كتبت - سلسبيل وليد:
تنذر أزمة النقص الشديد في أعداد أعضاء الهيئة التدريسية بقسم الإعلام بتأخر تخرج الطلبة، وفيما دعا الطلبة إلى حل الموضوع بصفة عاجلة، وعد رئيس القسم د.عبدالناصر فتح الله بانتداب مدرسين الفصل الدراسي المقبل.
واشتكى طلبة قسم الإعلام بجامعة البحرين من الإهمال، رغم أنهم يشكلون ما نسبته 35% مع مجموع طلبة كلية الآداب، مطالبين بضرورة تحريك موضوع نقص الكوادر التعليمية بصفة عاجلة، بعد مضي سنوات على المشكلة دون حل.
واستبشر الطلبة خيراً بتصريح عميدة كلية الآداب بالجامعة د.هيا النعيمي بداية العام الدراسي الحالي، حين ذكرت أن «الكلية تسعى إلى انتداب أعضاء هيئة تدريس من ذوي الخبرة والكفاءة لسد حاجة البرامج الأكاديمية، وأن الكلية عملت على أن يكون هؤلاء المنتدبون في رتبة أستاذ مشارك أو أستاذ»، بعد سنوات من الصبر والمعاناة، وهاجس تأخر تخرجهم.
من جانبه نفى رئيس قسم الإعلام في تصريح لـ»الوطن»، وجود أي شيء رسمي لانتداب دكاترة للفصل الحالي، موضحاً أن «انتداب أساتذة لقسم الإعلام سيكون في الفصل المقبل».
وكانت الحكومة توافقت والسلطة التشريعية، على أن جامعة البحرين لديها ما يكفي من الموازنات من أجل تطوير الكوادر التعليمية لديها، مع ملاحظة وجود فوائض مالية كبيرة في ميزانيتها.
وحاولت «الوطن» الاتصال بعميدة كلية الآداب في الجامعة د.هيا النعيمي عدة مرات، غير أنها لم تتجاوب مع المحاولات المتكررة.
الحل مؤجل
ولا يختلف فتح الله مع ما شكا منه الطلبة، بتأكيده أن «قسم الإعلام يحتاج ما بين 2 إلى 3 أساتذة لسد احتياجات القسم من النقص الملحوظ، إذ يفوق عدد طلبة القسم 700 طالب، ويضم حوالي 16 أستاذاً بجميع المسارات»، مشيراً إلى أن «القسم قبل خلال العام الدراسي الجديد 170 طالباً لتخصص الإعلام من بين 400 متقدم».
وكشف فتح الله عن «انتداب أساتذة لقسم الإعلام خلال الفصل المقبل»، وقال «لا يوجد أي شيء رسمي لانتداب دكاترة للفصل الحالي».
وأوضح أنه توجد فصول دراسية لم يخصص أستاذ لها، مشيراً إلى أن المشكلة شبه محلولة وتم الانتهاء منها نهاية الأسبوع الأول من الدوام الرسمي، بالتعاقد مع بعض الدكاترة لتدريس مادة أو اثنتين.
وأكد أن «نسبة كبيرة من الطلبة المتقدمين للإعلام، سجلوا أكثر من 4 مواد، في محاولة لإرضاء الطلبة وتلبية رغباتهم»، موضحاً أن «المواد النظرية لا تستوعب أكثر من 25 طالباً، فيما تفوق المواد العلمية 40 طالباً وقد تصل إلى 60 في المدرجات».
وقال إن «الدكاترة في القسم متعاونون جداً ومتفهمون للوضع الحالي في الجامعة»، مبيناً أن «الإداريين في الجامعة لا يفوق نصابهم تدريس مقررين، فيما يترتب الضغط على باقي الأساتذة في الجامعة».
الأزمة ليست وليدة
«أزمة الأكاديميين ليست وليدة اللحظة»، يقول ممثل كلية الآداب في مجلس الطلبة السابق علي الأسعدي «يعاني قسم الإعلام منذ عدة سنوات، من نقص شديد في الأستاذة، بعد انتهاء عقود عدد منهم، وخروج آخرين بعد ترقيتهم أو حصولهم على عروض أفضل، ليظل القسم الذي يحتضن نحو ألفي طالب، يغص بمشاكل عدم توفر شعب دراسية».
ورأى الأسعدي أن «المشكلة لا تكمن في تزايد عدد طلبة الإعلام، إنما عدد الدكاترة الذي يقل تدريجياً، إذ إن ارتفاع حجم الطلبة الجدد في الإعلام، طبيعي كبقية التخصصات الموجودة في الجامعة».
