الجرائم السلبية هي الجرائم الواقعة بطريق الامتناع، ويتألف ركنها المادي من إحجام الجاني عن إتيان فعل إيجابي مفروضاً عليه إتيانه كواجب قانوني بافتراض قدرته عليه، والجرائم السلبية بهذا المعنى جرائم استثنائية أقرتها عدالة المشرع البحريني احتراماً وتحقيقاً لبعض الاعتبارات الأخلاقية.
ونصت المادة 22 من قانون العقوبات البحريني على أنه «لا يعاقب الفاعل عن جريمة ما لم تكن نتيجة لسلوكه الإجرامي، وإذا ارتكبت الجريمة العمدية بطريق الامتناع ممن أوجب عليه القانون أو الاتفاق أداء ما امتنع عنه عوقب عليها كأنها وقعت بفعله».
وجوهر الجريمة السلبية وجود واجب يفرضه القانون، بإنزال العقاب على مجرد الامتناع عن القيام بفعل معين، فإذا تحقق الامتناع أو الإحجام عن القيام قامت الجريمة السلبية لأن القانون الجنائي قواعده آمره، وعندما يأمر بإتيان عمل يكون الامتناع عن إتيانه جريمة سلبية.
ومع ذلك فهناك من الجرائم ما تكون صياغة الركن المادي الذي تتكون منه الجريمة على العموم بحيث يحتمل أن يقع بفعل أو بامتناع عن فعل فتكون الجريمة إما إيجابية كجرائم القتل والإصابة الخطأ أو سلبية كامتناع رجل الإسعاف أو المطافئ عن إغاثة أحد أعدائه بقصد قتله.
أما وأن الملحوظ في نصوص القتل بقانون العقوبات إنها لا تُحدد شكل السلوك الذي تقع به الجريمة ولا طبيعته وإنما تُعاقِب على كل سلوك ينشأ عنه موت فإن الحقيقة تؤكد أن القتل يحدث إما بفعل إيجابي أو يحدث كامتناع الأم عمداً عن إرضاع طفلها أو إحجام معلم السباحة عن إنقاذ تلميذه.
ومما سبق يتضح لنا أن الامتناع كالفعل الإيجابي سلوك إرادي سواء بسواء غاية الأمر إن الإرادة تكون «دافعة» للحركة في الفعل بينما تكون «مانعة» للحركة في الامتناع ، فإذا الامتناع كالفعل- سلوك -غاية الأمر أنه لا يتمثل في عمل معين، وإنما في الكف عن عمل معين وهو على هذا النحو يكون عاملاً في إحداث النتيجة أي سبباً لها بحيث لولاه ما وقعت.
ونص قانون العقوبات البحريني على عديد من الجرائم السلبية ونذكر منها:
- عدم إبلاغ السلطات عن الجرائم المضرة بأمن الدولة:
1. «الخارجي»: نصت المادة 141 على أنه «يعاقب بالحبس وبالغرامة أو بإحدى هاتين العقوبتين من علم بارتكاب جناية منصوص عليها في الجرائم الماسة بأمن الدولة الخارجي ولم يبلغ أمرها إلى السلطات».
2. «الداخلي» نصت المادة 158 على أنه «يعاقب بالحبس وبالغرامة أو بإحدى هاتين العقوبتين من علم بارتكاب جناية من الجنايات المنصوص عليها في المواد السابقة ولم يبلغ أمرها إلى السلطات العامة» – والمقصود بالمواد السابقة المواد الواردة في الفصل الخاص بالجرائم الماسة بأمن الدولة الداخلي من المادة «147» حتى المادة «158».
- الجرائم المخلة بواجبات الوظيفة العامة :
1. الامتناع عن تنفيذ الأمر بإطلاق سراح بريء: نصت المادة 210 على أنه «يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تجاوز خمس سنين كل موظف عام له شأن في إدارة أو حراسة أحد السجون إذا قبل إيداع شخص في السجن بغير أو من السلطة المختصة أو استبقاه بعد المدة المحددة في هذا الأمر أو امتنع عن تنفيذ الأمر بإطلاق سراحه».
2. الامتناع عن تنفيذ حكم أو أمر: نصت المادة 212 على أنه « يعاقب بالحبس كل موظف عام امتنع عمداً عن تنفيذ أحكام القوانين أو اللوائح أو القرارات أو الأوامر الصادرة من الحكومة أو أي حكم أو أمر صادر من المحكمة أو من أية سلطة عامة مختصة أو من تأخير تحصيل الأموال والرسوم بعد مضي ثمانية أيام من إنذاره على يد محضر إذا كان تنفيذ الحكم أو الأمر داخلاً في اختصاص الموظف».
• الجرائم الماسة بسير القضاء:
1. فنصت المادة 231 على أنه « يعاقب بالغرامة التي لا تجاوز عشرة دنانير من قام في أثناء مزاولته مهنة طبية أو صحية بالكشف على شخص متوفى أو بإسعاف مصاب بإصابة جسيمة وجدت به علامات تشير إلى أن وفاته أو إصابته من جناية أو جنحة ، أو إذا توافرت ظروف أخرى تدعو إلى الاشتباه في سببها ولم يبلغ السلطة العامة بذلك».
