بغداد - (العربية نت، وكالات): تتجه الأنظار في العراق إلى سد الموصل، أكبر سدود البلاد، وسط مخاوف من انهياره والتسبب بكارثة في المدينة، فيما أعلن مسؤولون أمريكيون في العراق أنهم يقومون بمعاينة السد لتحديد حالته. ويعتبر سد الموصل موقعاً إستراتيجياً يؤمن المياه والكهرباء لأكثر من مليون شخص شمال العراق، وفي هذا الصدد أثارت تصريحات قائد قوات التحالف الدولي لمحاربة «داعش» حول خطر انهيار السد والكارثة التي يمكن أن يحدثها، خاصة وأن انهياره يهدد حياة آلاف العراقيين. ويعاني السد الذي شيد في عهد الرئيس العراقي السابق صدام حسين من مشكلة بنيوية دفعت المهندسين في الجيش الأمريكي إلى وصفه بأنه «أخطر سد في العالم» في تقرير نشر في 2007.
وحذر مسؤولون أمريكيون كبار من خطر حدوث كارثة كبرى في حال انهيار السد الذي قد يسبب موجة ارتفاعها 20 متراً قد تغمر الموصل. وسيطر تنظيم الدولة «داعش» الإرهابي بعد هجوم شرس في يونيو 2014 على مساحات كبيرة من محافظة نينيوى ومركزها مدينة الموصل شمال العراق ووصل إلى سد الموصل الواقع على بعد نحو 40 كيلومتراً شمال شرق الموصل.
وظل سد الموصل تحت سيطرة التنظيم المتطرف لنحو أسبوع قبل استعادته. ولكن أعمال الصيانة ظلت متوقفة ما زاد الخشية من انهيار السد الضعيف أصلاً. وتبحث حكومة بغداد عن شركة لتنفيذ أعمال الصيانة.
وقال قائد العمليات الدولية ضد التنظيم المتطرف الجنرال شون ماكفرلاند خلال لقاء مع صحافيين في بغداد، «نعمل الآن على تحديد احتمالات انهيار السد».
وأضاف «وضعنا أجهزة قياس على السد في ديسمبر الماضي، لنحاول التعرف إلى أي مدى تحرك السد أو تآكل مع الوقت».
وتابع «مازلنا نتابع تقييم البيانات» ولكن في حال انهيار السد، «فإن ذلك سيحدث بسرعة، وهو أمر سيء، لذلك نحن نحاول تقييم الوضع». ويشارك الأمريكيون الحكومة العراقية المعلومات التي جمعوها ويعملون على وضع خطة لإفراغ السد.
وقال ماكفرلاند «لو كان هذا السد في الولايات المتحدة لقمنا بإفراغ البحيرة التي وراءه، وأوقفنا استغلاله». واستعادت القوات الكردية السد الإستراتيجي بمساندة الطيران الأمريكي من التنظيم المتطرف في أغسطس 2014. وسد الموصل وعمقه 20 متراً هو أكبر سدود العراق ويؤمن الطاقة والمياه لأكثر من مليون شخص في شمال البلاد.
وذكر المتحدث باسم قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن، الكولونيل ستيف وران، أن كوادر هندسية عسكرية قامت بتثبيت أجهزة الاستشعار. وقال إن «المتطرفين سيطروا لنحو أسبوع على السد وقاموا خلاله بأمرين، الأول، سرقة كل المعدات (...) والثاني، طردوا جميع العاملين». وأضاف «لدى استعادة السيطرة، لم يكن هناك أي من المعدات ولم يعد أي من العمال. لذلك، ازدادت معدلات التآكل بسبب عدم وجود صيانة دورية، لعمليات الحشو الدورية».
ولعل أبرز الأسباب التي فاقمت مشكلة السد وصموده أنه أنشئ في الأساس على تربة قابلة للذوبان وتحتاج بصورة مستمرة إلى التدعيم من أجل تعزيزه ومنع انهياره الذي قد يدفع المياه التي يبلغ ارتفاعها 20 متراً باتجاه مدينة الموصل التي تضم نحو 1.7 مليون نسمة.ويقع السد على بعد نحو خمسين كيلومتراً شمال مدينة الموصل على نهر دجلة، وقد تم تدشينه عام 1986.
وبحسب دراسة أجراها مفتشو الولايات المتحدة عام 2007، قدر معدل إنتاج السد بـ750 ميغاواط قيل إنها تكفي لتغطية حاجة 675 ألف منزل.
ويخزن السد كذلك كميات من المياه تبلغ 12 مليار متر مكعب لأغراض الشرب والزراعة لجميع أنحاء محافظة نينوى، ويشكل جزءاً من نظام التحكم الإقليمي بالفيضانات.
ويعتبر السد الذي شيد عام 1983 في زمن الرئيس الأسبق صدام حسين، رابع أكبر سد في الشرق الأوسط، ويبلغ طول السد الرئيسي 3.4 كلم، فيما يبلغ ارتفاعه 113 متراً، وتطلب إنشاؤه نحو 37.7 مليون متر مكعب من المواد، معظمها استخدم من الخرسانة والتربة. وتكشف الورقة التي قدمتها منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية في دراسة لها عام 2007 أن بنية السد ليست مستقرة، لأنه شيد على الجبس والحجر الجيري الذي يضعف عند تعرضه للماء ويترك تجاويف في الجزء السفلي.
ويتوجب ملء هذه التجاويف باستمرار بمادة الجص بكميات قدرت في 2007 بمئتي طن سنوياً.يذكر أنه حين سيطر «داعش» عليه، وقام التحالف الدولي بقصف التنظيم هناك، شرح الرئيس الأمريكي باراك أوباما في رسالة إلى الكونغرس سبب تنفيذ غارات قريبة من السد بالقول «سقوط السد يمكنه أن يهدد حياة عدد كبير من المدنيين، ويضع موضع الخطر الموظفين الأمريكيين ومنشآتنا، بما فيها سفارتنا في بغداد، كما أنه سيمنع الحكومة العراقية من توفير خدمات أساسية وذات حساسية للسكان العراقيين».