حاوره – وليد صبري:
أكد سفير جمهورية مصر العربية في مملكة البحرين عصام عواد أن «مصر قيادة وشعباً لن تسمح لأية جماعة راديكالية بالإساءة للبحرين على أراضيها»، مشيراً إلى أن «الشعب المصري لن ينسى مواقف دول مجلس التعاون الخليجي خاصة البحرين والسعودية والإمارات والكويت، التي دعمت أمنه واستقراره».
وأضاف السفير المصري في حوار لـ «الوطن» أن «أمن دول الخليج من أمن مصر وهو خط أحمر لا يمكن المساس به»، موضحاً أن «عودة العلاقات بين مصر وإيران مشروطة ولن تكون مطلقاً على حساب أمن دول مجلس التعاون الخليجي». ووصف عواد جماعة الإخوان المسلمين في مصر بأنها «نبت شيطاني أفسد الحياة السياسية في البلاد خلال فترة تولي الرئيس المعزول محمد مرسي مقاليد الحكم»، لافتاً إلى أن «الجماعة استخدمت الدين لتحقيق مآرب غير وطنية لا علاقة لها بالدين»، فيما شدد على أنه «لا يمكن المقارنة بين أخطاء الحزب الوطني الديمقراطي المنحل، وخطايا جماعة الإخوان المسلمين».
وقال إن «المؤسسة العسكرية المصرية انحازت لإرادة الشعب المصري وجنبت البلاد مخاطر التقسيم أو شبهة الحرب الأهلية»، مؤكداً أن «القوات المسلحة لا تسعى إلى سلطة أو منصب». وحذر من أن «السلطات المصرية سوف تتخذ إجراءات حازمة ضد حركة المقاومة الإسلامية «حماس» إذا ثبت تهديدها للأمن القومي المصري».
وفيما يتعلق بالأوضاع في البحرين، أكد السفير المصري أن «إصلاحات حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى تكفل لشعب البحرين أمنه واستقراره وترقى لطموحاته»، مشدداً على أن «هناك من يدعي أنه من المعارضة وفي نفس الوقت يسعى للتخريب وتهديد أمن المواطن والمقيم بالمملكة». وذكر عواد أن «السلطات البحرينية تتخذ الإجراءات الكفيلة ببسط هيبة الدولة وتأمين مواطنيها والمقيمين على أراضيها وفقاً للقانون»، وإلى نص الحوار:
* كيف تقيمون العلاقات بين مصر والبحرين في ظل التطورات الإقليمية والدولية؟
كـــل التقديــر والمحبة والاعتزاز للشعـــب البحريني من الشعب المصري، هذا الشعب الغالي على قلوب المصريين، حينما نتحدث عن شعب البحرين، فإننا نتحدث عن حضرة صاحب الجلالة الملك حمـد بـــن عيســـى آل خليفة عاهل البلاد المفدى، وصاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفــة رئيس الوزراء، وصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد نائب القائد الأعلى النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء، نتحدث عنهم لأنهم خير تعبير عـــن النبض الحقيقي لشعب البحرين، لا يمكن لمصر قيادة وشعباً أن تنسى مواقف البحرين الداعمة والمشرفة والعظيمة للتطورات في مصر، ودعمها لإرادة الشعب المصري واستقراره، وتأييدها لخارطة الطريق، لقد كان دعماً راسخاً وتأييداً مطلقاً لتطلعات الشعب المصري، وكنا بحاجة إلى تلك المواقف العظيمة والكريمة من البحرين قيادة وشعباً.
