أكد المحامي العام الأول عبد الرحمن السيد أن تقرير منظمة مراقبة حقوق الإنسان للعام 2016 استند لمعلومات غير رسمية أو غير موثوقة، وهو ما ترتب عليه فشل المنظمة في الوقوف على الحقيقة نتيجة اعتماد مسؤوليها منهج النقل عن الغير دون تكبدهم عناء البحث والتمحيص والتحقيق للتثبت من صحة ما ينقل إليهم من أخبار، وهو ما أدى بطبيعة الحال إلى النتائج المكذوبة التي تضمنها التقرير.
وأوضح، تعليقاً على تقرير المنظمة، وما تضمنه من ملاحظات بشأن البحرين تعلقت بمدى جدية ونجاح المملكة في التعامل مع ادعاءات التعذيب والمعاملة القاسية والمهينة بدء من 2011 وحتى الآن، فضلاً عن مبررات الإجراءات الأمنية والقضائية بشأن بعض المتهمين والمحكوم عليهم في قضايا جنائية، أنه ورد بتقرير المنظمة أن وحدة التحقيق الخاصة لم تجرِ أي تحقيقات نتجت عنها إدانات لأشخاص بسبب أعمال تتعلق بالتعذيب في قضايا مرتبطة بالاضطرابات التي شهدتها البحرين -أحداث 2011-، وهذا قول غير صحيح ويصطدم مع الواقع سواء مما تعكسه التحقيقات التي أجرتها وتجريها الوحدة بالفعل، أو الأحكام التي صدرت فيما أحالته الوحدة من قضايا إلى المحاكم المختصة، بل ومن تقارير الوحدة المتضمنة شروح تفصيلية لطبيعة الشكاوى والبلاغات التي تباشر التحقيق فيها، وقراراتها وتصرفاتها في القضايا المقيدة بشأنها، وهي التقارير التي دأبت الوحدة على نشرها دورياً بصفة شهرية، والتي كان من الواجب على المنظمة أن تبذل جهداً يسيراً في تتبع ما تقوم الوحدة بالإعلان عنه على أقل تقدير لتتعرف على الحقيقة.
وأشار إلى أنه تم مخاطبة وحدة التحقيق الخاصة، التي أوجزت ردودها على ما جاء بتقرير المنظمة في الآتي: أــ تنفيذاً لتوصيات لجنة تقصي الحقائق، تولت وحدة التحقيق الخاصة التحقيق في كافة وقائع الوفيات والتعذيب والمعاملة القاسية التي أدعي بوقوعها خلال أحداث فبراير 2011 وأثناء سريان حالة السلامة الوطنية والتي وردت من وزارة الداخلية وجهاز الأمن الوطني. كما باشرت التحقيق في حالات الوفيات وادعاءات التعذيب وإساءة المعاملة واستخدام القوة المفرطة التي أدعي بوقوعها بعد إنشاء الوحدة، وقد تم التصرف في تلك القضايا. ب ـ الوقائع موضوع تلك القضايا تتنوع ما بين الضرب المفضي إلى الموت، التعذيب، الضرب البسيط، السب، وعدم الإبلاغ عن جريمة مع العلم بوقوعها. وهي مُدعى بارتكابها خلال تعامل قوات الأمن، وبأماكن التوقيف خلال فترة سريان حالة السلامة الوطنية، وبعضها في فترة لاحقة. ج ـ تلقت الوحدة شكاوى مباشرة أخرى بخلاف القضايا آنفة البيان، وقد بلغ عدد القضايا التي أحيلت إلى المحاكم الجنائية المختصة (45) قضية، تعدد في بعضها المجني عليهم، وبلغ عدد المتهمين المحالين (88) متهماً من منتسبي الشرطة، منهم (16) ضابطاً. كما تم إحالة متهمين في عدد من الوقائع إلى إدارة المحاكم العسكرية لمساءلتهم تأديبياً. د ـ قضت المحاكم الجنائية بإدانة (21) متهم شملتهم (13) قضية، وبالبراءة في (26) قضية وقد طعنت وحدة التحقيق الخاصة على الأحكام الصادرة بالبراءة في (19) قضية بالاستئناف والتمييز، بل أن الوحدة لم ترتض بعقوبات حكم بها ضد متهمين في إحدى القضايا لعدم تناسبها مع الفعل المجرم فطعنت لوجود ظروف قانونية مشددة تدعو إلى تشديد العقوبة وقد نجحت الوحدة بالفعل في استصدار حكم بتشديد العقوبة بعد أن قبلت محكمة التمييز طعنها للمبررات التي ساقتها. ه ـ تراوحت العقوبات في القضايا المحكوم فيها بالإدانة تصاعدياً ما بين الحبس لمدة شهر وحتى السجن لمدة سبع سنوات وذلك بعد استنفاذ طرق الطعن. و ـ ليس صحيحاً ما ذكرته المنظمة في تقريرها من أن أحكام الإدانة في ادعاءات التعذيب انحصرت فقط في ست إدانات عن مزاعم أثيرت بمناسبة ضبط قضية مخدرات، وإنما كافة أحكام الإدانة الصادرة في القضايا المشار إليها آنفاً والبالغ عددها (13) قضية لم تتضمن سوى قضية واحدة تتعلق بمزاعم أثيرت في قضية مخدرات.
وذكر المحامي العام الأول أنه مما تقدم يتبين أن وحدة التحقيق الخاصة باشرت إجراءاتها القانونية في تحقيق أي إدعاءات تعذيب أو معاملة قاسية أو مهينة، وذلك على خلاف ما ذكرته المنظمة في تقريرها، وأنها لا زالت تباشر مهامها تلك من خلال تحقيقات جدية وفعالة في هذه النوعية من الشكاوى والبلاغات، وتُجري تحقيقاتها في استقلال كامل في ضوء القواعد المقررة ببروتوكول اسطنبول لتقصي وتوثيق إدعاءات التعذيب والمعاملة القاسية.
ونوه إلى أن المنظمة الحقوقية ذهبت في ذات سياقها المتعسف والمخالف للحقيقة إلى أن مؤسسات المملكة التي أنشئت تنفيذاً لتوصيات لجنة تقصي الحقائق وبالأخص وحدة التحقيق الخاصة غير قادرة على محاسبة قوات الأمن والمسؤولين عن تعذيب وسوء معاملة الموقوفين، فاستدلت على ذلك بواقعة التمرد التي جرت بسجن جو في مارس 2015 واستخدام قوات الأمن القوة لإخماد هذا التمرد. وما استدلت به المنظمة في حد ذاته دليل على تقاعسها ظاهر البيان عن تقصي الحقيقة والتثبت مما يرد إليها من معلومات، حيث إن وحدة التحقيق الخاصة تباشر التحقيق في هذه الواقعة منذ تلقيها إخطار بذلك من النيابة العامة، وفي الشكاوى التي وردت إليها من عدد من نزلاء السجن، وقد أعلنت الوحدة عن ذلك في تقاريرها الدورية فضلاً عن تصاريحها الصحفية التي فات المنظمة متابعتها، ومن ثم فإن الوحدة في معرض محاسبة ومساءلة من قد يثبت ضده اتهام من قوات الأمن حسبما يتكشف من التحقيق.
