في العشرين من أبريل عام 1925م، وقعت مؤامرة تاريخية كبيرة، خططت لها بريطانية الاستعمارية، وتواطأت على تنفيذها مع حكام إيران من الفرس الشيعة، نتج عن هذه المؤامرة احتلال قطر عربي أصيل ينتمي إلى الوطن العربي، هو إقليم الأحواز «ويعني الأرض المملوكة ذات الحدود المعلومة»، وهو الاسم الذي بقي متداولاً حتى عهد إسماعيل الصفوي «عام 1501م»، إذ أطلق الفرس على الأحواز منذ ذلك الوقت اسم: عربستان «أي: بلاد العرب». وقد أطلق عليه الإيرانيون كذلك اسم: خوزستان «أي بلاد القلاع والحصون»، نسبة إلى ما بناه العرب المسلمون في هذا الإقليم من قلاعٍ وحصون بعد معركة القادسية.
يقول مؤرخون لتاريخ المنطقة، إن احتلال الأحواز جرى بالتنسيق بين البريطانيين والإيرانيين، حين شعرت بريطانيا أن الشيخ خزعل الكعبي، آخر حكام الأحواز العرب، بات يشكل تهديداً لمصالحها الاستعمارية في مياه الخليج العربي، فأرادت أن تستبدله ببديل آخر موالي، إلا أن حساباتهم كانت في غير محلها، حيث اعترفت بريطانيا فيما بعد أن أكبر خطأ اقترفته في تاريخها بالخليج العربي هو أنها تعاونت ضد الشيخ خزعل وأسقطت إمارته وسلمتها لشاه إيران رضا بهلوي.
فتطلعات الشاه، ومن بعده نظام الخميني، لم تكن تختلف في طموحاتها الاستعمارية عن إيران، بالتالي وقع التضارب بين المشروعين وجرى الصراع على ثروات الأحواز وموقعها الاستراتيجي في المنطقة العربية.
ووفق أدق الدراسات، تبلغ مساحة الأحواز العربية «348» ألف كيلو متر مربع، أي أكثر من مساحة بلاد الشام كلها «سورية والأردن وفلسطين ولبنان»، وهو بهذا ثاني أكبر دولة خليجية، وفي الوقت نفسه أغنى من بقية جيرانه من الدول التي تطل على الخليج العربي، فلا توجد دولة في المنطقة يمكن أن تضاهي ثروات إقليم الأحواز من المياه والأراضي الخصبة والنفط والغاز.
لكن سلطات الاحتلال عمدت إلى تفتيت الأحواز، فانتزعت آلاف الكليومترات من مساحته وضمته إدارياً لمناطق أخرى، رغم ذلك يعي المواطن الأحوازي حدود وطنه العربي المحتل ويعرفه جيداً.
أما عدد سكان الإقليم المحتل، فقد اختلفت الإحصاءات في ذلك بسبب التعتيم والحصار الإعلامي الذي تفرضه سلطات الاحتلال الإيرانية على الإقليم، لكن إفادات ناشطين من داخل الأحواز تشير إلى أن عدد سكان الأحواز يتجاوز 12 مليون نسمة، غالبيتهم مازالوا من العرب، رغم محاولة التفريس التي قامت بها الحكومات الإيرانية المتعاقبة.
وبالمقارنة مع بقية المحافظات الإيرانية، فإن الأحواز تمتاز بأجود وأخصب الأراضي في البلاد، وتمتد الأرض الخصبة على طول الساحل الشرقي للخليج العربي، من شمالي شط العرب شمالاً إلى مضيق هرمز جنوباً «وهو المضيق الذي يصل بين الخليج العربي وخليج عمان»، وهي الأراضي الخصبة التي تتماثل طبوغرافياً مع الأراضي العراقية والعربية المجاورة، فيما تفصل بينها وبين بلاد فارس سلسلتا جبال زاغروس وجبال بختياري الشاهقتان الوعرتان، وهذا يعني بوضوح أن إيران لم يكن لها أي ساحل على الخليج العربي، إلا باحتلال الأحواز العربية في العشرين من أبريل عام 1925م، عندما وقع آخر أمرائها «الشيخ خزعل الكعبي» ضحية مكيدة بريطانية – فارسية، حين دعي إلى حفل على متن يخت بريطاني في شط العرب، حيث تم اعتقاله مع مرافقيه من قبل مجموعة من الضباط البريطانيين والفرس، واقتيد إلى سجن في طهران، فيما بدأت قوات «رضا خان بهلوي» بالهجوم العسكري واحتلال «الأحواز» بمساعدة بريطانية.