تبدو الولايات المتحدة على موعد مع أزمة أكثر عمقاً وخطورة من أزمة توقف الحكومة الفدرالية عن العمل، حيث يتوجب على الجمهوريين والديمقراطيين التوصل إلى اتفاق بشأن رفع سقف الديون الأميركية قبل السابع عشر من الشهر الحالي، ما يعني أن استمرار الخلاف بين الجانبين قد يعرض البلاد إلى أول تعثر عن سداد الديون الحكومية في تاريخ البلاد.
وتصاعدت وتيرة المخاوف في الولايات المتحدة وفي أوساط المراقبين والمحللين الاقتصاديين بصورة مفاجئة من أن يفشل البيت الأبيض في إقناع الكونجرس خلال الـ16 يوماً المقبلة في أن يوافق على رفع سقف الدين الحكومي، وهو ما سيؤدي إلى تعثر حتمي في سداد الدين الحكومي الأميركي لأول مرة في تاريخ البلاد، ويتسبب تبعاً لذلك بخفض التصنيف الائتماني لأكبر اقتصاد في العالم.
وقال المحلل الاقتصادي المقيم في بريطانيا، ورئيس قسم التداولات في "ساكسو بنك"، ياسر الرواشدة إن الأزمة الأكبر هي تلك التي تنتظر الأميركيين والعالم يوم 17 أكتوبر الجاري، حيث يتعين على الجمهوريين والديمقراطيين الاتفاق على رفع سقف الدين قبل ذلك التاريخ، وإلا فإن أكبر اقتصاد في العالم سيتعثر بصورة تلقائية اعتباراً من ذلك التاريخ.
وأضاف الرواشدة : "الجميع يرى أن أزمة الموازنة وتوقف عمل الحكومة الفدرالية بشكل جزئي أمر حدث في السابق، ولا مشكلة في أن يحدث اليوم، لكن المشكلة الحقيقية والكبرى هو أن تتعثر الولايات المتحدة في سداد ديونها".
وقالت جريدة "فايننشال تايمز" البريطانية إن ثمة قلق متزايد من قبل الخبراء والمراقبين من ألاّ تتمكن الولايات المتحدة من التوصل الى اتفاق بشأن رفع سقف الدين قبل الـ17 من الشهر الجاري، مشيرة إلى أن حدوث ذلك يعني "تعثراً تلقائياً"، وهو ما سيؤدي إلى "كارثة على الولايات المتحدة وعلى الأسواق في العالم".
وتقول الصحيفة إن لدى البيت الأبيض قلق من أن يستخدم الجمهوريون في المحادثات بشأن الديون نفس الاستراتيجية التي أدت إلى تعطيل عمل الحكومة.
وقال متحدث باسم البيت الأبيض أيضاً إن تعثر الحكومة الأميركية عن سداد ديونها سيؤدي الى انعكاسات وآثار "كارثية" ويمثل "تهديداً أساسياً للنظام الاقتصادي العالمي".
وتخشى الولايات المتحدة من أن تعاود مؤسسات التصنيف الائتماني العالمية أيضاً مراجعة تصنيفها، على غرار ما حدث في العام 2011 عندما خفضت وكالة "ستاندرد أند بورز" تصنيف الاقتصاد الأميركي ليفقد لأول مرة في تاريخه التصنيف الممتاز (AAA) الذي اهتز حينها لأول مرة بسبب مباحثات متعثرة في الكونجرس حول رفع سقف الديون.