الكويت - (وكالات): تواجه الكويت عضو منظمة أوبك تحدياً حقيقياً يتمثل في كيفية الحفاظ على مستوى مرتفع من الإنفاق سواء على المشاريع الاستثمارية أو الدعم المقدم للمواطنين الذين ينعمون بمستوى عال من الدخل في وقت تشهد فيه أسعار النفط هبوطاً مستمراً. وأعلنت وزارة المال الكويتية عن توقع عجز قياسي يناهز 38 مليار دولار في موازنة السنة المالية 2016/2017، نتيجة الانخفاض الحاد في أسعار النفط الذي يشكل مورداً أساسياً للخزينة العامة.
وأوضحت الوزارة في تغريدات على موقع «تويتر»، «بلغت جملة الإيرادات 7.4 مليار دينار «24.4 مليار دولار» بميزانية 2016/2017» التي تبدأ سنتها المالية في الأول من أبريل المقبل. وتبلغ النفقات 18.9 مليار دينار «64.6 مليار دولار»، بانخفاض نسبته 1.6 % عن العام المالي السابق. وعليه، يقدر عجز الموازنة بـ 12.2 مليار دينار «40.2 مليار دولار»، بما يوازي 64 % من إجمالي المصروفات المقدرة. وقالت الوزارة إن الإيرادات ستغطي 71 % فقط من إجمالي بند المرتبات وما في حكمها في ميزانية العام المقبل. وأقرت الموازنة في جلسة مشتركة لمجلس الوزراء والمجلس الأعلى للتخطيط والتنمية مساء أمس الأول.
ومن مجمل الدخل، تبلغ الإيرادات النفطية في الموازنة المقبلة 19.1 مليار دولار، ما نسبته 78 % فقط من إيرادات الموازنة، علماً أن النفط كان يساهم عادة بزهاء 94 % من الإيرادات. وفي الموازنة الجديدة، تعد إيرادات النفط أقل بـ 46 % من العام المالي السابق، وأقل بـ 74 % من إيرادات النفط في 2014/2015.
واحتسبت إيرادات النفط في الموازنة المقبلة وفق سعر 25 دولاراً للبرميل، في مقابل 45 دولاراً للسنة الجارية. وانخفض سعر برميل النفط الكويتي إلى 19 دولاراً الأسبوع الماضي، ويتداول حالياً في حدود 23 دولاراً.
وتوقعت الكويت عجزاً بنحو 23 مليار دولار في السنة المالية الحالية التي تنتهي في 31 مارس المقبل، وذلك للمرة الأولى بعد 16 عاماً من تسجيل فوائض، ما ساهم في تكوين احتياط بنحو 600 مليار دولار. وكانت الكويت أفادت بتسجيل عجز أولي بثمانية مليارات دولار في الأشهر التسعة الأولى من السنة المالية الجارية. وعادة ما يرتفع هذا الرقم في الربع الأخير من السنة، بعد إجراء التعديلات الحسابية. وأعلنت كل دول مجلس التعاون الخليجي عجزاً في موازناتها جراء انخفاض أسعار النفط بشكل حاد منذ منتصف 2014. وبدأت الدول باتخاذ إجراءات تقشف، شملت خفض الدعم عن مواد أساسية بينها الوقود والكهرباء والمياه وغيرها. وسبق للكويت أن أعلنت تحرير أسعار الديزل والكيروسين، وتبحث في خفض الدعم عن مواد أخرى. إلا أنها تواجه صعوبة في خفض الأنفاق الذي تضاعف أكثر من 4 مرات منذ عام 2006، بحسب أرقام رسمية.
وتقدر كلفة الأجور في الموازنة الجديدة بنحو 34 مليار دولار، أو ما يوازي 55 % من كامل الأنفاق، في حين يشكل الدعم 15 % منه. ورجح مدير مركز الشال للدراسات الاقتصادية جاسم السعدون أن تلجأ الحكومة للسحب من الاحتياطي العام للدولة لسد العجز في الميزانية. وقال «سواء سحبوا بشكل مباشر أو غير مباشر وطالما كانت المصادر الأخرى للدخل معدومة، فإن البديل هو أن تسحب من الاحتياطي أو تقترض بضمان الاحتياطي وهذا هو أخطر ما يمكن أن يحدث».
وطالب أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح في تصريحات نشرت له الأسبوع الماضي الحكومة بوقف الدعم وزيادة أسعار الوقود والكهرباء والماء في إطار ترشيد الإنفاق في ظل الهبوط المستمر لأسعار النفط، مؤكداً ضرورة أن يشعر المواطن «بالمسؤولية من أجل المساهمة في ميزانية الدولة».
لكن الأمير أكد في الوقت نفسه على ضرورة «الحفاظ على الحياة الكريمة للمواطنين وعدم المساس بمتطلباتهم المعيشية الأساسية».
وتدرس الحكومة حالياً إعادة هيكلة الدعم المقدم للمواطنين سواء في الكهرباء والماء أو البنزين فيما تسميه سياسة «ترشيد الدعم» ومن المقرر أن تناقش هذه الدراسات في مجلس الأمة في فبراير المقبل.