميق الفتن وتعميق كل ما يمكن أن يسيء إلى المجتمع الواحد في مجتمعاتنا الخليجية».
وأضاف أن مجتمعاتنا الخليجية محصنة بما فيه الكفاية وإن استطاعت بعض هذه الوسائل الإعلامية من خلال وسائل التواصل الاجتماعي أن تؤثر ولكن سيكون تأثيرها ليس بالشكل الذي يمكن أن يفتت قوة ومتانة وصلابة علاقاتنا في دول مجلس التعاون ولكنها ستحمل خللاً أو بعض الشروخ في بعض الأوساط أو المجتمعات الخليجية.
وتمنى في ختام كلمته لهذا الملتقى وكل الاجتماعات الخليجية الخروج دائماً بما يعمق صلاتنا الخليجية.
المنامة عاصمة الإعلام
من جانبه أعرب أمين عام الملتقى الخليجي للإعلام ماضي الخميس عن سعادته بانطلاق عاصمة الإعلام العربي من مملكة البحرين وأن تكون المنامة أولى العواصم.
وأوضح أن عاصمة الإعلام العربي هي فكرة تم إشهارها قبل سنتين بالتعاون بين هيئة الملتقى الإعلامي العربي وجامعة الدول العربية. وقال نتشرف أن تكون المنامة هي أولى العواصم لهذه الفكرة وأيضاً نتشرف ونسعد أن يكون ملتقى الإعلام الخليجي هو أول نشاط من ضمن هذه الأنشطة.
وأعرب عن شكره إلى مملكة البحرين على وضع خطة للعديد من الأنشطة والفعاليات فيما يتعلق بعاصمة الإعلام العربي التي ستنطلق اليوم بهذا الحدث المهم وبهذه المشاركة. وقال «يهمني بصفتي إعلامياً وصحافياً خليجياً أن تحتضن مدينة المنامة عاصمة الإعلام العربي هذه الأفكار وأن يكون هناك ملتقى للإعلاميين الخليجيين وأيضاً مشاركة عربية من الزملاء العرب.
وأوضح بأنه ستكون هناك في المستقبل العديد من الأنشطة والفعاليات التي ستقام في مملكة البحرين ضمن فعاليات عاصمة الإعلام العربي منها ما هو خاص بمملكة البحرين ومنها ما هو خاص بمجالات التأهيل والتدريب، ومنها ما هو عام يشمل الإعلام العربي ككل.
وأعرب عن أمله أن تكون هذه الخطوة الأولى في فكرة عاصمة الإعلام العربي وأن تستمر في مدن عربية أخرى في المستقبل، موضحاً أنه تقدمت العديد من المدن لاستضافة هذا الحدث في العام المقبل.
وأكد أن الإعلام أصبح هو المؤثر في كل القضايا وأن الكل ينظر إلى الإعلام وتأثيره، مبيناً أنه عندما «نجتمع كإعلاميين خليجيين أو كإعلاميين عرب نناقش قضية لا تهم فقط الإعلاميين والعاملين في حقل الصحافة ولكن أيضاً تهم كافة المجتمع الذي أصبح إما الإعلام يتحرك معه أو يحركه».
وأضاف أن الإعلام أصبح وسيلة عامة للجميع يمارسها ويعمل فيها حتى في أهم الاقتصاديات والاستثمارات المتطورة في العالم.
وأشاد السيد الخميس باختيار المحور الرئيس لهذا الملتقى مؤكداً أنه اختيار جيد وجاء في توقيت مناسب.