الباحث عن حقيقة إيران كالباحث عن قشة وسط الركام، وقد يتراءى لبعض العوام وحتى بعض المفكرين، أن إيران ولدت أو وجدت «صفوية» ولكن الحقيقة أن إيران وقبل أربعة قرون وبضع سـنوات كانت سنية المذهب، ولم يكن فيها سوى أربع مدن شيعية هي: آوه، قاشان، سبزوان، قم، وعقب تتويج إسماعيل الصفوي ملكاً على إيران أعلن فرض المذهب الشيعي مذهباً رسمياً للدولة دون مقدمات.وإذا ما أردنا أن نغور في أعماق هذه المسألة ونشبعها تحليلاً وتفكيكاً وبرؤية سوسيولوجية -إنثروبولوجية صارمة فإننا لا بد أن نبدأ من نقطة البداية، ولكن قبل أن نبدأ علينا أن نفرق بين الصفويين والشيعة العرب وذلك للإنصاف، فنحن لم ولن نختلف مع الأخوة الشيعة العرب ولا نحمل في صدورنا أية أحقاد ضدهم، ولكننا ضد الصفويين المجرمين الذين يستغلون الكثير من الأخوة في الطائفة الشيعية لتمرير أجندتهم الصفوية، باختصار نحن مع التشيع العربي الذي عرف عنه بالمعتدل الإيجابي، وضد التشيع الفارسي والذي عرف عنه التطرف والمغالاة والصدامية والذي جاء بطريق السيف والإكراه، وهدفنا مما نكتبه تنقيته الشيعي الصحيح مما علق به من مخلفات «التشيع الصفوي» الذي أدخله الصفويون حين حكموا إيران وصار المذهب الشيعي هو المذهب الرسمي, حين استغل الدين لصالح السياسة مما شوه المذهب حتى صار داعياً إلى الفرقة معاوناً للغرب ضد الأمة الإسلامية. البدايةتحكي أن إيران كانت أرضاً سنية لأكثر من ألف سنة مثلها في ذلك مثل جميع الأقطار الأخرى، وظلت ما يقرب من تسعة قرون من الزمان تتبع مذهب أهل السنة والجماعة من سقوط الدولة العباسية آخر دول الخلافة السنية، فكانت الصبغة السنية ظاهرة فيها، وواضحة في جميع ألوان النشاط البشرى لأهلها غير أن بعض القبائل التركية الساكنة في منطقة آذربيجان بعد سقوط الخلافة العباسية اعتنقت المذهب الشيعي الإمامي مثل قبائل القزلباشية وجنحت إلى التصوف، وكانت تتبع فرقة صوفية تسمى الفرقة الصفوية ، نسبة إلى مؤسسها صفي الدين الأردبيلي، وكان إسماعيل الصفوي أحد أحفاد صفي الدين يرأس بعده الفرقة ، فكانت قبائل القزلباشية تابعة له تحت أمره.ويمثل تاريخ الدولة الصفوية في إيران منعطفاً خطيراً في تاريخها، فبقيامها اتخذت إيران المذهب الشيعي الإثني عشر مذهباً رسمياً، وكان لهذا التحول آثاره البعيدة في تاريخ إيران خاصة وتاريخ العالم الإسلامي عامة.وينتسب الصفويون إلى أحد شيوخ التصوف يسمى «صفي الدين الأردبيلي» المولود عام (650هـ= 1334م)، وهو الجد الخامس للشاه إسماعيل، وكان رجلاً نشيطاً دائب الحركة والسعي؛ استطاع أن يجذب الأتباع حوله في أذربيجان، ثم انتقل الأمر إلى ابنه، ثم إلى حفيده صدر الدين خواجة علي سياهبوش، حليف تيمور لنك، وهو أول من غير مذهبه إلى المذهب الشيعي الاثني عشر.