2. نصت المادة 235 على أنه «يعاقب بالحبس أو بالغرامة الشاهد الذي يدلي بعد حلف اليمين أمام محكمة جنائية بأقوال غير صحيحة أو يكتم كل أو بعض ما يعلمه من وقائع الدعوى التي يؤدي عنها الشهادة».
• المساس بسير العمل:
1. نصت المادة 293 على أنه « إذا ترك ثلاثة على الأقل من الموظفين العموميين عملهم ولو في صورة استقالة أو امتنعوا عمداً عن تأدية واجب من واجبات وظيفتهم ، متفقين على ذلك أو مبتغين منه تحقيق غرض مشترك عوقب كل منهم بالحبس مدة لا تجاوز سنة ، وتكون العقوبة الحبس إذا كان الترك أو الامتناع من شأنه أن يجعل حياة الناس أو صحتهم أو أمنهم في خطر أو كان من شأنه أن يحدث اضطراباً أو فتنة بين الناس أو إذا عطل مصلحة عامة أو إذا كان الجاني محرضاً».
2. نصت المادة 294 على أنه « يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر أو بالغرامة التي لا تجاوز خمسين ديناراً كل موظف عام ترك عمله أو امتنع عن عمل من أعمال وظيفته بقصد عرقلة سير العمل أو الإخلال بانتظامه.
وإذا كان الترك أو الامتناع من شأنه أن يجعل حياة الناس أو صحتهم أو أمنهم في خطر، أو كان من شأنه أن يحدث اضطراباً أو فتنة بين الناس، أو إذا عطل مصلحة عامة، أو إذا كان الجاني محرضاً، عد ذلك ظرفاً مشدداً».
3.نصت المادة 295 على أنه «يعاقب المقررة بالفقرة الأولى من المادة السابقة من حرض موظفاً أو أكثر بأية طريقة كانت على ترك العمل أو الامتناع عن تأدية واجب من واجبات الوظيفة إذا لم يترتب على تحريضه أي نتيجة.
ويعاقب بالعقوبة ذاتها من حبذ جريمة من الجرائم المنصوص عليها في الفقرة الأولى من هذه المادة أو الفقرة الأولى من المادة «293».
ويعد من وسائل التحبيذ إذاعة أخبار صحيحة أو كاذبة عن هذه الجرائم بطريقة من طرق العلانية».
• الامتناع عن الإغاثة:
1. نصت المادة 304 على أنه « يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ثلاثة أشهر أو بالغرامة التي لا تجاوز خمسين دينار من امتنع أو توانى بغير عذر عن تقديم معونة طلبها أحد رجال السلطة عند حصول غرق أو حريق أو أية كارثة أخرى».
2. نصت المادة 305 على أنه «يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ثلاثة أشهر أو بالغرامة التي لا تجاوز خمسين دينار من امتنع أو توانى بدون عذر عن إغاثة ملهوف في كارثة أو مجني عليه في جريمة».
• الامتناع عن تسليم الصغير نصت المادة 318 على أنه «يعاقب بالحبس أو بالغرامة من امتنع عن تسليم الصغير الذي يتكفل به إلى من حكم له بحضانته أو حفظه بعد طلبه منه.
ويسري هذا الحكم ولو كان المتكفل بالطفل أحد الوالدين أو الجدين».
• الامتناع عن دفع مستحقات فندق نصت المادة 386 على أنه « يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ستة أشهر وبالغرامة التي لا تجاوز خمسين ديناراً أو بإحدى هاتين العقوبتين من تناول طعاماً أو شراباً في محل معد لذلك ولو كان مقيماً فيه أو شغل غرفة أو أكثر في فندق أو نحوه أو استأجر عربة معدة للإيجار مع علمه أنه يستحيل عليه دفع الثمن أو الأجرة أو امتنع بغير مبرر عن دفع المستحق عليه من ذلك».
• الامتناع عن تقديم مستندات التجارة نصت المادة 402 على أنه «يعتبر مفلساً بالتدليس، ويعاقب بالسجن مدة لا تزيد على خمس سنين كل تاجر حكم نهائياً بشهر إفلاسه في إحدى الأحوال الآتية:
أولاً: إذا أخفى دفاتره أو أعدمها أو غيرها.
ثانياً: إذا اختلس أو أخفى جزءاً من ماله إضراراً بدائنيه.
ثالثًا: إذا اعترف بديون صورة أو جعل نفسه مديناً بشيء منها سواء كان ذلك في دفاتره أو ميزانيته أو غيرها من الأوراق أو في إقراره الشفاهي أو بامتناعه عن تقديم أوراق أو إيضاحات مع علمه بما يترتب على ذلك الامتناع».