الدعم الخليجي
* كيف تقيمون دعم البحرين بوجه خاص، ودول مجلس التعاون بشكل عام، لمطالب الشعب المصري في 30 يونيو، وخارطة الطريق للمرحلة الانتقالية التي تشهدها البلاد، إضافة إلى الدعم المادي المتمثل في 12 مليار دولار من السعودية والإمارات والكويت؟
دعنــي أتحــدث عن الدعــم المعنوي أولاً، من دول مجلس التعاون خصوصاً من البحرين والسعودية والإمارات والكويت لمصر، إضافة إلى المملكة الأردنية الهاشمية، هذا الدعم المعنوي كان مؤكداً أن هذه الدول ستقدم هذا الدعم للشعب المصري ودون تردد، وما كان في الضمير المصري وجدناه واقعاً، هذا الدعم كان متوقعاً، لأن هذه الدول تدرك قيمة مصر والعلاقات الوثيقة التي تربطها معها، ولاشك في أن دول مجلس التعاون تدرك أن جماعة الإخوان المسلمين لا تصلح لأن تمثل شعب مصر، وتبدو الجماعة كقزم أمام الأهرامات، قد تلهو بين الأهرامات الشامخة ولا يراها أحد، ولاشك في أن الدعم الخليجي لمصر كان دعماً يتوق إليه الشعب المصري ويتمناه، ولم تتوانَ تلك الدول عن التعبير عن ذلك الدعم بأشكال مختلفة ومتعددة، انظر إلى المملكة العربية السعودية ووزير خارجيتها الأمير سعود الفيصل وإلى الأداء السياسي الراقي في دفاعه عن مصر، انظر إلى وزير خارجية البحرين الشيخ خالد بن أحمد بن محمد آل خليفة وهو يدافع عن مصر في الأمم المتحدة، يضع مصر والبحرين في نفس المكانة من القلب، وهو يتحدث عن البحرين ومصر بنفس العزة والاعتزاز، وهذا الكلام نسمعه من جلالة الملك ورئيس الوزراء وولي العهد، ومن كافة القيادات في البحرين، ومن كافة الوزراء في الحكومة البحرينية، ومن الشعب البحريني الشقيق.
ولا ننسى في هذا الصدد دعم الإمارات وحكامها وقياداتها لمصر، أبناء سمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله، ذلك الرجل الذي يبقى اسمه محفوراً في قلوب المصريين خاصة والعرب بوجه عام، وأياديه البيضاء والخيرة في كل بقاع الوطن العربي، وكذلك دعم الكويت وسمو الأمير صباح الأحمد الجابر الصباح، ودعم المملكة الأردنية الهاشمية وجلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين، ولا ننسى ما ذكره وهو يتحدث عن قلوب الأردنيين المعلقة بما يحدث في مصر، كل تلك الدول وقفت إلى جانب مصر في الفترة الأخيرة وقفات مشرفة، ترجعنا إلى أمجاد حرب أكتوبر المجيدة، وكأن تلك الدول تقول لمصر نحن معكِ دوماً لأنكِ لم تنسينا مطلقاً.
ثورة 30 يونيو
* بماذا تردون على مزاعم تتحدث عن أن «ما حدث في مصر في 30 يونيو هو انقلاب عسكري وليس ثورة شعبية»؟
ما حدث في مصر في 30 يونيو هو ثورة أعادت مصر إلى محيطها الخليجي والعربي، والجيش المصري والمؤسسة العسكرية المصرية عودتنا على أنها تنحاز دائماً لإرادة الشعب ولم تكن في يوم من الأيام طامحة إلى السلطة أو المناصب. إن المؤسسة العسكرية المصرية من أعرق المؤسسات على مستوى العالم، لقد عرفت مصر الجندية منذ عهد الفراعنة، وعلى مر التاريخ هي دائماً تقف حامية وراعية للوطن والمواطن، وقد استشعرت الخطر، وتدخلت بناء على رغبة ملايين المصريين وجنبت البلاد مخاطر الانقسام أو شبهة الحرب الأهلية، حينما استشعرت العجز من قبل حكومة «الإخوان المسلمين»، ذلك التنظيم الذي سعى إلى السيطرة على كل مقدرات الدولة، والذي كان يرغب في تدمير حتى التاريخ المصري، تلك الجماعة جاءتها فرصة تاريخية وذهبية لتثبت للعالم أنها حزب وطني له جذور في التربة المصرية، ولكن للأسف الشديد برهنت الجماعة على أنها نبت شيطاني لا يحمل للشعب المصري لا أواصر دم ولا يراعي