حسن الستري



أوصت لجنة المرافق العامة والبيئة النيابية بتمرير مشروع قانون بتخصيص 50% من سواحل الجزر الاستثمارية كسواحل عامة، رغم تحفظ لجنة الشؤون التشريعية والقانونية، والمستشار القانوني لشؤون اللجان اللذان ذهبا لعدم دستورية المشروع.
ويتألف المشروع بقانون من 6 مواد، تعلقت المادة الأولى بإلزام كل مشروع استثماري سكني أو صناعي أو تجاري أو عمّالي أو خاص مُقام على جزيرة صناعية أو على سواحل الجزر الطبيعية بتخصيص نسبة 50% من سواحله كسواحل عامة للجمهور، وتناولت المادة الثانية الضبطية القضائية، والمادة الثالثة الغرامة المالية على كل من يخالف أحكام القانون، ونصت المادة الرابعة على إلغاء كل نَص يتعارض مع أحكام القانون، وألزمت المادة الخامسة وزير شؤون البلديات والتخطيط العمراني بإصدار القرارات اللازمة لتنفيذ القانون، وجاءت المادة السادسة مادة تنفيذية.
ويهدف المرسوم لتخصيص 50% من سواحل المشاريع الاستثمارية كسواحل عامة للجمهور وعدم استئثار فئة معينة أو مشاريع استثمارية محددة بها، بغرض إتاحة الفرصة للمواطنين والمقيمين للاستمتاع بمساحة مناسبة من سواحل وشواطئ مملكة البحرين للتنزه والترفيه.
وطبقا لتوصية اللجنة، فإنه يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن شهر ولا تزيد عن سنة، وبغرامة لا تقل عن عشرة آلاف دينار ولا تزيد على مائة ألف دينار، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل موظف حكومي تسبب في عدم تطبيق أو الإخلال بتنفيذ القوانين واللوائح والقرارات التي تصدر في شأن تنفيذ المادة الأولى من هذا القانون.
وتكون العقوبة الحبس لمدة لا تقل عن شهر ولا تزيد على ثلاثة شهور، وبغرامة لا تقل عن خمسمائة دينار ولا تزيد على ألف دينار، أو بإحدى هاتين العقوبتين، لكل من أعاق ارتياد العامة لهذه السواحل أو الشواطئ، وفي جميع الأحوال تزال العوائق والمخالفات من قبل الجهة الإدارية بالقوة الجبرية على نفقة المخالف وتحت مسؤوليته. وتضاعف العقوبة في حديها في حالة العود.
إلى ذلك، انتهى رأي اللجنة إلى وجود شبهة عدم دستورية في المادتين الأولى والثالثة من مشروع القانون، إذ تلزم المادة الأولى من المشروع كل مشروع استثماري سكني أو صناعي أو تجاري أو عمالي أو خاصة مقام على جزيرة صناعية أو سواحل الجزر الطبيعية بتخصيص نسبة 50% من سواحله كسواحل عامة للجمهور، والنص بصورته الراهنة يشكل اعتداءً على حق الملكية التي حماها الدستور بنص المادة 9/ج فيما تضمنته من أن «الملكية الخاصة مصونة، فلا يمنع أحد من التصرف في ملكه إلا في حدود القانون، ولا ينزع عن أحد ملكه إلا بسبب المنفعة العامة في الأحوال المبينة في القانون، وبالكيفية المنصوص عليها فيه، وبشرط تعويضه عنه تعويضاً عادلاً»، ومفاد ما سبق أن الملكية الخاصة مصونة، ولا يجوز أن تُنزع من ملك صاحبها إلا للمنفعة العامة ومقابل تعويض عادل وبالكيفية المنصوص عليها في قانون الاستملاك للمنفعة العامة.
أما نص المادة الثالثة فيُخالف مبدأ التفريد العقابي الذي يوجب أن يكون لكل عقوبة حدان أقصى وأدنى، وتقرير حد أدنى فقط في هذه المادة يصمها بشبهة عدم الدستورية لتعارضه مع مبدأ التفريد العقابي المذكور، كما إنه يشكل قيداً على الحرية الشخصية التي أوجب الدستور كفالتها، وعدم وضع حد أقصى للعقوبة هنا يمثل إخلالاً بهذه الحرية، فيمكن القاضي من أن يغالي في العقوبة – الغرامة – كما يشاء دون قيد، كما أن نص المادة يتعارض مع مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات الوارد النص عليه في المادة «20/أ» من الدستور، حيث جاء عاماً ومجهلاً، من حيث تحديد الركن المادي للجريمة التي أفرد لها عقوبة الغرامة، فعبارة «أحكام هذا القانون» غير محددة، والمستقر في القضاء الدستوري هو أن الأصل في العقوبة تفريدها لا تعميمها، والتعميم يعني إيقاع جزاء في غير ضرورة بما يفقد العقوبة تناسبها مع وزن الجريمة وملابستها، وبما يقيد الحرية الشخصية دون مقتضى، ذلك أن مشروعية العقوبة من الناحية الدستورية، مناطها أن يباشر كل قاض سلطته في مجال التدرج بها وتجزئتها، تقديراً لها، في الحدود المقررة قانوناً، فذلك وحده الطريق إلى معقوليتها وإنسانيتها جبراً لآثار الجريمة من منظور موضوعي، وحيث إن نص المادة المذكور يهدر مبدأ تفريد العقوبة، مقيداً في ذلك الحرية الشخصية في غير ضرورة، ونائياً عن ضوابط المحاكمات المنصفة، والتي أخصها مبدأ تفريد العقوبة، مما يصِمُه بشبهة عدم الدستورية.
من جهته، ذهب الرأي القانوني للمستشار القانوني لشؤون اللجان إلى رفض المشروع بقانون لما يمثله من اعتداء على حق الملكية الخاصة ومبدأ المساواة بين المواطنين، كما إنه يخالف مبدأ عدم رجعية القانون ويخل بحرية التعاقد والثبات التشريعي، مما يؤثر سلباً على الاستثمارات وسمعة اقتصاد البحرين.