وذكر أن رئيس الجامعة د.إبراهيم جناحي، قال في لقاء سابق مع بعض الطلبة، إنه وفقاً للمعيار العالمي فإن لكل 25-30 طالباً أستاذاً، مضيفاً «إذا ما نظرنا إلى قسم الإعلام، فإنه يضم 700 طالب مقابل 16 أستاذاً، أي ما يعادل أستاذاً لكل 43 طالباً».
وشدد الأسعدي وهو طالب إعلام في الجامعة على أن «النقص يؤثر على تخرج الطلبة، فشح الأساتذة في القسم تسبب في تقليص عدد الفصول المتاحة أمام الطلبة»، وأشار إلى أنها «ليست المعاناة الوحيد لطلاب الإعلام، إذ إنه القسم الوحيد في الجامعة لا يوجد فيه فصل صيفي منذ 12 سنة».
ونبه إلى أن «أكثر ما يثير استياء الطلبة، عدم تفاعل المسؤولين في الجامعة مع شكاواهم، إذ لا نجد آذاناً صاغية لمعاناتنا المستمرة منذ سنوات». وتكاد لا تجد طالباً في قسم الإعلام، إلا وتضرر من مشكلات التسجيل وعدم توفر فصول دراسية، وذكر الطالب بسام البدوي تخصص الإعلام أن «النقص يكمن في أغلب مواد القسم، خاصة في المواد الأساسية قبل اختيار الطالب مساره الفرعي، أي أن الضغط يكون في مواد السنوات الثلاث الأولى»، لافتاً إلى أن «أساتذة القسم يعانون من ضغط كبير، إذ يدرس فصولاً أكبر من النصاب القانوني».
وقال البدوي إن «تأخر الطالب دراسياً يؤدي إلى شعوره بالإحباط، ومن شأنه تقليل حماسته إلى الدراسة، ويحمله وزر التخبطات الإدارية للمسؤولين»، فيما تؤكد طالبة الإعلام نورهان طلال أن «القسم يعاني من نقص شديد في الدكاترة، إذ يحتاج إلى 5-10 أستاذاً لسد النقص، ومن حق طلبة الإعلام الحصول على مقاعد دراسية تتيح لهم ممارسة حقهم في دراسة تخصصهم، مثل بقية نظرائهم في التخصصات الأخرى بنفس الجامعة.
وأشارت إلى أن «طالب الإعلام غير قادر على المسير وفقاً للخطة الدراسية المعدة من القسم بالجامعة، لعدم توافر جميع المواد بسبب الضغط الكبير».
وتتضخم المشكلة بضم تخصص الإعلام بجامعة البحرين، 5 مسارات يختارها طالب الإعلام، هم مسار الصحافة، الراديو والتلفزيون، العلاقات العامة، الإعلان ومسار الإعلام الإلكتروني.
فصول دون أساتذة
وذكر مصدر إداري في جامعة البحرين لـ»الوطن» أن «مشكلة قسم الإعلام تتلخص بنقص الأساتذة، إذ يضم 17 أستاذاً تقريباً، يتوزعون بين إداري وأستاذ ماجستير ودكاترة متخصصين، توزعوا 4 «ملتميديا» و5 إذاعة وتلفزيون، و3 علاقات عامة وصحافة، فيما ودكتورة واحدة في تخصص الإعلان».
وأكد أن «القسم يحتاج إلى 6 دكاترة على أقل تقدير لتغطية النقص الموجود»، موضحاً أن «عدد طلبة الإعلام وصل إلى ما يقارب 800 طالب، حيث تم قبول 170 طالباً لهذا الفصل، فضلاً عن طلبة الدراسات العليا الذين تقدموا على 3 دفعات، بلغ عدد الدفعة الأولى ما يقارب 17 والدفعة الثانية 20، والثالثة غير ثابتة إلى الآن حيث وصل العدد إلى ما يقارب 10 طلبة متقدمون إلى الماجستير».
وبين المصدر أن «القسم يواجه مشكلة في عدم تحديد دكاترة لبعض الفصول الدراسية لهذا الفصل»، مشيراً إلى أن «وجود 300 طالب توجب فتح كلية لهم، وطالب بوقف قبول طلبة الإعلام إلى حين سد احتياج القسم من الأساتذة».
