حسام الصابوني
لم أتوقع أن تكون مقولته الشهيرة «روح» سهم يخترق الحواجز ويفجر كل ما هو منطقي ويحولها إلى كوارث غير طبيعية لا يعلمها إلا الله، سأروي ما حدث لي؛ لكن قبل أن أبدأ أوكد أن زميلي صاحب الوجه الباسم والابتسامة الراقية والعين الثاقبة، وما أدراك ما العين الثاقبة، يعترف مع سبق الإصرار والترصد بعينه «الحارة» التي لا تخطئ مرماه، ولكن في نفس الوقت أؤكد أنه من الأشخاص الذين يحملون قلباً أبيض.
في أحد الليالي الباردة من الشتاء، أتذكر عندما انتهيت من عملي مبكراً أنا وزميل آخر في نفس الوقت، وعندما هممنا بالخروج من صحيفة الوطن، فاجأني صديقي العزيز «أبو عين حارة» بلكنته العامية «هااااا شكلك رايح البيت من بدري»، وعندما حاولت المزاح معه لأذكره أنه مازال أمامه وقت طويل للانتهاء من عمله، فما كان منه إلا أن قال مقولته الشريرة «روح»، ولكن هذه المرة وجه سهمه في مرمى العبد لله وزميلي الآخر.
وعلى الرغم من أن زميلي يسكن في المنامة وأنا أسكن في الحد والطريقان مختلفان، إلا أنه يشاء القدر أن نمشي من نفس الطريق لينتهي بنا الحال للبقاء في الشارع إلى ما بعد الفجر وذلك لاصطدام سيارة زميلي بسيارتي من الخلف، وعلى الرغم من تحذيرات زملائي بالعمل مراراً وتكراراً من عدم الاحتكاك بزميلي «أبو عين حارة» إلا أنني أردت أن أثبت للجميع أن ما يقوم به زميلي مجرد «خزعبلات» ولكن كل محاولاتي باءت بالفشل، حيث انتهى بي المطاف مؤخراً أن تصاب سيارتي وسيارة زوجتي بعلة ارتفاع الحرارة في نفس اليوم فشل فيها الوكيل من تصليحها، فما كان مني إلا أن استحلفته بالله أن يتركني في حالي لأنه لم يعد في «الجيب» بقية، وفي النهاية فهمت أن التحدي كلفني 500 دينار، وقررت أن أعترف بإمكانياته ومهارته التي تخطت مهارة «ميسي» في كرة القدم.
هذا ما حدث لي؛ لكن ما حدث للآخرين من الزملاء كان أشد، وللحديث بقية عن «أبو عين حارة»، ولله الأمر من قبل ومن بعد، وربنا يستر على ما كتبته.
- فاصل..
كثيراً ما دعونا الله سراً وجهراً لتحقيق أمنيات ورد ظلمات، ولكن تأخرت الاستجابة لحكمة لا يعلمها إلا الله.
ومع كل ما نحاط به من يأس وقهر، لا نملك إلا الاستسلام لأقدارنا شئنا أم أبينا، إذ لم نعد نملك من أمرنا شيئاً بعد أن حاولنا ودعونا وتوسلنا ولم نحظ بما نتمنى.
ورغم أنني كنت ضد الروح الانهزامية وضد إسناد مصائبنا للقدر، لكن التجارب علمتني أن القدر يهزم إرادتنا.. ولله الأمر من قبل ومن بعد.