الرياض - (وكالات): استشهد 4 أشخاص وأصيب 18 في هجوم شنه انتحاري على مسجد الرضا أثناء صلاة الجمعة في حي محاسن بمحافظة الأحساء شرق السعودية، بينما قام مصلون بالسيطرة على شريك له ونزع سلاحه، وفقاً لما أعلنته وزارة الداخلية السعودية.
ولم تعلن أي جهة عن مسؤوليتها لكن الهجوم يشبه هجمات سابقة نفذها متطرفون من تنظيم الدولة «داعش» الإرهابي على مساجد بالمملكة. وجاء الهجوم بعد أقل من شهر على إعدام السعودية لـ 47 شخصاً معظمهم من متطرفي تنظيم القاعدة الذين أدينوا في هجمات نفذت في السعودية منذ 2003 إلى جانب الإرهابي نمر النمر.
ونقلت محطة الإخبارية الرسمية عن المتحدث باسم وزارة الداخلية اللواء منصور التركي قوله إن 4 أشخاص استشهدوا وأصيب 18. وقال المتحدث باسم وزارة الداخلية في بيان نقلته وكالة الأنباء السعودية الرسمية «تم بفضل الله الحيلولة دون تمكن شخصين انتحاريين من الدخول إلى مسجد الرضا بحي محاسن بمحافظة الأحساء، أثناء أداء المصلين صلاة الجمعة». وتمكنت قوى الأمن، بحسب الوزارة، «من رصدهما أثناء توجههما إلى المسجد».
وأضاف المتحدث «عند مباشرة رجال الأمن في اعتراضهما بادر أحدهما بتفجير نفسه بمدخل المسجد فيما تم تبادل إطلاق النار مع الآخر وإصابته والقبض عليه، وضبط بحوزته حزاماً ناسفاً».
إلى ذلك، ذكر مصلون كانوا في المسجد أن إرهابياً دخل المسجد وقت صلاة الجمعة وأطلق النار من رشاش كان بحوزته بشكل عشوائي باتجاه المتواجدين في المسجد.
وقال محمد بن سلمان الأحمدي «25 عاماً» الذي اصيب بجروح طفيفة في الهجوم «بدأنا بالصلاة، ثم فوجئنا بسماع إطلاق نار».
وأضاف «هرعنا وأغلقنا الأبواب. وبعد ذلك أطلقا النار على الباب في محاولة لاقتحام المسجد. وفجر الانتحاري نفسه وفتح الباب حينذاك».
وتابع الأحمدي أن الكهرباء انقطعت وعم الظلام والدخان في المسجد فيما قام مهاجم ثان باطلاق النار «عشوائياً» على المصلين الذين حاولوا الاحتماء.
وقال «بعد ذلك قام المصلون بمهاجمته وأخذوا سلاحه ونزعوا عنه حزامه الناسف. قمنا بتقييد يديه وضبطه إلى حين وصول الشرطة».
واعتداء الجمعة يعتبر الأحدث في سلسلة هجمات تستهدف مساجد في المملكة بعد عمليات إطلاق نار وتفجيرات تبناها تنظيم الدولة «داعش» الإرهابي.
ومنذ الهجمات الدامية التي تبناها التنظيم المتطرف السنة الماضية ضد مساجد بالمملكة، تم تعزيز الأمن وإجراءات تفتيش من يدخل إلى المساجد.
ووقع الهجوم أمس في حي يقطنه عدد كبير من موظفي شركة أرامكو النفطية المملوكة للدولة.
وأفاد سكان بالحي في مرحلة أولى أن المسجد تعرض لهجوم بقنبلة تم تفجيرها عند مدخله، ومن ثم «دخل شخص إلى المسجد وفتح النار».
ونشر شريط فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي بعد الهجوم بدا فيه أشخاص ممددين ارضا بلا حراك وسط شظايا الزجاج المتناثر.
