العربية نت - قال خبراء اقتصاديون إن طرح شركة أرامكو السعودية سيكون مرتكزاً أساسياً لتطوير سوق الأسهم السعودية، وتوفير تمويل تتطلبه مرحلة التحول الوطني للاقتصاد السعودي، وكان الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، ولي ولي العهد السعودي، قد قال لمجلة «ذا إيكونوميست» إن قراراً بشأن طرح أولي لأسهم أرامكو سيصدر خلال بضعة أشهر.
وقال الخبير النفطي محمد الشطي إن خطوة طرح «أرامكو» للاكتتاب بلا شك تمثل تحولاً اقتصادياً إيجابياً باتجاه الشفافية، ولعل المهم في الموضوع هو أن التخصيص فقط يشمل نسبة بسيطة، والانتقال سيكون تدريجياً.
وأضاف الشطي أن هذا الأمر «يحسب للحكومة السعودية في طرح التغير، ومتابعة تأثير التغير أولاً بأول، بدلاً من الانخراط السريع في تغيير قد لا تعرف عواقبه».
وحول تأثير طرح «أرامكو»، قال الشطي: «على مستوى السوق النفطية الأمر إيجابي يصب في إعطاء شركة أرامكو صبغة العالمية والتحرك بمهنية أكبر».
ولفت الشطي إلى أن هذا التحول لا علاقة له بالأسعار، ولكن ربما له علاقة باتجاه السعودية لتوفير تمويل للمشاريع.
وقال أيضاً: «تبقى الحكومة السعودية المهيمنة على أرامكو والاحتياطيات النفطية وهو أمر يضمن الاستقرار».
وأشار الشطي إلى أن الشركات النفطية الحكومية هي ركيزة وأساس في اقتصاد المنتجين، قائلاً: «وعليه لا أعتقد أننا سنشهد تخصيصاً كاملا للشركات الوطنية، ولكن تخصيص واكتتاب جزء من أسهم الشركة، كما أعتقد من الأمور الإيجابية أيضاً في هذا المجال تشكيل علاقات أفضل مع الشركات العالمية والخدماتية».
وقال رئيس مركز جواثا الاستشاري، الدكتور إحسان بوحليقة، إن «أرامكو شركة هائلة، وطرحها يتطلب ترتيبات منوعة، ولا يبدو أن امتياز الاستخراج سيكون ضمن الطرح، فما تحت الأرض للحكومة، ويستغل بشروط وبمقابل مالي، وهذه تفاصيل غير متاحة حالياً». وأضاف بوحليقة: «أن طرح بهذه الضخامة يشمل نقاطا كثيرة، منها: استخدام حصيلة الطرح، ودور الحكومة لاحقاً وكيف ستمارسه، هل من خلال سهم ذهبي أم خلافاً لذلك؟ ومستوى الحوكمة والشفافية، فضلاً عن أنه في حال إقرار طرح أرامكو في اكتتاب عام فذلك سيعني نهاية عهد شركة النفط الحكومية، وستصبح أرامكو إحدى شركات النفط التجارية الساعية للربح مثل موبيل وبرتش بتروليوم، بل قد يسمح لها ذلك بالتحرر من كونها شركة محصورة في قالب محلي إلى منافسة تلك الشركات عالميا».
ويرى بوحليقة أنه بفَرض أن قيمة أرامكو 7 تريليونات دولار، فإنه يكفي طرح 1% لتغطية عجز 2016، على سبيل التقريب. وتصل قيمة إكسون موبيل إلى حوالي 300 مليار دولار، وهي تملك عشر ما تحت يد شركة أرامكو من احتياطيات مؤكدة. وأشار إلى أن امتياز الاستخراج لا يباع، فبيعه يعني عملياً بيع الاحتياطي برمته. لفت بوحليقة إلى أنه فيما يبدو فإن فكرة طرح أرامكو هي إحدى قنوات تمويل برنامج تحول الوطني، وفي حال صحة ذلك، تأتي الحاجة لتعريف البرنامج: هل للتحول أم للخصخصة؟ فالتحول أشمل وأعم، ويسعى لرفع الإنتاجية عبر تحويل المواطنين السعوديين لمهن أعلى إنتاجية ولأنشطة اقتصادية أعلى عائداً، ويفترض أن يؤدي ذلك إلى مكافحة الفقر والبطالة، ويتطلب مخرجات تعليم وتدريب وتأهيل منافسة عالمياً وليس فقط إقليمياً.
