حسن الستري
أنهى رئيس مجلس الشورى علي الصالح جدلاً ونقاشاً استمر قرابة ساعتين، بجلسة المجلس أمس، حول مشروع قانون تقاعد البرلمانيين والبلديين، ودعا لإرجاع المشروع إلى لجنة الخدمات لأجل غير مسمى، بهدف التوصل إلى حل يحقق العدالة للنواب والبلديين دون أن يكلف الدولة موازنة إضافية.
وأدرج المشروع، الذي أوصت لجنة الخدمات برفضه، في جلسة سابقة للمجلس، وتم سحبه لمزيد من الدراسة.
ويهدف مشروع القانون بتعديل بعض أحكام القانون رقم 32 لسنة 2009 بإنشاء صندوق معاشات ومكافآت التقاعد لأعضاء مجلسي الشورى والنواب والمجالس البلدية وتنظيم معاشاتهم ومكافآتهم إلى إلغاء الحد الأعلى لمعاشات التقاعد لأعضاء السلطة التشريعية والمجالس البلدية، والذي يبلغ أربعة آلاف دينار واحتساب المعاش التقاعدي على أساس آخر مكافأة خاضعة لاستقطاع الاشتراك عند انتهاء العضوية.
كما يهدف مشروع القانون إلى جواز طلب ضم مدة افتراضية، بحد أقصى سنتان إضافيتان، لتصبح المدة أربع سنوات لمن أمضى مدة لا تقل عن سنتين في عضوية المجلس التشريعي أو البلدي، وفق الشروط المحددة في مشروع القانون، والتي يلتزم فيها العضو والحكومة بسداد الاشتراكات عن المدة الافتراضية كل بحسب حصته بواقع النسبة المعمول بها وقت تقديم طلب الضم.
وبدأ النائب الأول لرئيس مجلس الشورى جمال فخرو المداخلات بقوله «ما توصلت له اللجنة رأي صحيح، ويجب على المجلس مساندة اللجنة، وهناك أسباب للرفض، ومن الخطأ في ظل الظروف الاقتصادية الحالية تحسين دخل الشوريين والنواب والبلديين السابقين، والآن يجب الإبقاء على ما هو عليه، وإذا تحسنت الظروف يمكن معالجة الأمر».
وتابع أن «البرلماني والبلدي يتقاضى بعد 4 سنوات 50% وبعد 8 سنوات 80%، وهي النسبة التي يتقاضاها الموظف بالدولة بعد 40 سنة، عندما يستقطع من العضو 400 دينار والحكومة تضع 800 فيدفع في موسم واحد 57 ألفاً، فما دفعه العضو يسترده العضو في 29 شهراً وما دفعه في دورتين يسترده في 36 شهراً، كما أن الأعضاء ثابتون بينما المتقاعدون يزدادون، بخلاف كل الصناديق الأخرى إذ يزداد الموظفون ويزداد المتقاعدون، هناك 164 متقاعداً مقابل اشتراكات من 120 برلمانياً وبلدياً، وإذا افترضنا خروج نصف العدد في كل دورة، فسيزيد 60 عضواً كل 4 سنوات، فمن أين يمولون؟، والحكومة تتحمل بالكامل بعد نفاد موارد الصندوق، نحن نتكلم عن أعباء حقيقية، وأي تعديل يتطلب أعباء حقيقة».
وذكر فخرو أن «تمرير القانون لا يعني أننا نطالب بمصالح المواطنين، ما يحصل عليه الأعضاء مبلغ كاف وأكثر من اللازم، نرفض زيادة تقاعد المواطنين ونزيد تقاعد الشوريين والنواب، وقد أوقف تقاعد الشوريين والنواب في المغرب نتيجة الظروف الاقتصادية».
من جانبه، قال العضو أحمد الحداد إن «القانون به شبهة عدم الدستورية تتمثل في التمييز بين المواطنين وبين أعضاء المجلس الوطني والبلديين».
وقال العضو د.عبدالعزيز أبل «نتحدث في المجلس عن منطق وعدالة في الاحتساب وليس العواطف ودغدغة المشاعر، والمقترح جاء من مجلسكم، وأحيل للحكومة لوضعه في صيغة مشروع بقانون ما يعني أن فكرة المقترح وافق عليه المجلس من حيث المبدأ، فكيف توصي اللجنة برفضه من حيث المبدأ، وهناك 4 صناديق للتقاعد وهي غير مترابطة ولا معنى لربط صندوق تقاعد الشوريين والنواب والبلديين بالصناديق الأخرى».
وتابع أبل أن «آلية الاحتساب تكون على أول راتب، بخلاف جميع الصناديق، فهل يعقل أن من دخل المجلس في الفصل الأول واستمر لأربع دورات، يحصل على أقل ممن دخل في الفصل الرابع وبقي دورة واحدة، لقد اتصل بنا نواب من التكميلية للدفع به».