حرمة هذا الشعب ولا يراعي مستقبلاً لهذا البلد ولا يعترف بوطن اسمه مصر، بل إنه أثبت عكس ذلك تماماً، حينما وصلت جماعة الإخوان المسلمين إلى السلطة في 2012 لأول مرة في التاريخ، ومنذ تأسيس الجماعة على يد حسن البنا العام 1928 وهي تدعي دوماً أنها الوقود الحقيقي للمعارضة المصرية، وكانت تدعي دوماً أنها قادرة على توفير وإيجاد حلول لكافة المشاكل التي تواجه الدولة المصرية، ودائماً تروج لنفسها على أنها مؤسسة تحمل لواء الإسلام وتحمل راية الإسلام ولكنها برهنت عكس ذلك تماماً، وأتيحت لها الفرصة على مدار عام كامل، لم يكن الرئيس المعزول محمد مرسي خلال عام من حكمه رئيساً لكل قطاعات الشعب المصري، ولم يحمل هموم وطموحات المواطن المصري، وبالتالي كان يطبق أجندة غريبة ودخيلة على المجتمع المصري، الذي أيده ودعمه وأوصله إلى سدة الحكم بفارق بسيط عن الفريق أحمد شفيق، ولكنه وصل إلى الحكم بالفعــل عبر صناديق الاقتراع، وكانت الجماهير المصرية تتوق بالفعل إلى التعرف علـــى برنامج ديمقراطي حقيقي محترم للجماعة يأخذ بعناية شديدة مشاكل وهموم الشعب المصري محمل الجد ويضع خططاً من شأنها أن ترفع المعاناة عن كاهل الشعب ولكن للأسف الشديد برهنت سياسات الرئيس المعزول محمد مرسي على أنه يسبح عكس الاتجاه الطبيعي، ويغرد خارج سرب التقـدم والحرية، واتخذ من القرارات ما أهان كافة القطاعات، وشرائح الشعب المصري، ولم يترك مؤسسة في مصر إلا واصطدم بها، وكان صداماً من النوعية الديكتاتورية التي تستهدف الاستئثار بكل شيء، في ظل غياب رؤية وسيناريو للتقدم والإصلاح والتطوير، فأفسد الحياة السياسية والاجتماعية في مصر تماماً، لقد اصطدم بمؤسسة القضاء، تلك المؤسسة العريقة الضاربة بجذورها في عمق الشعب المصري، والشعب المصري يعرف تماماً قيمة القضاء في إقامة ميزان العدل وصناعة مستقبل راقٍ لتلك البلاد، وأصدر إعلاناً دستورياً كان نبتاً غريباً على الشعب المصري، يرسخ لديكتاتورية، تمرد عليها الشعب في تاريخه العديد من المرات.
خطايا «الإخوان»
* القوى السياسية في مصر أكدت أن جماعة «الإخوان المسلمين» سعت إلى أخونة الدولة، واحتكار السلطة، وواجهت الجماعة وحزب «الحرية والعدالة» اتهامات بأنهما نسخة مكررة من الحزب الوطني الديمقراطي المنحل، هل لنا أن نعرض مقارنة بين الحزبين وأدائهما السياسي؟ وما أبرز سلبيات حزب «الحرية والعدالة» من وجهة نظركم؟ وما أبرز أخطاء حكم الرئيس المعزول محمد مرسي؟
لا وجه للمقارنة، والمقارنة غير واردة بين جماعة «الإخوان المسلمين» وبين «الحزب الوطني الديمقراطي»، جماعة «الإخوان المسلميـــن» منذ تأسيسهـــا، يتســـاءل المصريون ماهي مقومات الجماعة وماهي الأهداف الحقيقية لها؟ إن جماعة الإخوان قدمت نفسها مؤخراً على أنها حزب، وتعريف الأحزاب وفقاً للقانون وفي الفقه السياسي هو تنظيم يسعى إلى الوصول إلى الحكم عبر برنامج يلتف حوله جموع من أبناء الشعب في أي دولة في العالم، مثل حزبي العمال والمحافظين في بريطانيا، وحزب المؤتمر في الهند، وهذه الأحزاب سياسية هدفها الوصول إلى الحكم عبر برامج تتلاقى وتنسجم مع طموحات مؤيدي هذا الفكر، لكن جماعة الإخوان المسلمين في المقابل لا تصلح أن تكون حزباً لأنها أهدافها ومقوماتها غريبة، وغير مفهومة، وغير واضحة، وغير محددة، واسمح لي أن أستخدم تعبيراً يصف وضع الإخوان المسلمين بدقة، وربما يبدو غريباً وهو «محاولة الجمع بين الدين والسياسة كمحاولة الجمع بين الماء والنار»، بمعنى أننا عندما نتحدث عن جماعة الإخوان المسلمين نجد