عراقة الجامعة وراء الضغط
من جهتها قالت د.خلدية آل خليفة إن «الثقة التي تحظى بها الجامعة لعراقتها والاعتراف بها عالمياً أدت لانكباب الطلبة عليها، موضحة أن مشكلة نقص الأساتذة ليست بقدر إقبال الخريجين على التعليم في الجامعة، الذي زاد عددهم عن الحد المتوقع، بسبب أن مستوى الدراسي فيها راقٍ جداً. وتوقعت د.خلدية أن «الأساتذة المنتدبين يزيدون عن 5، نظراً للضغط الذي يعانيه القسم، فضلاً عن الحاجة الماسة لهم لتغطية النقص في بعض المسارات، وليس في المراحل الأولى والثانية فقط، حيث أن القسم لديه ماجستير في الإعلام، ما يسبب ضغطاً على الدكتور في جامعة البحرين، لأنه يدرس بكالوريوس صباحاً والماستر مساءً، وحتى وإن كانت أعدادهم محدودة». وأرجعت آل خليفة سبب النقص في الكادر الأكاديمي، إلى ارتفاع الرواتب في الجامعات الخليجية، ما يجعلهم ينهون العقد في جامعة البحرين، ويتعاقدون مع جامعات خارج المملكة، مضيفة أن قسم الإعلام طالب بانتداب عدد من الدكاترة، لكنه فوجئ أن الدكاترة قدموا أعذاراً لظروف خاصة في الوقت الضائع، فتورط القسم وتخبط في آخر الوقت، ما أدى لعدم تحديد دكتور لبعض المقررات. وقالت آل خليفة إن «الجامعة بمستواها القوي في التدريس لا تقبل بالفنيين لتدريس الصفوف كما تفعل الدول الغربية لأنها أقوى، ذلك أن قسم الإعلام قوي ومتكامل، وأساتذته على مستوى عالٍ من الكفاءة»، مشيرة إلى إمكانية أن يدرس الفنيون كحل مبدئي لحين انتداب الدكاترة. وأرجعت تمسك الطلبة ببعض المسارات مثل العلاقات العامة، إلى اعتقادهم أنها الأكثر طلباً في سوق العمل رغم تفوقهم في مسارات أخرى، ما يسبب ضغطاً على القسم لفتح عدد أكبر من الصفوف الدراسية، موضحة أن أساتذة العلاقات العامة يشتكون من الطلبة لعدم تناسبهم مع التخصص المطلوب.
وأضافت أن الشهادة التي يتسلمها طالب الإعلام عند تخرجه لا يذكر فيها اسم المسار، مؤكدة أن طلبة جامعة البحرين هم الأكثر طلباً في سوق العمل نظراً لقوة الكادر الأكاديمي الموجود ولثقة سوق العمل بمخرجات الجامعة.
وأشادت بجهود القسم وحرص مجلس الجامعة على التوظيف لسد النقص الموجود، موضحة أن بعض الدكاترة يتم التعاقد معهم، لكنهم يتخلون عن العقد في أوقات التدريس نظراً للمرض، فيتم بصفة عاجلة استعارة أساتذة لتدارك الموضوع بأسرع وقت، وأضافت أن «المجلس يعمل على سد النقص واحتياجات الطلبة لتحقيق التوازن».
وقالت إن «الأساتذة في القسم يعانون حالياً من الضغط، نظراً لنقص الكادر الأكاديمي، إذ إن أكثر الدكاترة لديهم 7 مواد في الفصل الحالي، مؤكدة حاجة القسم بما لا يقل عن 6 دكاترة لسد النقص في بعض التخصصات.
وأكدت د.خلدية آل خليفة ضرورة أن يصارح قسم الإعلام الطلبة بالمشكلة، ويوضحوا لهم الخلل الذي يعانون منه سنوياً ليكون الطلبة بالصورة، مضيفة أن الخلل يكمن بإقبال الخريجين على تخصص الإعلام دون التخصصات الأخرى. وأوضحت أن» القانون والهندسة لا يشتكيان من الضغط الذي يعاني منه الإعلام، وطرحت فكرة أن يكون للإعلام كلية خاصة بها في مجلس الجامعة، لاحتواء العدد الكبير من الطلبة الذين يقبلون على دراسة التخصص. وبدأت دراسة الإعلام في جامعة البحرين ببرنامج مبدئي في قسم الدراسات العامة في 1997-1998، إلى أن أنشئ قسم الإعلام والسياحة والفنون في 1998-1999، الذي أصبح يقدم برنامجي بكالوريوس في الإعلام والعلاقات العامة، وفي السياحة والفنادق إضافة إلى عدد من المقررات الاختيارية في الفنون. وشهد العام الجامعي 2001-2002 انطلاقة جديدة للقسم، إذ أعدت صياغة جديدة للبرامج الأكاديمية للقسم، تلافت المآخذ والأخطاء التي شابت الخطط القديمة، واستحدثت تخصصات دقيقة في كل من خطتي الإعلام والسياحة. وبدأ في العام الجامعي 2007-2008، تنفيذ الخطة الدراسية الجديدة في الإعلام، المعتمدة بصورة كبير على الجانب العملي والتطبيقي، وافتتح مركز تسهيلات البحرين للإعلام، وبات يحتضن المقررات التطبيقية والإنتاجية.