نجح أبناء الأردبيلي وأحفاده في نشر المذهب، والتمكين له بين المحبين والمريدين، وصارت لهم قوة وقدرة على المشاركة في الأحداث السياسية في المناطق التي يقيمون بها، وتحولوا من أصحاب دعوة وشيوخ طريقة إلى مؤسسي دولة لها أهدافها السياسية والمذهبية.وكانت الأجواء التي تعيشها إيران في أواخر القرن التاسع الهجري من التمزق السياسي وشيوع الفوضى أفضل مناخ استغله الصفويون لجذب المزيد من الأنصار، والتطلع إلى قيام دولة تدين بالمذهب الشيعي الاثني عشري لأول مرة في تاريخ الإسلام (حيث كانت الدول الشيعية السابقة إما زيدية وإما إسماعيلية كالقرامطة والعبيديين) حيث سيطرت على إيران قبيلتان من قبائل التركمان هما قراقويونلو أي أصحاب الخراف السوداء، وآق قويونلو أي أصحاب الخراف البيضاء، وكان القتال مستمراً بين تلك القبائل، مما زاد من تمزق إيران بعد تعرضها لتدمير المغول ثم لتدمير تيمورلنك.هناك خلاف بين المؤرخين حول الأصل العرقي للصفويين، فغالب المؤرخين يذهبون إلى أنهم من القبائل التركمانية، والبعض ينسبهم للفرس، وهناك رأي ضعيف ينسبهم للأكراد، وبالرغم من مزاعم الصفويين بالنسب الهاشمي، فإن أحداً لم ينسبهم للعرب، إذ كانت سياستهم العامة شعوبية معادية للعرب وممجدة للفرس.المولد والنشأةولد إسماعيل الصفوي في (25 رجب 892 هـ/25 يوليو 1487م)، وعاش بعد وفاة أبيه في كنف «كاركيا ميرزا» حاكم «لاهيجان» الذي كان محباً للصفويين، وظل إسماعيل الصفوي خمس سنوات تحت سمع هذا الحاكم وبصره، حتى شبّ قوياً محباً للفروسية والقتال، قادراً على القيادة والإدارة.وفي أثناء هذه الفترة كانت الدولة تعيش فترة صراعات بين أفراد أسرة آق قويونلو التي كانت تحكم فارس آنذاك، وهو ما استغله أنصار الصفويين، وأمّروا عليهم إسماعيل الصفوي، وكان صغيراً لم يتجاوز الـ14 من عمره، لكنه كان مهيئاً للقيادة والزعامة بفضل الرعاية التي أحاطه بها حاكم لاهيجان.تمكن إسماعيل الصفوي وأنصاره من خوض عدة معارك ضد حكام بعض المناطق في إيران والتغلب عليهم، وتساقطت في يده كثير من المدن الإيرانية، وتوج جهوده بالاستيلاء على مدينة «تبريز» عاصمة آق قويونلو، ودخلها دخول الفاتحين، ثم أعلنها عاصمة لدولته.وقد استطاع إسماعيل الصفوي أن يدخل مدينة تبريز وينتصر على أهلها في عام 906هـ ، ويعلن قيام دولة جديدة سميت بالدولة الصفوية نسبة إلى جدّه الأكبر، فكانت هذه الدولة أول دولة شيعية إمامية تقوم بصبغة رسمية، وتبسط نفوذها على سائر الأراضي الإيرانية وبعد عام 906هـ ، يعتبر بداية حقيقية لقيام الدولة الصفوية الشيعية ، فقد جلس إسماعيل الصفوي على العرش في مدينة تبريز ، واتخذ لقب الشاه أي الملك كما اتخذ هذه المدينة عاصمة لدولة الصفويين الشيعية.