أنفسنا بتلقائية شديدة دون أن نشعر نقرن اسم الجماعة بـ «المحظورة»، لقد اصطدمت جماعة الإخوان المسلمين بكل الأنظمة في مصر، فقد اصطدمت بالتاج الملكي في عهد الملك فاروق، ثم اصطدمت بثورة 23 يوليو وحاولت اغتيال الرئيس الراحل جمال عبدالناصر فيما عرف بـ «حادث المنشية» بالإسكندرية عام 1954، واصطدمت بحكم الرئيس السابق أنور السادات وحكم الرئيس السابق حسني مبارك، والتاريخ هو الذي يقول ذلك، وأنا أحاول أن أستخرج من التاريخ ما يوضح وضعية وسلوك هذه الجماعة، ولاشك في أن الجماعة أفشلت الحياة السياسية في مصر، إن جماعة الإخوان تسمح لنفسها باستغلال الدين لتحقيق مآرب غير واضحة، ولكنها في غالبيتها مآرب غير صحية، وغير وطنية، ولا تستهدف خدمة الشعب المصري، ولا يمكن أن تخدم الدين، بل تلك المآرب تسيء إلى الديانة الإسلامية، وتسيء إلى الإنسان المصري، والشعب المصري، فالشعب المصري يعرف الديانات السماوية بقلبه قبل أن يبعث الأنبياء، فالشعب المصري عبد إلهاً واحداً منذ أيام إخناتون، أي قبل ظهور الديانات السماوية، والإنسان المصري تعود على أن الديانات السماوية الثلاث في دمه، ولدينا في مصر توليفة من معتنقي تلك الديانات السماوية الثلاث، فهناك يهود عددهم قليل في مصر ولكنهم موجودون، وهناك الأقباط، وهذه شريحة عظيمة في النسيج الوطني المصري، وبرهنت الأحداث على مدار السنوات الماضية، أن المسيحيين يضعون مصر نصب أعينيهم، أقباط مصر يعتزون بتراب وطنهم، والقرآن الكريم تحدث عن النصارى بشكل مفرد.
إن جماعة الإخوان أفسدت الحياة السياسية في مصر وأساءت إلى الشعب والدولة، بشكل غير مسبوق، ولا يمكن مقارنتها بالحزب الوطني، ولا ننسى أن الحزب الوطني نشأ على المفاهيم المتعارف عليها عالمياً، إنه حزب في السلطة وينشد الحفاظ على السلطة، وهذا حقه، وإذا كانت هناك أخطاء أو خطايا فهذا حقيقي، ولكن يصعب المقارنة بين هذا وذاك، لأن الحزب الوطني لم يكن مخدراً، ولم يستخدم الدين كستار، لأن استخدام الدين كستار، للوصول إلى غايات سياسية، سلوك منبوذ، ينتقص من قيمة الدين، ولا يعلو بقيمة السياسة.
* محللون ومراقبون يرون أن المرحلة المقبلة في مصر تحتاج إلى رئيس ذي خلفية عسكرية، ويرون أن القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربي الفريق أول عبدالفتاح السيسي هو الأنسب لتلك المرحلة، ما تعليقكم على ذلك؟
نحن نبحث وننشد ونأمل في الرئيس المقبل أن يكون من الطينة المصرية، وليس نبتاً شيطانياً، نحن نتمنى أن يصل إلى السلطة رئيس يعرف قيمة مصر وشعبها، ويعرف هموم المصريين، وليس رئيساً يتعالى على الشعب المصري، رئيساً لكل طوائف الشعب المصري، للمسلمين ولأهل الذمة، يتعامل مع الجميع، ويحنو على الجميع، وتلك الصفات تجتمع في الفريق أول عبدالفتاح السيسي، فهو ابن مصري بار، فهو يعرف قيمة هذه الدولة، ويعرف معاناة شعبها، ويعرف قيمة وإرادة هذا الشعب، فهو يقيناً يستحق أن يكون رئيساً لمصر، ولكن ليس الفريق أول عبدالفتاح السيسي هو فقط من يصدق عليه هذا القول، ولا شك في أن مصر ثرية بأبنائها، وبما صنعت، من أبناء يجودون بالغالي والنفيس، من أجلها، الفريق أول عبدالفتاح السيسي قدم نموذجاً، ولكن إذا أجهدت نفسك للبحث في مصر ستجد الملايين القادرين على خدمة مصر وشعبها، فحين توسمت مصر خيراً في الرئيس المعزول محمد مرسي، القادم من جذور إسلامية كما ادعت جماعة الإخوان المسلمين، وضح منذ اليوم الأول أن هذا الرجل سيقود السفينة إلى الغرق التام، وكان نموذجاً غريباً، لكن مصر مليئة بالشرفاء.
