المشروع الإصلاحي الذي أطلقه صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة حفظه الله ورعاه وأدام ملكه، امتداد لمن سبقه من آبائه وأجداده الذين أرسوا ورسخوا وأسسوا الدولة البحرينية العربية الإسلامية على قواعد العدل، ويأتي على رأسهم أحمد الفاتح قائد الفيلق العربي الإسلامي بن العتوب والموالين لهم من الداخل والخارج، من بعد هزيمة نصر بن مذكور وجيشه، وفراره مع من بقي حيًا منهم إلى بوشهر. ويذكر التاريخ أن عام 1783م، هو عام الفتح المبين، وانتهاء الهيمنة الفارسية على البحرين وتوابعها ورجوعها إلى أحضان أمتها العربية.
ونحن نعيش الآن في عهد وريث العرش الملك حمد بن عيسى آل خليفة المفدى، الذي وعدنا بيوم جميل نسعد فيه وتسعد فيه الأجيال القادمة، وفعلًا، تحقق الشيء الكثير، والمسيرة تسير سيراً حثيثًاً إلى بلوغ الهدف، ولن توقفها أي عثرات، فقط نحتاج إلى وقفة مساندة للحكومة الموقرة.
فإذا صُدمنا بتدني أسعار النفط عالميًا، وانخفاضه إلى ما دون الثلاثين دولارًا للبرميل، فإن هذا التراجع المريع للنفط وهو المصدر الأول لميزانية المملكة، يحتم علينا التفكير في نهج جديد وجريء للمحافظة على المكتسبات الوطنية وحقوق المواطنين، حتى لا نفاجأ ونحن نعيش في زمن كثُرت فيه الفتن والإرهاب وهان فيه قتل النفس التي حرمها الله.
ونلاحظ أن دول مجلس التعاون الخليجي خاصة والوطن العربي عامة، هي أكثر الدول المستهدفة من قبل التنظيمات الإرهابية، لذلك من واجبنا أن نأخذ الحيطة والحذر ورص الصفوف، ونتوسل بأسباب القوة الرادعة للحفاظ على الوطن وهيبته، وأمن واطمئنان المواطنين على أموالهم وأنفسهم من كل معتد أثيم.
الرئيس السابق لمجلس النواب صاحب السعادة خليفة أحمد الظهراني دام عزه، هو صاحب مشروع احتياطي الأجيال (سبقتنا الكويت في ذلك) وتمت الموافقة على استقطاع دولار أمريكي من قيمة كل برميل بترول، ويحفظ ما يجمع من مال ذخرًا للمستقبل، فلو رفعنا الاستقطاع إلى دولارين أو أكثر من تطبيق ذلك الاقتراح إلى الآن لتوفر لنا مبلغ كبير فعلًا يعتمد عليه لاجتياز هذه الأزمة الاقتصادية بسلام.
في زمن الرخاء، لم تقصر الحكومة في شيء، وصرفت بسخاء على التعليم والصحة والمشاريع الإسكانية والبنى التحتية، وتطوير وتسليح الأمن العام وقوة الدفاع والحرس الوطني والقوات الخاصة والحرس الملكي للحفاظ على هيبة الوطن ودعمت بعض السلع.
رفع الدعم عن اللحوم وسلع أخرى، ورفع سعر لتر البنزين الممتاز من مائة فلس إلى مائة وستين فلسًا، والجيد من ثمانين فلسًا إلى مائة وخمسة وعشرين فلسًا، فعلًا أثر على ميزانيتنا كمواطنين خاصة أصحاب الرواتب المتدنية وذوي الدخل المحدود والمتقاعدين الذين يعتمدون على معاش التقاعد.
صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة حفظه الله ورعاه، مهندس الحكومة البارع، أبلغ السلطة التشريعية بمقولته الحكيمة الحانية: «فرضت علينا أوضاع لم نكن نتمناها، ولم يعد ممكنًا إلا اتخاذ قرارات، ما أصعبها على نفوسنا»، إنه إحساس أب تجاه أبنائه. وأتوجه إلى أصحاب السعادة النواب الكرام مع شكري لهم، باقتراح، وهو القبول بالسعر الجديد للبنزين بشرط العودة إلى السعر السابق إذا تحسنت أسعار البترول والغاز عالميًا وعادت الأسعار إلى سابق عهدها.
واقتراح آخر أطرحه على الحكومة الموقرة، وهو لماذا لا تلجأ الحكومة إلى إصدار سندات مالية بفوائد معقولة، يشتريها التجار الأفاضل الذين استفادوا استفادة كبيرة من المشاريع الحكومية الكثيرة على مدى عشرات السنين وكسبوا منها آلاف الملايين من الدنانير، هذا نوع من الدعم للحكومة في أزمتها الاقتصادية الحالية، ولنعلم جميعًا أن الحكومة حكومتنا والواجب دعمها.
ولنتذكر موقف الصحابي الجليل عثمان بن عفان رضي الله عنه عندما جهز جيش العسرة من ماله الخاص تبرعًا غير مردود نصرًة للإسلام ودولة الإسلام، ومدحه الرسول صلى الله عليه وسلم وأثنى عليه، عندما أعلن النبي الخاتم، أن ما في بيت مال المسلمين لا يكفي لنصرة الدين.
«وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون» سورة التوبة (105)
يوسف محمد بوزيد
مؤسس نادي اللؤلؤ سابقًاً
وعضو مجلس بلدي سابق