ولفت بوحليقة إلى أن السوق المالية السعودية يجب أن تمثل مرتكزاً لبرنامجي الخصخصة والتحول، فهل سوقنا المالية قادرة؟ وهل هي جاهزة للنهوض بذلك الدور؟ إذ يكمن الجدل حول أن القضية ليست إجراءات ورقية بل صلات السوق المالية، وجسورها مع الاقتصاد السعودي وسياساته وتطور أنشطته واحتياجاتها التمويلية، مؤكداً أن أرامكو «دانة» الاقتصاد السعودي.
من جهته، قال الكاتب الاقتصادي فضل بن سعد البوعينين: «منذ أن بدأت هيئة السوق المالية وهي تسعى جاهدة لتحقيق عمق السوق الذي لا يمكن بلوغه إلا من خلال زيادة الشركات المدرجة ذات الحجم المالي الضخم؛ وهو هدف لم يتحقق كما خطط له، فالتوسع في الطرح ومن ثم الإدراج تركز على شركات ضعيفة لا يمكن أن تحقق الدعم الأمثل للسوق، ولا الفرص الاستثمارية المربحة للمواطنين. وإذا ما استثنينا طرح البنك الأهلي الأخير لا نجد في الشركات البعد الاستثماري الجيد».
وأضاف: «من هنا أعتقد أن التفكير في طرح جزء من «أرامكو السعودية» إذا ما تحقق، فسوف يكون من الطروحات النوعية الداعمة للسوق والاستثمارات المتميزة للمواطنين. ولكن يجب أن نوضح أن شركة أرامكو هي الشركة المعنية بعمليات استخراج النفط، لا النفط نفسه، الذي يعتبر ملكاً للدولة، إضافة إلى ما تملكه من استثمارات في شركاتها البتروكيماوية التابعة ومنها صدارة وساتورب وغيرها من الشركات الأخرى. إذا نحن نتحدث عن وحدات تابعة لأرامكو مرتبطة بشكل أكبر بالعمليات التشغيلية، إضافة إلى الاستثمارات المباشرة المتمثلة في الشركات التابعة لأرامكو السعودية أو التي تشارك في رأسمالها حاليا».
وأشار البوعينين إلى أن الأمير محمد بن سلمان أجاب حول إمكانية بيع جزء من أرامكو بقوله: «هذه الفكرة قيد المراجعة»، وأبدى تحمسه للخطوة؛ وركز كثيراً على ثلاثة جوانب وهي دعم السوق؛ والشفافية؛ ومكافحة الفساد، وهي أمور يمكن للطرح العام أن يحققها بسهولة؛ حيث تصبح البيانات المالية وكل ما يتعلق بالشركة متاحا للمساهمين؛ الجمعية العمومية؛ إضافة إلى الجهات الرقابية في سوق المال. بمعنى آخر لن تتمتع أرامكو السعودية بحصانة معلوماتية كما هي عليه اليوم. المعروف أن توسع الشركات وكبر حجمها يتسبب في سلبيات في جانب الشفافية ومكافحة الفساد؛ خاصة في مرحلة الترهل الإداري؛ وبالرغم من كفاءة أرامكو؛ إلا أن التعامل معها وفق المعايير العالمية سيحقق الأهداف المرجوة».
ويرى البوعينين أن الشكل الأمثل للطرح ربما يرتبط أولا بالشركات التابعة لأرامكو السعودية؛ وهي شركات ضخمة متخصصة في إنتاج البتروكيماويات والمشتقات النفطية؛ يحتاج طرحها إلى جدولة خاصة، وبما يساعد على دعم السوق وإتاحة الفرص الاستثمارية للجميع وبخاصة صغار المستثمرين الذين ربما تؤثر الطروحات المتتالية ذات الحجم الضخم على قدرتهم في توفير الأموال المناسبة للاستثمار في الطروحات الأولية».
وأشار إلى أنه «عندما نتحدث عن أرامكو وشركاتها التابعة، فنحن نتحدث عن استثمارات من الدرجة الأولى، لذا يجب أن يكون تفكير الحكومة منصباً على استفادة جميع المواطنين منها لا ذوي الملاءة من رجال المال والأعمال».