أمن الخليج
* هل تتوقعون عودة العلاقات الدبلوماسية بين القاهرة وطهران؟ وما رأيكم في التدخل الإيراني في شؤون البحرين خاصة، ودول مجلس التعاون الخليجي بشكل عام؟
العلاقات المصرية الإيرانية إذا كتب لها العودة فلن تكون على حساب أمن دول مجلس التعاون الخليجي، وعودة العلاقات المصرية الإيرانية تتعلق بإرادة دولتين والاستجابة لمطالب مطروحة من مصر منذ فترة طويلة، وهذا لن يكون على حساب علاقات مستقرة وعلاقات دم وصلات وطيدة على مدار قرون بين مصر ودول مجلس التعاون الخليجي. إن أمن دول الخليج من أمن مصر، وهو خط أحمر لا يمكن المساس به، ونحن نرفض أي تدخل في شؤون دول مجلس التعاون وهو تدخل مرفوض.
إصلاحات بالغة الرقي
* كيف تقيمون إصلاحات جلالة الملك في البحرين؟
الإصلاحات التي يقوم بها جلالة الملك في مملكة البحرين بديعة وبالغة الرقي، تتجاوب مع طموحات المواطن البحريني، وتكفل للشعب أمنه واستقراره، وخير مثال على ذلك المشروعات الإسكانية. إن المعارضة في أي دولة بوجه عام دائماً ما تستهدف واقعاً أفضل مما هو موجود، لكن ما نراه في البحرين على العكس، لأن الواقع الأفضل موجود بالفعل، بل على العكس نلاحظ أن رئيس الوزراء يمارس الدورين، الحكومة والمعارضة في نفس الوقت، بمعنى أنه يتبرأ إذا وجد إخفاقاً في شيء، ويحاول معالجته وإصلاحه، وإذا وجد أن هناك قصوراً من جهة معينة يقوم بتصحيح ذلك القصور، وحادثة كوبري السيف خير مثال على ذلك، وقد وجه سمو رئيس الوزراء نقداً لاذعاً للكيفية التي أقيم بها هذا الكوبري، وحرص على أن يتم تجاوز هذا الخطأ وإصلاحه، تجنيباً لكل مواطن أو مقيم يستخدم هذا الطريق حتى لا تحدث مشكلات، إذن سمو رئيس الوزراء يمارس نوعاً من النقد الذاتي، ويحاول دائماً التجويد والتحسين، ويتابع أداء الحكومة والوزراء متابعة دقيقة، أسرع من المعارضة بكثير، ويجنح دائماً إلى سلامة وأمن ورفاهية المواطن والمقيم، والمعارضة إذا كانت لديها ما تقدمه فهناك دورات للحوار وهناك وزيراً للعدل يمثل الحكومة في هذا الحوار، وهناك سمو ولي العهد وهو أول من طرح فكرة الحوار مع المعارضة منذ أحداث فبراير 2011، لكن الفشل دائماً يأتي من المعارضة.