كما بدا في الشريط احد الناجين يضمد جروح مصاب تلطخ ثوبه الأبيض بالدم.
وقال الشاهد «انتاب الناس غضب عارم، وأوقفوا أحد المشتبه بهما (...) لكن الشرطة أطلقت النار في الهواء لكي تتمكن من اقتياده».
وهجوم الجمعة هو الأول في المنطقة الشرقية منذ أكتوبر الماضي حين أطلق مسلح النار على مصلين كانوا يحيون مراسم عاشوراء في منطقة القطيف ما أدى إلى مقتل 5 أشخاص قبل أن تقتله الشرطة.
وتبنى التنظيم المتطرف اعتداءين خلال يومي جمعة متعاقبين في مايو 2015 على مسجدين شرق السعودية أسفرا عن مقتل 25 شخصاً.
وتبنى التنظيم هجمات على تجمعات للطائفة الإسماعيلية جنوب السعودية وضد قوات الشرطة والأمن.
وتشارك السعودية في التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة «داعش» الذي يحتل مساحات شاسعة في سوريا والعراق.
وأوقفت السلطات السعودية العديد من المتطرفين في البلاد خلال الأشهر الأخيرة، وأعلنت في يوليو الماضي تفكيك شبكة مرتبطة بـ «داعش» وتوقيف 431 مشتبهاً بهم غالبيتهم سعوديون.
من جهتها، أدانت الأمانة العامة لهيئة كبار العلماء بشدة، «الحادث الإرهابي الآثم المجرم الذي استهدف المصلين بالمسجد الواقع بحي محاسن بمحافظة الأحساء، وذلك في سياق المحاولات الفاشلة لزعزعة استقرار الوطن وإثارة الفتنة، ولكن الله عز وجل لهؤلاء الإرهابيين بالمرصاد ثم بحكمة ولاة الأمر ويقظة رجال الأمن ووعي الشعب السعودي، التي أفشلت مخططاتهم الخبيثة، والتي ترجع - دوماً- وبالاً عليهم»، وفقاً لما ذكرته وكالة الأنباء السعودية «واس».
وأضافت الهيئة أن «هذه الحوادث الإرهابية لا تزيد الشعب السعودي الكريم إلا إيماناً بالله تعالى، ثم بضرورة المحافظة على ما من الله تعالى به على بلاد الحرمين الشريفين من اجتماع الكلمة ووحدة الصف حول قيادتنا المتمثلة في خادم الحرمين الشريفين، العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، وولي عهده وولي ولي العهد، حفظهم الله، وأن نحافظ على هذا الكيان المرصوص الذي يشد بعضه بعضاً، نحافظ على الجماعة، ونلتزم الطاعة في المعروف، ويوالي بعضُنا بعضاً ولاءً عاماً، فكلنا - ولله الحمد - ننتسب إلى هذا الدين الإسلامي الحنيف، ويكتنفنا هذا الوطن السعودي الكريم الذي يحتضن مقدسات المسلمين، ومنه انطلق شعاع الإسلام، وأشرق على البشرية نور الهداية».
في السياق ذاته، دان مفتي مصر، الدكتور شوقي علام، العملية الإرهابية، واصفاً المهاجمين بأنهم «ملعونون في الدنيا والآخرة».
وأكد المفتي في بيان له أن «هؤلاء الفجرة لم يراعوا حرمة بيوت الله، وسعوا في خرابها، كما أنهم يشعلون نار الفتنة بين المسلمين فأصبحوا ملعونين في الدنيا والآخرة».
بدوره، استنكر الأمين العام للمجلس الإسلامي العربي في لبنان سماحة العلامة السيد محمد علي الحسيني الاعتداء الإرهابي الجديد على أحد مساجد المملكة العربية السعودية في الأحساء، معتبراً أن هذه الجريمة الوحشية لاتمت بصلة إلى أي دين أو فكر أو أخلاق.