حذيفة إبراهيم
بعد سنوات طويلة من السبات الفني للمسارح في الأندية والمراكز الشبابية، استطاعت جائزة سمو الشيخ خالد بن حمد آل خليفة للمسرح الشبابي، إعادة الروح إلى الخشبة، ومن يعتليها، لتنهض بها مجدداً.
سمو الشيخ خالد بن حمد آل خليفة، ومن خلال إطلاقه لهذه الجائزة، التي تهدف إلى الارتقاء بالشباب البحريني، أكد مجدداً اطلاع سموه على هموم الشباب وتطلعاتهم واحتياجاتهم، بما يعود بالنفع على المجتمع البحريني الفتي، ويمكنه من إنشاء جيل مبدع في شتى المجالات، تتاح الفرص تلو الأخرى أمامه، ويحظى بدعم من كافة المستويات في الدولة، وحتى المجتمع، ما يعني بالضرورة، مستقبل أكثر ازدهاراً للمملكة.
الستار، أسدل على الجائزة والعروض المقدمة بها، إلا أن كواليس الفنانين، ومقاعد الجمهور، مازالت تتحدث عن عروضاً فنية متكاملة، بدءاً من النص، مروراً بالممثلين والديكور، والإضاءة، انتهاء بالنتائج التي رآها الجمهور ولجنة التحكيم، والتي جاءت جميعها نتاج أنامل بحرينية، قدمت تلك الإبداعات.
الإشادات مازالت تسري في الأروقة الفنية، البحرينية، وحتى الخليجية منها، بما حققته تلك الجائزة، من إزالة الغبار عن خشبة المسرح، وإعادة إنتاج توقف لسنوات، ضمن منظومة متكاملة، لدعم المواهب البحرينية.
العروض من جانبها، حملت كعادة الفن الهادف، رسالات عديدة تتعلق بالمجتمع ومشاكله وهمومه، وما يتطلع إليه ويحلم به، فضلاً عن تعزيزها للروح الوطنية، وهو المسار الصحيح للفن البعيد عن الابتذال والهبوط، ما يؤكد أن الطاقات الشبابية البحرينية، مشبعة بالقيم والأخلاق التي تسمح لها بأن تنشر رسالاتها في الخارج، وتعيد الأمجاد للمسرح البحريني في الأوساط الخليجية والعربية.
إنجازات الشباب وأفكارهم وأعمالهم، تميزت أيضاً بالطرح الجاد، والالتزام المطلق بكل الأعراف والمفاهيم المسرحية، والتي أبرزت الوجه الحقيقي، وأعادت صياغة المسرح الجاد، وهو ما لاقى من الرعيل الأول رواد المسرح، الذين أرسوا قواعده وفنونه، وكيفية معالجته لكافة القضايا التي يمر بها المجتمع.
أقلام النقاد المسرحيين والأدباء، عاد الحبر من جديد ليسري في خراطيشهم، فهبوا لمتابعة المسرحيات المعروضة في تلك النوادي، وصغت آذانهم للنصوص والكلمات، فيما جالت أعينهم بين الممثلين، لتقييم هذه المسرحية أو تلك بموضوعية، وقدرة كاملة على رفع المستوى المسرحي لما ينشدونه.
تلك الإشادات تضع المزيد من المسؤولية أمام الجيل الجديد الصاعد من الشباب، تجاه نصوصهم، وطرق تعاطيهم مع كافة القضايا المطروحة في المسرح، إضافة إلى المسار الصحيح للنهوض بالمسرح في الأندية والمراكز الشبابية.
العروض العشرة، التي قدمتها 6 أندية وطنية، و4 مراكز شبابية، استقطبت جمهوراً من كافة الأعمار، فلم يقتصر المشاهدون على فئة عمرية معينة، اختلفوا في أعمارهم، واشتركوا بحب ما شاهدوه من تلك العروض غير المبتذلة، والتي أوصلت رسالاتها بأسلوب مناسب وبطرق مختلفة، لم تكن تتشابه فيما بينها.
وفي التجربة الأولى للجائزة بعد سنوات من الانقطاع، حقق الفنانون والأدباء البحرينيون الشباب، المنافسة الشريفة، واستطاعوا أن يتكاملوا فيما بينهم لإنجاح هذه النسخة، وإعادة الأمل لنظرائهم في الأندية والمراكز التي لم تشترك، ما يؤكد وجود الروح الوطنية والفكر الحر فيما بينهم بعيداً عن كل المنغصات.
لجنة التحكيم، وبرغم صعوبة مهمتها للتحكيم بين 10 عروض، استطاعت تجنب أكبر قدر من الانتقادات، وجاءت غالبية الآراء داعمة لما ذهبت إليه اللجنة، ما يعني حسن الاختيار، والحياد الموجود لدى أعضائها.
نجاح التجربة الأولى للجائزة أيضاً، يلقى المسؤولية الكبيرة على المنظمين ووزارة شؤون الشباب والرياضة، للتحسين والتطوير في النسخ المقبلة، وتلافي أي انتقادات قد توجه لهم، كما يشعل بريق المنافسة في أروقة المسرح البحريني في الأندية والمراكز، والتي ستسعد بدورها للنسخة المقبلة، وهو ما تجلى في تصريحاتهم وآرائهم التي تناقلتها الأوساط الفنية، حول رغبتهم الأكيدة بالمشاركة، وعدم تفويت الفرصة مرة أخرى.
الحديث عن المسرح في الأندية والمراكز، والجائزة التي أطلقها سموه، جاءت وسط خطة طموحة طلقتها وزارة الشباب والرياضة، لإنشاء صالات ومرافق متعددة ومتكاملة للأندية، فضلاً عن الإنجازات المتحققة خلال العام الماضي تحديداً.
هذه الدورة من الجائزة أيضاً، والتي كشفت عن عدد من المواهب في مجالات الكتابة والإخراج والتمثيل، وغيرها من عناصر العمل المسرحي، بما يخدم الحراك الثقافي في البحرين، يجب استمرار احتضان من قدموا عروضهم فيها، للمزيد من العطاء خلال الأعوام المقبلة واستمرار صقل مواهبهم من قبل الخبراء والنقاد.