حلب - (الجزيرة نت): لا تزال معارك كر وفر تدور شمال مدينة حلب السورية، وسط أنباء عن تمكن قوات النظام السوري وميليشيات تساندها من كسر حصار جزئي كانت تفرضه المعارضة المسلحة منذ 3 سنوات على بلدتي نبل والزهراء اللتين تواليان النظام وتعدان مركزين متقدمين لإيران شمال سوريا.
وبعد محاولات فاشلة في السنوات الثلاث الماضية فكت قوات النظام السوري تساندها مليشيات وعناصر إيرانية الحصار عن البلدتين شمال حلب. وحولت إيران البلدتين إلى معسكرين محصنين، بينما يقدم الحرس الثوري دعماً مباشراً للنظام السوري بالميدان.
وتقع البلدتان شمال مدينة حلب بنحو 20 كيلومتراً، وتضمان نحو 40 ألفاً ينتمون إلى الطائفة الشيعية في محيط سني. وحوّل النظام منذ انطلاق الثورة منتصف مارس 2011 مناطق تمركز الشيعة في سوريا إلى منصات إطلاق صواريخ لقصف المدن والبلدات المحيطة بها، كما تعد هذه المناطق الخزان الأكبر من المؤيدين الذين انخرطوا بمليشيات ما يسمى «الدفاع الوطني» المدافعة عن النظام.
وقال بسام حاج مصطفى عضو المكتب السياسي لحركة نورالدين الزنكي بحلب إن نبل والزهراء تضمان آلاف المقاتلين بقيادة ضباط من ميليشيا «حزب الله» الشيعي اللبناني ومليشيات أخرى وصفها بـ «الطائفية».
ويشير الناشط الإعلامي سامح مستو - من أبناء ريف حلب الشمالي - إلى أن النظام سلح نحو 300 شاب من البلدتين بعد شهرين من بدء الثورة، واعتمد عليهم في قمع المتظاهرين في مدينة حلب.
وقال مستو إن إيران بدأت تولي نبل اهتماماً خاصاً مع بداية الألفية الجديدة من خلال بناء «حسينيات»، لتكون مراكز لنشر التشيع في محيطها السني، كما أوفدت عدداً من شبانها للدراسة في جامعات إيرانية.
وأوضح الناشط السوري أن الزهراء كان يطلق عليها اسم «مغيولة»، حيث يعتقد أن سكانها هم من بقايا «المغول»، الذين مروا بالمنطقة. وأشار إلى أن العلاقة بين البلدتين كان فيها جفاء، ولكن إيران ضغطت لجمعهما، خاصة بعد اندلاع الثورة السورية.
من جهته قال المحلل العسكري العقيد الطيار مصطفى البكور إن الحرس الثوري الإيراني حصن بلدتي نبل والزهراء بالخبراء والمقاتلين والأسلحة، فتحولتا إلى معسكرين يضمان ميليشيات طائفية «نائمة»، وهذا ما يفسر محاولاته المتلاحقة لفتح طريق إليهما من حلب، متخذاً من «المرتزقة» الأفغان وقوداً لهذه المحاولات.
وكانت قوات المعارضة السورية المسلحة حاولت في السنتين الماضيتين اقتحام البلدتين، لكنها لم تتمكن من ذلك. وقتل قادة بارزون في الحرس الثوري الإيراني في المعارك التي دارت في الأيام القليلة الماضية بحلب، وهو ما يؤكد أهمية البلدتين لدى طهران. واعترفت وسائل إعلام إيرانية بمقتل 4 قادة بالحرس الثوري من أبرزهم العميد محسن قاجاريان - قائد فرقة الإمام الرضا مدرعات - مع عشرات من قوات «الباسيج».
وحذر المحلل العسكري مصطفى البكور من أن وصول الميليشيات الطائفية للبلدتين يعني فصل ريف حلب الشمالي عن الريف الغربي للمحافظة.
وأوضح أن عفرين تقع تحت سيطرة حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي، مما يجعل خط الفصل بين الريفين تحت سيطرة الحليفين «النظام والحزب»، مؤكداً أن هذا سيؤدي إلى تهديد ريف حلب الغربي بشكل جدي. في المقابل، قلل بسام حاج مصطفى عضو المكتب السياسي لحركة نور الدين الزنكي بحلب من أهمية وصول الميليشيات إلى نبل والزهراء. واعتبر أنه حتى لو حدث ذلك فسيكون «مجرد نصر إعلامي» في إطار ضغط روسي إيراني على المعارضة لحملها على تقديم تنازلات.
ونفى المحلل السوري أن المعارضة كانت تحاصر البلدين، وقال إن الطريق الذي يوصلهما بمدينة عفرين «ذات الغالبية الكردية»، التي تحاذيهما من الشمال والغرب وتسيطر عليها ما يسمى وحدات «حماية الشعب» الكردية «كان ولا يزال مفتوحاً».
وكانت وسائل الإعلام الرسمية السورية أكدت أن قوات النظام - المدعومة بالحرس الثوري الإيراني و»حزب الله» اللبناني ومليشيات أفغانية وعراقية - فكت الحصار عن بلدتي نبل والزهراء.
وقال الصحفي السوري فراس إن أسراباً من الطيران الروسي شنت مئات الغارات لتمكين قوات النظام من التقدم باتجاه البلدتين، ووصف الغارات بأنها الأعنف على مدن وبلدات ريف حلب الشمالي.