الرباط - (أ ف ب): أدى التنسيق الأمني بين المغرب ودول أوروبية على خلفية اعتداءات باريس إلى توقيف مشتبه به بلجيكي في المغرب «على علاقة وطيدة» بمدبري هذه الهجمات، ما يؤكد أهمية التعاون تجنباً لتفجيرات دامية جديدة. وأظهر تبادل المعلومات الأمنية فاعليته منذ تفكيك خلية مولنبيك، معقل المتطرفين في ضاحية بروكسل.
وأعلنت الداخلية المغربية اعتقال بلجيكي من أصل مغربي الأسبوع الماضي «على علاقة وطيدة» مع عبد الحميد أباعود، «العقل المدبر» لاعتداءات باريس في 13 نوفمبر الماضي التي أدت إلى مقتل 130 شخصاً.
وكشفت النيابة الفيدرالية البلجيكية أن الشاب يدعى جلال عطار. وكشفت التحقيقات المغربية أن العلاقة بين عطار واباعود، بدأت حينما التقيا في معسكرات التدريب التابعة لتنظيم الدولة «داعش» الإرهابي في سوريا. لكن لم يتم التأكد بعد من علاقة عطار المباشرة أو غير المباشرة بتخطيط او تنفيذ اعتداءات باريس. وذكرت وسائل إعلام بلجيكية وفرنسية أن عطار «26 عاماً» يتحدر من حي مولنبيك كما اباعود وشكيب عكروه، البلجيكي الآخر من أصل مغربي الذي فجر نفسه في شقة «سان دوني» بباريس.
يذكر أن معلومات قدمتها الرباط لعبت دوراً مهما حسب المسؤولين الفرنسيين في تحديد مكان هؤلاء الجهاديين. واكدت الداخلية المغربية أن عطار تنقل بسهولة بين فرنسا والمانيا وهولندا وبلجيكا وتركيا، وتتبع الأجهزة الأمنية لمسار المتطرفين حسب منار السليمي مدير «المركز المغاربي للدراسات الأمنية وتحليل السياسات» يكشف أن «المخابرات المغربية لديها قاعدة معطيات كبيرة حول ظاهرة الإرهابيين الرحل عبر الدول». وبحسب السليمي فان «الانتربول يعتمد على المغرب في الحصول على معلومات حول انتقال الإرهابيين، فالمخابرات المغربية باتت تدرك خطر التسرب عبر الممرات الأوروبية ولديها معلومات عن انتقال الإرهابيين عبر تركيا نحو أوروبا وشمال أفريقيا». ونظراً للأعداد الكبيرة للمغاربة في صفوف تنظيم الدولة «داعش» «1500 مقاتل»، دون احتساب مغاربة اوروبا، يوضح السليمي أن المملكة «طورت عبر التحقيقات مع العائدين من بؤر التوتر قاعدة بياناتها (...) وهو ما تتقاسمه مع حلفائها». وقال عبد الحق الخيام، مدير المكتب المركزي للتحقيقات القضائية التابع لمديرية مراقبة التراب الوطني، إن الرباط ابلغت باريس وبروكسل بعلاقة منفذي اعتداءات باريس بخلية مولنبيك، الأمر الذي أدى إلى تجنب هجمات خطيرة كان مخططاً لها حسب قوله. وقد اعتقلت السلطات شقيق عبد الحميد ابا عود، واسمه ياسين في أكتوبر الماضي خلال زيارة عائلية للمغرب، كـ «إجراء احترازي» باعتبار أنه «ينتمي إلى أسرة متورطة في قضية «إرهاب»» بحسب الخيام. كما حكم على أباعود غيابيا في المغرب عام 2014 بالسجن 20 عاما بعد ادانته بتجنيد مقاتلين لصالح التنظيم المتطرف وخطف شقيقه ياسين حين كان عمره 13 عاما من اجل القتال الى جانب التنظيم، في حين حكمت عليه بروكسل في يوليو 2015 بالسجن بتهمة «تجنيد مقاتلين». ومباشرة بعد اعتداءات باريس، اعلنت الرباط تفكيك العديد من الخلايا المرتبطة بالتنظيم المتطرف.
وتزايدت وتيرة التفكيكات في المملكة مع تشديد قانون العقوبات في مجال مكافحة الارهاب، وكذلك عقب تأسيس المكتب المركزي للتحقيقات القضائية ذي الصبغة الاستخباراتية، في مارس 2015.
وقال السليمي ان «تزايد الطلب على الخبرات الامنية المغربية، يعود الى القدرة التحليلية والتوقعية لمعلومات تم تجميعها منذ التسعينيات عندما كان المقاتلون المغاربة الى جانب تنظيم القاعدة».
كما تراقب السلطات المساجد وطرق تمويلها وخطب الجمعة في إطار «اعادة هيكلة المجال الديني»، عقب تفجيرات الدار البيضاء العامين 2003 و2007، ثم تفجير مقهى اركانة بمراكش عام 2011.
وتحرص الرباط على إعادة تكوين الأئمة والمرشدين الذين كانت غالبيهم تفتقر إلى مستوى تعليمي باستثناء انهم يحفظون القرآن، ومنهم من تم إرساله الى اوروبا لإبعاد المغاربة عن التطرف.
لكن رغم ذلك فإن 80% ممن اعتقلوا في القارة العجوز بين 2003 و2010 في قضايا الإرهاب هم من أصول مغربية.