عنف الراديكاليين
* كيف ترون لجوء الجماعات الراديكالية في البحرين إلى استخدام العنف وأعمال الشغب واستهداف رجال الأمن وترويع المدنيين بحجة الاحتجاج السلمي؟
الشأن الداخلي البحريني له قدسيته، وحينما أتحدث عن الشأن البحريني أتحدث بصفة المحب والمراقب والمتابع لهذه الدولة، وأنا أرى في مواقف المعارضة البحرينية ما يرفع عنها صفة «المعارضة»، المعارضة البحرينية مدت إليها الأيادي، وفتحت لها جميع الأبواب للجلوس والحوار، والحوار له أدواته، لكن التخريب وخلق المشاكل، واختلاق قضايا، والتعنت، واستهداف رجال الأمن، كل ذلك يندرج تحت بند، التخريب، وتعكير الصفو العام، والجنوح التام عن الاستقرار بين مختلف أطياف الشعب، ولاشك في أن وصف المعارضة بـ «الجماعات الراديكالية» التي تتخذ من الدين ستاراً، وصف دقيق، فهي تجادل دون جدوى.
إن القيادة السياسية في البحرين فتحت قنوات كثيرة جداً أمام المعارضة، وتعددت قنوات الحوار، وفي كل مرة تؤكد المعارضة دائماً للقاصي والداني أنها بعيدة عن الاستقرار، والحوار لا يشغلها، وما يشغلها هو تعكير صفو المواطن والمقيم في البحرين.
* هل تتوقعون تنسيقاً بين السلطات المصرية والبحرينية لضبط سفر المعارضين البحرينيين إلى مصر؟
نحن نتابع في مصر بحرص بالغ ما يدور في الدول الشقيقة، وأمن مصر يبدأ من أمن الخليج وأمن الخليج يبدأ من أمن مصر، والعلاقة تبادلية وواحدة ولا يمكن الفصل بينها، ومصر لن تسمح لأي جماعة راديكالية بالإساءة لمملكة البحرين على أراضيها، وترفض وتستهجن الإساءة للبحرين في أي محفل دولي، فالدولتان شقيقتان يجمع بينهما احترام المواطنين وحب الأوطان وعشق العمل لمصلحة الشعوب.
* ما قيمة الاستثمارات البحرينية في مصر؟ وما حجم التبادل التجاري بين البلدين؟ وكم تبلغ قيمة الصادرات والواردات؟ وما هي الخطط المصرية لجذب المستثمرين البحرينيين خاصة في ظل التحديات التي تواجهها مصر في تلك الفترة؟
تشير بيانات وزارة التجارة والصناعة المصرية إلى بلوغ إجمالى التجارة الخارجية بين البلدين 92.2 مليون دولار العام 2011، حيث بلغت قيمة الصادرات المصرية 38.2 مليون دولار، في حين بلغت الواردات المصرية من البحرين 54 مليون دولار، وتشير البيانات ذاتها إلى أن أهم الصادرات المصرية للبحرين تتمثل في الفاكهة والمواد الغذائية، والأدوية والملابس القُطنية، والأدوات الصحية والسيراميك، بينما تتمثل أهم الصادرات البحرينية في منتجات الألومنيوم ومنتجات البتروكيماويات والأسماك. وفي المقابل، تشير بيانات وزارة التجارة والصناعة البحرينية إلى أن إجمالي حجم التجارة الخارجية «غير البترولية» 140 مليون دولار عام 2011.
وفيما يتعلق بالاستثمار، أكدت بيانات الهيئة العامة للاستثمار المصرية استمرار زيادة تدفقات الاستثمارات البحرينية في مصر حتى العام المالي 2011-2012، ولا تزال في نمو مستمر، فقد بلغ رأس المال المُصدَر من البحرين إلى مصر منذ العام 1970 حتى أغسطس 2012 نحو 3.8 مليار دولار، ليحقق صافي الإسهام البحريني للاستثمار في مصر 911 مليون دولار أمريكي.
ومن أبرز الاستثمارات البحرينية في مصر قيام البنك الأهلي المُتحد بالبحرين بشراء بنك الدلتا الدولي العام 2006، فضلاً عن المساهمة في عملية تطوير ميناء دمياط، وتحتل شركة «دانة - غاز» البحرينية مرتبة متقدمة من حيث الإنتاجية بين الشركات المُنتجة للغاز الطبيعي في مصر.