وأيده د.محمد علي حسن، قائلاً إن «مشكلة القانون أنه جاء في ظروف مالية صعبة بغض النظر عن العدالة التي يحققها المقترح، نتكلم عن آليات يجب معالجتها، ولا نتحدث عن ظروف اقتصادية».
وبين العضو د.منصور سرحان أنه «حين ناقشنا زيادة رواتب المتقاعدين المدنيين والعسكريين وموظفي الخاص، تطرقنا لموضوع الدين العام وموضوع زيادة المصروفات عن الإيرادات في الصناديق وهبوط أسعار النفط، ما أستغربه في هذا الجلسة حين يأتي الأمر لمصالح الشوريين والنواب تختفي الهواجس والمشاكل والصعاب وكأن كل أمورنا طيبة، أطلب الموافقة على توصية اللجنة، يجب أن نضرب مثلاً رائعاً في إنكار الذات وتغليب مصلحة المواطنين على مصلحتنا الشخصية».
وفي السياق نفسه، قالت العضو زهرة الكواري إن «التواجد في المجالس خدمة للبلد وتأدية الواجب وظروفنا لا تسمح بمكافأة من دخلها».
وأشار النائب الأول لرئيس المجلس جمال فخرو إلى «لم أتحدث عن عاطفة ولم أدغدغ مشاعر الأعضاء فهم أكبر من ذلك، وضعنا الاقتصادي لا يسمح بصرف مليم إضافي لتقاعد الشوريين والنواب وإذا تحسنت الظروف يمكن أن نعدل المقترح، إذا كنا ننشد العدالة في الحقوق، فيجب أن تطبق على الجميع، راتب تقاعد عضو الشورى لمدة 8 سنوات يزيد عن راتب تقاعد وكيل وزارة قضى 40 سنة في الخدمة، هل هذه عدالة؟، الموضوع مبدأ وليس موضوع عاطفة، والمجلس السابق وافق على فكرة المقترح وهذا إجراء، ولكنه لم يوافق عليه من حيث المبدأ، فقد خرج من المجلس بصورة اقتراح بقانون، وهناك عجز إكتواري في الصندوق، وهناك عجز في الالتزامات المستقبلية بالصندوق، وكل دينار يدفع ينعكس سلباً على قدرة الصندوق في الوفاء بالتزاماته، وهذا يعني أن الحكومة ملتزمة بتسديد العجز، أما من دخلوا المجالس في التكميلية، فيعود لهم ما دفعوه، وبإمكانهم شراء فترة سابقة في الصناديق الأخرى، فهل يعقل أن يدفع العضو 9 آلاف دينار لكي يحصل على تقاعد مدى الحياة؟، المرسوم بدأ بتمويل من الحكومة، والأعضاء بدؤوا من سنة 2009 يدفعون والقانون سار بأثر رجعي منذ 2002».
وأجابه أبل، قائلاً «لم تقارنون تقاعد البرلمانيين والبلديين بالمواطنين، لما لا تقارنونه بتقاعد الوزراء الذين لا سقف لتقاعدهم، ويحصلون على 80 % من رواتبهم بعد عامين، وسابقاً كان بعد يوم واحد، لتجيبه ممثلة الحكومة بأن الوزراء ليس لهم صندوق معين، ولا يستلمون تقاعداً آخر غير تقاعدهم، وإن عملوا بالحكومة 40 عاماً قبل أن يعينوا وزراء، إذ يقتصر تقاعدهم على تقاعد الوزير، بخلاف البرلماني والبلدي الذي بإمكانه أن يجمع بين أكثر من تقاعد».
وقال العضو أحمد بهزاد، أين العدالة في احتساب المعاشات على أول راتب فيحصل من دخل الفصل الأول وبقي 4 فصول أقل ممن دخل مجلسين؟.
وبعد شذ وجذب، قال رئيس المجلس علي الصالح: الأعضاء تغيروا والظروف تغيرت، والمجلس السابق لا يملي قراره على المجلس الحالي، فحين يأتي مشروع بقانون في ظروف وحين تتغير الظروف يجب إعادة النظر، والقانون أتى في فترة طيبة، والقيادة كانت كريمة مع السلطة التشريعية، والقانون يحقق عدالة أكثر ولكن الظروف لا تسمح بتطبيقه، ولنتفاهم مع الحكومة لإيجاد مخرج ينصف من نسعى لإنصافهم دون أن نرتب أي أعباء أو التزامات على الميزانية، ولا أخفيكم، بذلت جهداً في هذا الاتجاه وهناك استجابة، وأرى إرجاعه للجنة لمزيد من الدراسة إلى أن نجد حلاً أفضل، وهو ما صوت المجلس عليه دون تحديد مدة لتقدم اللجنة تقريرها.