دخل شلل الادارات الحكومية في الولايات المتحدة الخميس يومه الثالث غداة فشل اجتماع بين مسؤولين في الكونغرس والبيت الابيض في التوصل لاتفاق ينهي ازمة الموازنة، بينما حذر الرئيس باراك أوباما من كارثة تخلف البلاد عن السداد.
وعلى مدى ساعة التقى الرئيس اوباما في البيت الابيض مساء الاربعاء رئيس مجلس النواب، الجمهوري جون باينر، غير ان المحادثات لم تحقق اي اختراق في الوقت الذي يقضي فيه مئات الاف الموظفين في الادارات الفدرالية اجازة اجبارية غير مدفوعة الاجر اضافة الى اغلاق المتاحف والمنتزهات العامة، وذلك بموجب قرار التعطيل الجزئي لادارات الحكومة بسبب عدم اقرار الميزانية الفدرالية.
ولا يزال المحافظون الجمهوريون يصرون على مطلبهم بالغاء او تعديل قانون "اوباما كير" للتأمين الصحي مقابل الموافقة على ميزانية السنة المالية الجديدة التي بدأت الثلاثاء. ولكن الرئيس يرفض اي مساس بقانون الاصلاح الصحي الذي عمل جاهدا لاقراره.
ويتبادل الطرفان الاتهامات برفض التفاوض في حين لم تلح حتى الساعة أي بارقة امل تؤشر الى قرب التوصل الى حل ينهي الانقسام الحاد في واشنطن.
واثر الاجتماع قال باينر ان "الرئيس كرر مرة جديدة القول انه لا يريد التفاوض".
واعلن البيت الابيض بعد الاجتماع الذي استمر حوالى ساعة ونصف الساعة ان اوباما "قال بوضوح انه لن يتفاوض حول ضرورة تحرك الكونغرس من اجل اعادة فتح الحكومة او لزيادة سقف الدين بهدف دفع المستحقات التي راكمها الكونغرس".
واكد الرئيس ان "مجلس النواب (ذا الغالبية الجمهورية) يمكن ان يتحرك اعتبارا من اليوم لاعادة فتح الحكومة وانهاء الاضرار التي يسببها هذا الشلل للاقتصاد والعائلات في كافة انحاء البلاد"، مضيفا ان أوباما لا يزال "متفائلا ازاء ان المنطق سيسود".
واغلقت الادارات الفدرالية الاميركية جزئيا منذ صباح الثلاثاء بسبب عدم التوصل الى اتفاق في الكونغرس حول الموازنة.
ويرفض الجمهوريون المعارضون لاصلاح الضمان الصحي الذي اقره اوباما، التصويت على موازنة لا تلغي هذا التمويل. وقد هددوا ايضا بربط هذه المسالة بقضية رفع سقف الدين وهو امر ضروري بحسب وزارة الخزانة قبل 17 اكتوبر.
واذا لم يعط الكونغرس موافقته، قد تجد الولايات المتحدة نفسها متخلفة عن الدفع اعتبارا من ذلك التاريخ، وهو وضع غير مسبوق.
وعند خروجه من البيت الابيض استبعد زعيم الغالبية الديموقراطية في مجلس الشيوخ هاري ريد ايضا التنازل في قضية اصلاح الضمان الصحي وحث الجمهوريين على اعتماد قانون موازنة لمدة بضعة اسابيع من اجل افساح المجال امام التوصل الى اتفاق اوسع نطاقا في وقت لاحق.
وقبل ذلك اعرب الرئيس الاميركي عن سخطه من ازمة الميزانية مع الكونغرس وذلك في مقابلة بثته محطة التلفزيون "سي ان بي سي".
وقال "بالتاكيد، انا ساخط لان هذه الازمة غير ضرورية على الاطلاق" مكررا انه لن يتفاوض مع خصومه الجمهوريين على رفع سقف الدين وهو امر ضروري بالنسبة لوزارة الخزانة قبل 17 أكتوبر.
واوضح اوباما الذي التقى الاربعاء ايضا مسؤولين من اكبر المصارف الاميركية في البيت الابيض، ان "وول ستريت هذه المرة يجب ان تكون قلقة" من الشلل الحالي وخصوصا في مسألة الدين.
وقال اوباما ايضا "عندما يكون هناك وضع فيه طرف مستعد لعرقلة مستحقات الولايات المتحدة (تجاه الدائنين) فعندها نكون في مشكلة".
وعبر عن استيائه من فكرة "انه اذا لم اقل لعشرين مليون شخص انه ليس بامكانهم الحصول على الضمان الصحي فان الدولة ستبقى مشلولة" بسبب الجمهوريين واصفا هذا الموقف بانه "غير مسؤول".
واضاف "اذا اعتدنا ان نسمح لحزب ان يعمد الى الابتزاز (...) فعندها لن يكون بامكان اي رئيس يأتي من بعدي ان يحكم بشكل فعال".
وعبر رئيس البنك المركزي الاوروبي ماريو دراغي الاربعاء عن قلقه، معتبرا ان هذا الشلل في الادارات يطرح "اذا طال امده مخاطر على الولايات المتحدة والعالم".
وفيما يبدو ان شلل الادارات سيستمر لفترة طويلة، سجلت البورصات الاميركية تراجعا حيث خسر مؤشر داو جونز عند الاغلاق 0,39% فيما تراجعت الاسواق الاوروبية والاسيوية ايضا. وخسرت بورصة طوكيو ايضا 2,17% الاربعاء.
وخلفت الازمة عواقب ايضا على برنامج عمل أوباما الذي الغى الاربعاء زيارة كانت مرتقبة في 11 اكتوبر الى ماليزيا واخرى الى الفيليبين. ولا يزال الشك يحيط بامكانية حضوره قمتين دوليتين.
واصبح حوالى 800 الف موظف اميركي في الادارات العامة اعتبروا غير اساسيين من اصل اكثر من مليونين، في عطلة غير مدفوعة فيما خفضت كل الادارات عدد موظفيها الى الحد الادنى الضروري، وهي سابقة في الولايات المتحدة منذ العام 1996.
وبات حتى البيت الابيض يعمل ب25% من موظفيه. لكن تم استثناء الامن القومي والخدمات الاساسية مثل العمليات العسكرية والمراقبة الجوية والسجون.
وهذا الاغلاق يأتي بعد 33 شهرا من التجاذبات والمواجهات بشأن الميزانية بين الديمقراطيين والجمهوريين الذين استعادوا السيطرة على مجلس النواب في يناير 2011 بعد انتخاب عشرات الاعضاء من التيار الشعبوي المتشدد المعروف بحزب الشاي ("تي بارتي").