ولفت إلى أنه جاء في تقرير المنظمة أن السلطات البحرينية قد حاكمت نبيل رجب -باعتباره ناشطاً حقوقياً بارزاً- لانتقاده الحكومة عبر مواقع التواصل الاجتماعي حيث قضي بمعاقبته بالحبس لمدة ستة أشهر عن تهمة الاعتداء على المؤسسات الوطنية إلى أن صدر العفو الملكي عنه لأسباب صحية. وفي هذا يجدر التنويه بأن النيابة العامة قد اتهمت نبيل أحمد عبد الرسول رجب في القضية رقم 07201409039 بإهانة هيئتين نظاميتين هما وزارة الداخلية وقوة دفاع البحرين وذلك لنشره تغريدات على موقع التواصل الاجتماعي تويتر ذكر فيهما أن من منتسبي المؤسسات الأمنية والعسكرية في البحرين من ينتمون إلى التنظيم الإرهابي داعش، وأن هذه المؤسسات تعتبر الحاضنة الفكرية لذلك الفكر المتطرف، هذا وقد تم استجواب المتهم المذكور في حضور محاميه، حيث أقر بارتكابه الفعل المادي للجريمة بنشره تلك التغريدات، وبناء على ذلك أمرت النيابة بحبسه احتياطياً وبإحالته محبوساً إلى المحاكمة الجنائية، ونظرت المحكمة المختصة الدعوى التي قررت إخلاء سبيله، ثم قضت بجلسة 20/1/2015 بإدانته ومعاقبته بالحبس لمدة ستة أشهر وقدرت كفالة قدرها 200 دينار لوقف التنفيذ .فطعن المتهم على هذا الحكم بالاستئناف أمام المحكمة الكبرى الجنائية، فأيدت محكمة الاستئناف الحكم، ومن ثم طعن على الحكم أمام محكمة التمييز التي رفضت طعنه وأيدت بدورها الحكم.
وشدد على أنه في الوقت الذي يجب التأكيد فيه على حيادية السلطة القضائية بالبحرين وأن قراراتها وتصرفاتها تقع بمنأى عن أي مؤثر أياً ما كان، فإنها لا تساءل أي شخص سواء نبيل رجب أو غيره ممن ذكر بتقرير المنظمة لصفته أو لرأيه أو لمعتقده أو لنشاطه، وإنما تطبق عليه أحكام القانون إذا ما اقترف فعل عده القانون جريمة معاقب عليها. فإنه يجب الإشارة أيضاً إلى أن المنظمة في المقابل من ذلك تبنت موقفاً غير حيادي على الإطلاق حين أعلنت في تقريرها على خلاف الحقيقة أن نبيل رجب قد تمت إدانته للتعبير عن رأيه وانتقاده الحكومة بشكل مجرد، بل حورت من تلقاء نفسها العبارات التي اشتملت عليها تغريداته في محاولة غير مبررة لتخفيف المسئولية الجنائية التي حوكم بسببها المذكور حين ذكرت أنه قال في تغريداته «إن قوات الأمن البحرينية تدفع إلى الاعتقاد بالعنف، بشكل يشبه ما يقوم به تنظيم الدولة الإسلامية المتطرف المعروف بداعش»، بينما هو في تغريداته المنشورة قد اتهم منتسبي الأجهزة الأمنية والعسكرية في المملكة صراحة «وليس باعتقاد أو بإيحاء كما ذهبت المنظمة» حيث قطع بانتمائهم إلى تنظيم داعش وبأن هذه الأجهزة هي الحاضنة الفكرية لذلك الفكر المتطرف. وهو ما يدل على اعتماد المنظمة على ما يُنقل إليها من أخبار وبنبئ عن تقصيرها الشديد في استجلاء الحقيقة قبل الخلوص إلى رأيها الذي أوردته في تقريرها، إن لم يكن لرأيها ذاك سبب آخر. وعلى ذات النحو يكون الرد على ما أثاره التقرير من معلومات مغلوطة بشأن إبراهيم شريف وعلي سلمان حيث إن ما وقع منهما جاء متجاوزاً حرية الرأي والتعبير التي تتعذر بها المنظمة وقامت به جرائم يعاقب عليها القانون، علماً بأن القضيتين المقيدتين ضد علي سلمان وإبراهيم شريف لا زالتا منظورتين أمام القضاء وقد كفلت للمتهمين فيهما كافة الضمانات القانونية المقررة لهما وللموكلين من قبلهم بالدفاع عنهما.