«حملة ممنهجة» للنيل من سمعة «المقاومة»، كان هذا توصيف «حزب الله» الشيعي اللبناني للإدانات العربية والعالمية لحصار الميليشيا الشيعية بلدة مضايا بريف دمشق الغربي، التي بلغ عدد ضحايا الجوع فيها 23 شخصاً خلال شهر، وفقاً للجهات الطبية فيها.
غير أن أنصار «حزب الله» أفشلوا محاولاته ترقيعَ صورته حين شنوا حملة واسعة النطاق، شمتوا فيها وسخروا من ضحايا الحصار الخانق الذي يفرضه الحليف الكبير لنظام الأسد، وقد قوبلت الحملة بحملة استهجان واستنكار من المؤيدين لثورة الشعب السوري. وتدخل مضايا يومها الـ209 تحت حصار مطبق تفرضه قوات نظام الأسد بقيادة حليفه «حزب الله»، حيث يطوقها من جميع الجهات بالجنود والآليات العسكرية ونحو 6000 لغم فردي، ما يجعل الدخول إليها أو الخروج منها مستحيلاً.
ومنعت المليشيات دخول أي نوع من أنواع الغذاء أو الدواء إليها، وهو ما وضع أهالي البلدة والمهجرين إليها من الزبداني وبقين وبلدات منطقة وادي بردى الذين حشرهم النظام فيها بقصد حصارهم جميعاً، على حافة الجوع، اضطروا خلالها إلى أكل الحشائش، في حين استحالت أجسادهم إلى هياكل عظيمة، وبرزت عظام أجسادهم الهزيلة.
مشاهد أهالي مضايا الذين استحالت أجسادهم إلى هياكل عظيمة، برزت فيها عظامهم وخارت قواهم والتصقت جلودهم بعظامهم، استدعت تعاطفاً عالمياً واسعاً ونداءات صارخة لنجدتهم وفك الحصار عنهم، إلا من قبل «جمهور المقاومة» الذين وجدوا في هذه الصور مادة للشماتة والسخرية، إلى حدّ دشنوا فيه حملة ساخرة للشماتة بالجائعين والمحاصرين.
وعلى وسم متضامن_مع_حصار_مضايا، أغرق أنصار ميليشيات «حزب الله» شبكات التواصل الاجتماعي «تويتر» و»فيسبوك» و«إنستغرام» بصور الموائد الغنية بالطعام، وتفننوا بالتقاط صور سيلفي مع موائدهم التي عجت بأشهى المأكولات والأطباق، أو أثناء إعداد «المشاوي»، أو بجانب الثلاجة الممتلئة بما لذّ وطاب، ونشروها على حساباتهم على الوسم المذكور مع عبارات تُسقط آخر ما تبقى من ماء وجه «حزب الله» وحواضنه الاجتماعية من كرامة إنسانية وأخلاق يمكن الحديث عنها.
كما نشروا صوراً لهياكل عظمية، تشبيهاً وشماتة بسكان بلدة مضايا الذين لم يبق من أجسادهم سوى بقايا لحم معلق بأجسادهم. واتهم مغردون آخرون، ممن أخذوا على عاتقهم تبرير جرائم النظام ومن يسانده من قوات حزب الله، بأن الصور التي تصدر من مضايا، ما هي إلا «ملفقة» تهدف لتشويه سمعة «المقاومة» التي بدأت طريقها نحو القدس، كما يقول «نصر الله»، من بوابة سوريا.
في المقابل، رد المعتصرون على صور أطفال مضايا، بانتقادات لاذعة عكست صدمة من وجود مثل هكذا «عديمي قلب وضمير»، وجدوا في مصائب الناس مسرحاً للسخرية والضحك.
واعتبر المغردون مثل هذه الأفعال من أنصار الحزب الشيعي، وصمة عار على جبين الحزب وأتباعه، ونسياناً لشهامة أهالي نفس البلدة في عام 2006، حين استقبلوا نازحي الضاحية الجنوبية إبان العدوان الإسرائيلي على لبنان، وتقاسموا معهم خبزهم وبيوتهم.
وكانت انتشرت في وقت سابق حملات على مواقع التواصل الاجتماعي ضد حصار مضايا، قال فيها المغردون إن حزب_الله_يقتل_مضايا_جوعا، استمرت لأيام وشارك فيها عشرات الآلاف من المغردين العرب، تلاها نصرالله_مجرم_حرب، الذي لاقى الرواج نفسه.
وقد دفع التحشيد الإعلامي والنداءات المستمرة منذ أيام، إلى إعلان الأمم المتحدة، أن نظام بشار الأسد وافق على إدخال مساعدات إنسانية إلى مضايا بعد ضغوط، مشيرة إلى أن ذلك لن يتم قبل غدٍ، وأكدت أن «القانون الإنساني الدولي يحظر استهداف المدنيين، ويحظر تجويعهم كأداة للحرب». ويوجد في مضايا نحو 42 ألف نسمة، بينهم نحو 120 مسلحاً لا يقومون بأعمال مسلحة، ويشار إلى أن وجود هذا العدد من الثوار في مضايا ليس سبب حصارها، إنما تحاصرها قوات الأسد للضغط على ثوار منطقة وادي بردى، لا سيما الزبداني المحاصرة أيضاً، والذين يشكل أهاليهم ما نسبته نصف سكان مضايا «20 ألفاً» بعد أن اضطرهم الأسد إلى دخولها وحشرهم فيها ليحكم خناقه عليهم.