زهراء حبيب
ليست ربما القضية الأولى، وربما لن تكون الأخيرة، فعدد الفتيات اللاتي يطالبن بتصحيح أوضاعهن الجنسية في ازدياد واضح بلغ 8 حالات ، بينهما اثنتان تم القضاء فيهما، إلا أن الحالة «س» التي رفضت المحكمة الكبرى الإدارية طلبها بتحولها من فتاة إلى رجل بالأوراق الثبوتية تحمل تفاصيل أكثر غرابة وإثارة وربما معاناة وألم.
قصة «س» التي تريد أن تكون «م»، تسردها لـ»الوطن» المحامية فوزية جناحي، مشيرة إلى أن موكلتها تحولت بالفعل جسدياً إلى رجل، بعد أن خضعت لعدة عمليات بالهند وتايلند لاستئصال الصدر والمبايضين والرحم، كما أجرت عملية لاستبدال جهازها التناسلي بالعضو الذكري، وهي حالياً أنثى بالأوراق الرسمية لكنها على أرض الواقع ذكر، مؤكدة استئنافها للحكم الأيام المقبلة. وأشارت وقائع القضية إلى أن المدعية رفعت دعوى للمطالبة قبل الفصل بالموضوع بإحالتها إلى الطبيب الشرعي للكشف عليها، وتحديد نوع الجنس، مع إلزام المدعي عليهم بتعديل جنسها من أنثى لذكر في الأوراق الثوبتة والسجلات الرسمية. وأكدت للمحكمة بأنها تعاني من مرض «اضطراب الهوية الجنسية»، وتملك تقارير طبية تؤكد ذلك، ومعاناتها لمشكلات نفسية جراء ذلك المرض، كما أنها نالت فتوى شرعية من الشيخ عبد اللطيف المحمود.
وندبت المحكمة طبيباً شرعياً لتوقيع الكشف على المدعية لتحديد جنسها، وانتهى الطبيب بتقريره بأنها أنثى من الناحية العضوية والجينية، مؤكداً معاناتها من مرض «اضطراب الهوية الجنسية»، ونظرياً قد يكون لها الحق بالعلاج عن طريق التدخل العلاجي والجراحي بالهرومونات، لكن لا يمكنها تحول جنسها بصورة كاملة وأكيدة لأن الكروموزمات هي التي تحدد الجنس «xx للإناث» و»xy للرجال»، وهو أمر لا يمكن تغيره. ولفت التقرير إلى أن العلاجات بالهرمونات أو الجراحة تحاول الوصول بالمريض لمرحلة الرضا بالمظهر الجسماني للجنس المحول له دون أن يكون هذا التحول حقيقيًا. وبعد إجراء المدعية للعمليات الجراحية، أخضعت للكشف الطبي من ذات الطبيب المنتدب في 31 مارس 2015، وخلص إلى ذات النتجة المذكورة في التقرير السالف الذكر.
ومن جهتها، رأت المحكمة بأنها تطمئن إلى ما ورد في تقريري الطبيب الشرعي، وأنها تعاني من مرض «اضطراب الهوية الجنسية «، وأن لها الحق نظرياً بالعلاج عن طريق التدخل الجراحي والعلاجي بالهرمونات، لكن لا يمكنها تحول جنسها بصورة كاملة كون الكروموزمات هي التي تحدد ولا يمكن تغييرها، وجميع التدخلات العلاجية تصل إلى مرحلة الرضا بالمظهر الخارجي للجنس دون أن يكون التحول حقيقياً. وعليه فالدعوى قائمةعلى غير سند من القانون والجدير رفضها. وقالت جناحي إن موكلتها تعاني من اضطراب الهوية الجنسية، وهو ما أكدته المحكمة في حكمها، وأنه من الاستحالة تغيير الكروموزمات، وأنها بصدد استئناف الحكم.
وأضافت أنها سبق أن كسبت لقضيتين مشابهة بعامي 2005 و2008 ، والتحويل من أنثي إلى ذكر، وتعديل بياناتهما في السجلات الرسمية. ولفتت إلى أن جميع المرضى لديهم القناعة التامة بأن الكروموزمات لديهم لن يتم تعديلها وإنما سيتم تعديل شكلهم الظاهري فقط لرضائهم الذاتي ولا سيما أنهم خضعوا لعلاج نفسي لمدة سنتين لتهيئتهم للأمر.
وأكدت أن مرض «اضطراب الهوية الجنسية» عضوي لعيب خلقي في المخ يجعل هوية صاحبة تخالف جنسه التشريحي والكروموزمي، مما يؤدي إلى صراع شديد بين العقل والجسد، ويجعل المريض يكره أعضاءه الجنسية ومظاهر بلوغه كرهاً شديداً يرغب في استئصالها بأي شكل من الأشكال.
ولفتت إلى أن موكلتها الآن رجل بشكلها الجسماني، لكن بالأوراق الرسمية ما تزال أنثى، فهي خضعت لعمليات لاستئصال جميع معالمها الأنثوية وزرعت عضوا ذكريا، وبالطبع الكروموزمات لا يمكن تغيرها وما يبحث عن المرضى هو الرضا الخارجي لا يتناسق مخه الذكوري مع جسده. وشهدت البحرين عام 2005 تحول الفتاة (م) إلى رجل يدعى (س)، وبعد 3 سنوات تحولت (ز) إلى رجل (ح)، وصدرت لصالحهما أحكام قضائية وقاما بتغيير اسميهما من إناث إلى ذكور في السجلات الرسمية، وتزوجا ويعيشان حياة مستقرة.