إن الفترة المقبلة ستشهد تطوراً كبيراً في العلاقات بين مصر والبحرين، واللجنة العليا المشتركة بين البلدين تجري الإعداد لدورتها المقبلة بين ديسمبر ويناير المقبلين، وهناك تعاون على كافة المستويات، سوف يرتقي إلى مستوى العلاقات بين البلدين، وما يترجم العلاقات الخاصة بين الشعبين الشقيقين، وهناك خطط لجذب الاستثمارات البحرينية في مصر، ولقد لمست من المسؤولين في البحرين دعماً كاملاً من أجل زيادة الاستثمارات في مصر خلال المرحلة المقبلة.
* المصريون في مقدمة العمال العرب بالمملكة وبلغ عددهم 6435 شخصاً، واحتلت العمالة المصرية المرتبة الأولى عربياً والسادسة دولياً، كيف تقيمون تلك المرتبة؟
الجالية المصرية بالعاملين وعائلاتهم تتجاوز الـ 20 ألف شخص، وفي الحقيقة نحن لا نشعر بأية غربة في وطننا الثاني، بل نشعر أننا مواطنون ذو مكانة، والحضن البحريني يشمل الجميع، والجالية المصرية لها دائماً وضع خاص، بحكم المحبة وترسخ العلاقات بين البلدين والمصير المشترك الرابط بينهما.
تحذير لـ «حماس»
* ماذا عن العلاقات مع أشقائنا الفلسطينيين خصوصاً في قطاع غزة؟
الشعب الفلسطيني شعب عزيز على نفوس المصريين، وقدمنا الكثير ودخلنا في حروب من أجل القضية الفلسطينية، ومصر لن تتراجع عن دورها التاريخي في دعم القضية الفلسطينية، ولكن نؤكد أننا ندعم الشرعية الممثلة في الرئيس محمود عباس، وفيما يتعلق بالفلسطينيين في غزة، فإننا نحاول بالقدر الكافي أن نؤمن لأشقائنا في غزة، كل سبل الراحة، من خلال فتح معبر رفح، ولكن لا ينبغي هذا أن يصطدم بأمن الشعب المصري، وما جاء على لسان وزير الخارجية المصري نبيل فهمي من تحذير لحماس فهو قرار سليم على إطلاقه، ومصر لن تتهاون في تأمين حدودها، ولن تتهاون مع قتلة جنودنا في رفح، وعلى حماس أن تأخذ تصريحات وزير الخارجية المصري على محمل الجد، وإذا ثبت أن حماس تهدد الأمن القومي المصري سوف يكون هناك وقفة حاسمة معها، ومع كل من يعكر صفو العلاقات المصرية الفلسطينية، لقد سعت مصر كثيراً لرأب الصدع بين حركتي «فتح» و«حماس»، وتعددت جولات الحوار، ولكن إذا فهم هذا على أنه علامة ضعف فعلى الجميع أن يدرك أن مصر قادرة على ضبط الأمور، وعلى رد الإساءة، ولكننا دائماً نسعى إلى أن يستقر لدينا اليقين، ومن المسؤول عن تهديد الأمن القومي المصري.
* مصر عارضت توجيه ضربة عسكرية ضد سوريا، كيف تقيمون اتفاق نزع الأسلحة الكيميائية السورية الذي تم إقراره بين أمريكا وروسيا؟
الأخوة في سوريا أعزاء علينا، والتدخل في الشأن السوري لابد أن يكون بحذر، ونحمد الله أن مسألة ضرب سوريا لم تتم، ونتمنى أن يتجاوب نظام الرئيس بشار الأسد مع اتفاق نزع الأسلحة الكيميائية ونتمنى أن يتم وقف نزيف الدماء، لأن سوريا كانت الأقرب إلى الشعب المصري، والوحدة ربطت بين الشعبين، وكان الجيش السوري شريكاً للجيش المصري في انتصارات أكتوبر المجيدة.
* السفير عصام عواد أول سفير لمصر في البحرين بعد ثورة 25 يناير، ماذا يمثل لسيادتكم ذلك الوصف؟
تشرفت بأن أكون أول سفير لمصر في البحرين بعد ثورة 25 يناير وأحمد الله أني في البحرين، التي أعتز بها، قيادة وشعباً، وأزعم أن مصر الجديدة بعد ثورة 30 يونيو، أقرب إلى المحيط الخليجي والمحيط العربي ويشرفني أن أكون شاهداً ومساهماً في تطور العلاقات البحرينية المصرية.