رأيت منذ مدة في شوارع متفرقة من البلاد، لافتات تابعة لوزارة الداخلية تدعو المواطنين إلى عدم السكوت عن أشكال الفساد والإبلاغ عنه، مع وضع رقم للخط الساخن لمكافحة الفساد أسفل اللافتات، فتساءلت حينها عما إذا وردت أية شكوى فعلية لوزارة الداخلية بهذا الشأن.
إن الفساد بشكله الوحشي يدمر أي بناء مستقبلي مهما كان أساسه قوياً، فاختلاس أموال الدولة وتوجيهها لأغراض غير التي خصصت لها، وإساءة استخدام السلطة العامة (الحكومية)، إلى جانب الانتهاك الواضح لمفهوم النزاهة «الذي يجب أن يخطه كل مسؤول مع المسؤول عنهم»، تعد أوجهاً من الأوجه الرئيسة لمصطلح الفساد الذي لابد -بطبيعة الحال البشرية- أن يتخلل أي مجتمع، لكن العبرة ليست في التعرف عليه فحسب بل في كيفية تداركه قبل أن ينتشر في جسد الوطن ويصبح لصيقاً بخلايا العمل في المؤسسات الحكومية على وجه الخصوص.
ولا يخفى علينا أن الكثير من المؤسسات الحكومية منها والخاصة تعاني من هذه المشكلة ولو بشكل بسيط، فكثيراً ما سمعنا وقرأنا عن حالات الرشوة التي تحصل تحت الطاولات، إلى جانب حالات الابتزاز، فضلاً عن المحسوبية والاختلاس الواضح في بعض المؤسسات.
ومما لا شك فيه، أن «الفساد» يسرع من مشكلة الانحدار المالي في ميزانية المؤسسات والشركات، فتضطر بعض الجهات إلى التخلي عن خدمات موظفين بسطاء كثر قد يشغلون مواقع حساسة في العمل الفعلي للمؤسسة، ليبقى المسؤولون بلا إنتاج حقيقي.
فلنضع كل ما قيل سلفًاً جانباً، ولنركز على الوضع الحالي في المملكة، فالأزمة الاقتصادية التي تشهدها المنطقة -البحرين خصوصًا- تضع الجهات المسؤولة في موضع صعب وحساس للغاية، يجبرها على إعادة وضع استراتيجيات تتناسب مع انحدار الاقتصاد المشهود، وسرعة إيجاد حلول مهما كانت، وهذا ما لمسته في هذه المبادرة من وزارة الداخلية.
نقطة ارتكاز: يبقى السؤال: هل فعلاً سوف يُكسر حاجز الصمت بعد صمتٍ طال؟
سوسن يوسف
فريق البحرين للإعلام التطوعي