عواصم - (وكالات): أكد وفد الهيئة العليا للمفاوضات المنبثقة عن المعارضة السورية في جنيف تلقيه ضمانات بشأن الإغاثة الإنسانية وفك الحصار، لكن وفد النظام السوري رهن مطالب المعارضة بنتائج المؤتمر، في وقت أعلنت الأمم المتحدة إرجاء الجلسة التي كانت مقررة أمس في جنيف بين المبعوث الدولي ستافان دي ميستورا ووفد النظام. وفي وقت لاحق، بدأ وفد المعارضة السورية أول لقاء رسمي مع دي ميستورا في جنيف في إطار المحادثات. وترفض الهيئة العليا للمفاوضات الدخول في صلب المحادثات مع وفد النظام السوري قبل تلبية مطالبها الإنسانية المتعلقة بإيصال المساعدات إلى المناطق المحاصرة ووقف القصف على المدنيين وإطلاق المعتقلين. وسبق لدي ميستورا أن التقى وفد النظام السوري الجمعة الماضي في مقر الأمم المتحدة في جنيف. والتقى وفد المعارضة السورية دي ميستورا بشكل غير رسمي في أحد فنادق جنيف، وطلب تطبيق الإجراءات الإنسانية التي نص عليها قرار مجلس الأمن 2254 قبل الدخول في المفاوضات.
وأفاد مصدر دبلوماسي بأن المطلب الأكثر «قابلية للتحقيق» يتعلق بإطلاق سراح آلاف المعتقلين في سجون النظام السوري.
ويسعى دي ميستورا إلى إقامة حوار غير مباشر بين الطرفين، على أن يقوم موفدون بنقل أفكار كل طرف إلى الآخر. ويمكن أن تتواصل آلية المحادثات هذه لستة شهور وهي المهلة التي حددتها الأمم المتحدة للتوصل إلى تشكيل سلطة انتقالية تنظم انتخابات منتصف عام 2017.
ونقلت وكالة «رويترز» عن المتحدث باسم المعارضة سالم المسلط قوله إن المعارضة تلقت ضمانات بتطبيق قرار مجلس الأمن رقم 2254، وهو ما يعني سماح النظام بعمليات الإغاثة الإنسانية ورفع الحصار ووقف الهجمات على المدنيين. وأضاف أن المعارضة تكثف جهودها لضمان القيام بتحرك لإنهاء المعاناة في سوريا. في المقابل نفى وفد النظام للمباحثات الاستجابة لأية مطالب أو تقديم أية ضمانات، وقال رئيس الوفد بشار الجعفري إن «دمشق تدرس خيارات مثل وقف إطلاق النار وممرات إنسانية وإطلاق سراح سجناء»، لكنه أشار إلى أن مثل هذه الإجراءات يمكن أن تأتي نتيجة للمحادثات وليست قبلها. في السياق نفسه، قال مصدر دبلوماسي غربي إن المعارضة تدرس مقترحاً من دي ميستورا يمكن أن يمهد الطريق ليمضي وفدها في المحادثات، لكنه لم يقدم أي مؤشر على طبيعة المقترح.
وقال المصدر إن «دي ميستورا قدم اقتراحاً لهم يشجعهم على الدخول في المفاوضات. إنهم شديدو الحذر». وأضاف أنه «لا يعلم محتوى العرض». وكانت الأمم المتحدة أعلنت في وقت سابق إرجاء الجلسة التي كانت مقررة ظهر أمس في جنيف بين المبعوث الدولي ووفد النظام السوري، في حين عقد دي ميستورا جلسة مع المعارضة.
ميدانياً، سيطرت قوات الأسد على قريتي تل جبين الاستراتيجية ودوير الزيتون في ريف حلب الشمالي شمال سوريا، في إطار عملية برية بدأتها بدعم جوي روسي وهدفها تضييق الخناق على الفصائل المقاتلة، وفق ما أكد المرصد السوري لحقوق الإنسان. وصدت قوات المعارضة في سوريا هجوماً للقوات الحكومية بالقرب من طريق إمداد باتجاه مدينة حلب.
في شأن متصل، أكدت مصادر مقتل 4 مدنيين جراء الغارات الروسية على ريف حلب الشمالي، بينما تدور معارك عنيفة بين المعارضة المسلحة وقوات النظام في القنيطرة وريف دمشق وحمص واللاذقية.
في سياق متصل، غادر أكثر من 3000 شخص من أقلية التركمان السورية في الأيام الثلاثة الأخيرة إلى الحدود التركية هرباً من المعارك التي تصاعدت وتيرتها شمال غرب سوريا.
من جهة ثانية، زار المبعوث الأمريكي للتحالف ضد تنظيم الدولة «داعش» بريت مكجورك شمال سوريا لتقييم التقدم الذي أحرز في الحملة ضد التنظيم فيما يبدو أنها أول زيارة معلنة للأراضي السورية منذ عدة أعوام يقوم بها مسؤول من إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما. ويسيطر الأكراد السوريون على مناطق واسعة شمال سوريا منذ اندلاع الحرب الأهلية في عام 2011 وأصبحت وحدات حماية الشعب الكردية شريكا رئيسا في التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد «داعش». إنسانياً، قال رئيس مفوضية حقوق الإنسان لدى الأمم المتحدة زيد بن رعد الحسين إن تجويع المدنيين السوريين يرقى لمستوى جرائم الحرب ويشكل جريمة محتملة ضد الإنسانية يجب محاكمة مرتكبيها ولا ينبغي أن يشملها أي عفو مرتبط بإنهاء الصراع.
وأضاف خلال مؤتمر صحفي في جنيف مكان انعقاد محادثات السلام السورية أنه «في حالة سوريا، نحن هنا لتذكير الجميع بأنه حيث تكون هناك مزاعم تصل إلى حد جرائم الحرب أو الجرائم ضد الإنسانية فإن العفو غير جائز».
وأشار إلى أن تجويع الناس في بلدة مضايا و15 بلدة ومدينة أخرى في سوريا «ليست جريمة حرب فقط بل جرائم ضد الإنسانية إذا أثبتت في المحاكم». وقدر الحسين أن عشرات الآلاف محتجزون بطريقة تعسفية في السجون السورية ويجب الإفراج عنهم.
في غضون ذلك، قال مسؤولون إن من المقرر أن يتعهد الاتحاد الأوروبي بتخصيص نحو ملياري يورو «2.2 مليار دولار أمريكي» مساعدات للاجئين السوريين خلال مؤتمر مانحين دولي يعقد بعد غد الخميس في لندن. واضطر معظم سكان سوريا قبل الحرب إلى النزوح من منازلهم بسبب الحرب من بينهم 5 ملايين لاجئ فروا للخارج و6.5 مليون شردوا داخل بلدهم.