لم يكن اقتحام السفارة السعودية في طهران حالة فردية أو هو الأول من نوعه بالنسبة لنظام الملالي، فعدم احترام القنصليات للبلد الضيف الموجود على أراضيهم كانت هي السمة الغالبة في العديد من الأزمات التي دخلت فيها إيران مع عدد من الدول الغربية، وإيران لها تاريخ مشهود باقتحام السفارات والقنصليات العربية والغربية والبداية، وربما من المفيد أن نعود بالذاكرة قليلاً إلى الوراء ونتذكر حادث اقتحام السفارة الأمريكية في 1979، فيما عرف بـ»أزمة رهائن إيران»، وهو مثال صارخ على أن إيران تاريخها أسود إيران في اقتحام السفارات، الغريب في الأمر هو تصريح مساعد وزير الخارجية الإيراني أمير عبداللهيان عقب اقتحام السفارة السعودية في مدينة مشهد الإيرانية بأن إيران هي الأكثر أمانا للبعثات الدبلوماسية، حيث جاء ذلك التصريح متعارضا مع التاريخ الإيراني الحافل باقتحامات متشابهة كانت أقواها اقتحام السفارة الأمريكية وأسر عدد من العاملين فيها.
أزمة الرهائن كانت دراما طويلة ومؤلمة للولايات المتحدة الأمريكية ففي نوفمبر عام 1979، اقتحم مئات الطلبة الإيرانيين السفارة الأمريكية في طهران حيث احتجزوا 52 مواطناً أمريكياً لمدة 444 يوماً حتى 20 يناير 1981، للتنديد بدخول الشاه السابق المستشفى في الولايات المتحدة وللمطالبة بإعادته إلى إيران، وكذلك للاحتجاج على ما وصفوه بـ«التدخلات» الأمريكية في الشؤون الإيرانية، وكان من بين المقتحمين للسفارة الأمريكية الطالب محمود أحمدي نجاد، والذي أصبح فيما بعد رئيساً لإيران، بعد أن تعرف عليه عدد من الرهائن الأمريكان والذين أكدوا بأنه واحداً من أفراد المجموعة بل قال بعضهم إنه شارك في جلسات استجوابهم.
حاولت الولايات المتحدة الدخول في تفاوض للإفراج عن المعتقلين إلا أنها فشلت في إطلاق سراح الرهائن، ونفذت عملية عسكرية لإنقاذهم في 24 أبريل 1980، لكنها فشلت وأسفرت عن مقتل 8 جنود أمريكيين وإيراني مدني واحد.
وُصفت الأزمة بأنها حادثة محورية في تاريخ العلاقات بين إيران والولايات المتحدة، ويعتقد بعض المحللين السياسيين أن الأزمة كانت سبباً في هزيمة الرئيس الأمريكي جيمي كارتر في الانتخابات الرئاسية.
انتهت الأزمة بالتوقيع على اتفاق في الجزائر يوم 19 يناير 1981، وتم بموجبه الإفراج عن الرهائن رسمياً في اليوم التالي، بعد دقائق من أداء الرئيس الأمريكي الجديد رونالد ريجان اليمين كرئيس للولايات المتحدة خلفاً لكارتر، واعتبرت الأزمة أداة مهمة لتعزيز وضع المرشد الأعلى الإيراني علي الخميني والذي بدوره استفاد بشكل مباشر من تلك الأزمة وكانت أيضا بداية فرض عقوبات اقتصادية أمريكية على إيران.
بعد مهزلة الرهائن بثلاثة أشهر جمع الخميني جمعاً من مرتزقته وخطب فيهم خطاباً جاء فيه هذه الجملة (إن هذه الثورة الثانية -أي: أخذ الدبلوماسيين الأمريكان كرهينة؛ حتى يعيد الأمريكان الشاه وأمواله إلى إيران- أهم بكثير من الثورة الأولى التي أدت إلى تغير النظام).
بعد 35 عاماً على وقوع الحادثة، اقرر الكونغرس الأمريكي في ديسمبر 2015 ، دفع تعويضات للرهائن السابقين في السفارة الأمريكية بطهران.
وصوّت الكونغرس على قانون المالية الذي يمدد لخمسة أعوام صندوق تعويضات ضحايا اعتداءات 11 سبتمبر وينص على برنامج جديد لصالح ضحايا الاعتداءات التي ارتكبت بدعم من دول، الأمر الذي يشمل اعتداءات طالت السفارتين الأمريكيتين في تنزانيا وكينيا في عام 1998 وبيروت في عام 1983، إضافة إلى احتجاز 53 شخصاً في طهران لمدة 444 يوماً بين عامي 1979 و1981.
وقد أقر القانون حصول كل رهينة سابق في طهران على 10 آلاف دولار عن كل يوم احتجاز، ما يوازي 4.4 مليون دولار، أما زوجات الرهائن وأبناؤهم فحصلوا كل منهم على 600 ألف دولار.