أول عمل قام به إسماعيل الصفوي أن أعلن المذهب الشيعي الإمامي مذهباً رسمياً للدولة الصفوية في عام 907هـ لعموم إيران، وفعل كل ما في وسعه من قبل وتذبيح يفوق الوصف من أجل تنفيذ هذه الرغبة، ومن أسوأ ما قام به في أثناء حكمه أن أرسل مجموعة من المشاغبين ليدوروا بين الأحياء والأزقة، يقوموا بشتم الخفاء الراشدين، ولقد أطلق على تلك المجاميع اسم (برائت جويان ) المتبرئون من الخلفاء الراشدين، وعندما يقوم أولئك بشتم أبي بكر وعمر وعثمان وينبغي على كل سامع أن يردد العبارة التالية زد ولا تنقص أما الذي يمتنع عن تزداد العبارة، فيقومون بتقطيعه بما يملكون من سيوف وحرب ولم يكن أمام أهل فارس من جراء هذه الأعمال التعسفية إلا الهروب بدينهم، أو قبول مذهب التشيع مكرهين.وأدت أفعال الشاه إسماعيل هذه إلى غضب الخليفة العثماني السلطان سليم الأول الذي قاد نشوب الحرب بين الدولة العثمانية والدولة الصفوية، وفي النهاية تمكن السلطان سليم الأول من فتح مدينة تبريز، ولكنه بعد أن خرج منها سقطت مرة أخرى بأيدي الصفويين الذين قاموا الفور بارتكاب مجازر جماعية مروعة اقتلعت أهل السنة في تلك المدينة تماماً، وأصبحت تبريز مدينة شيعية بالكامل، حيث إنه قتل في يوم واحد 140 ألفاً من أهل السنة والجماعة.استقبل الناس هذا القرار بعدم رضا، حتى إن علماء الشيعة أنفسهم ذهبوا إلى الشاه إسماعيل وقالوا له: «إن ثلاثة أرباع سكان تبريز من السنة، ولا يدرون شيئاً عن المذهب الشيعي، ونخشى أن يقولوا: لا نريد مُلك الشيعة»، لكن إسماعيل لم يهتم باعتراضهم، وأمر الخطباء والمؤذنين أن يتلوا تشهد الشيعة (أشهد أن علياً ولي الله، حي على خير العمل) في الأذان.استسلم الناس لهذا الجبر في فرض مذهب الشيعة عليهم، ما عدا بعضهم الذين لقوا حتفهم على يد إسماعيل الذي تمكن من فرض المذهب الشيعي بحد السيف، بالإضافة إلى سعيه لإنشاء عدد من المدارس لتدريس المذهب ونشره بين الناس.الصفوي في مواجهة الأوزبكبعد أن فرغ إسماعيل الصفوي من القضاء على منافسيه المتفرقين في مختلف أنحاء إيران، بدأ يوجه همه إلى تدعيم الوحدة السياسية لدولته، ويعد العدة ليضع يده على كل بلاد فارس، وكان لا بد من الاصطدام بقبائل الأوزبك التي كانت تموج في المناطق الشمالية الشرقية من فارس.كانت قبائل الأوزبك تعتنق المذهب السني، وتحت زعامة محمد شيباني الذي نجح في أن يقيم ملكاً على حساب الدولة التيمورية، وأن يستولى على عاصمتها «سمرقند» وأن يمد سيطرته على «هراة» في مطلع سنة (913هـ = 1507م). وهكذا أصبح الأوزبك وجهاً لوجه أمام إسماعيل الصفوي، وزاد من الصراع بينهما التراشق المذهبي بينهما، وبلغ من اعتداد محمد شيباني أن أرسل إلى إسماعيل الصفوي يدعوه إلى ترك المذهب الشيعي والعودة إلى مذهب السنة والجماعة، ويهدده بحرب ضروس في قلب إيران ذاتها، وبهذا أصبح لا مفر من الحرب بينهما.كان شيباني يتصف بالجرأة والإقدام، لكنه لم يكن على مستوى عدوه إسماعيل الصفوي في المراوغة والخداع في الحروب، فاستغل إسماعيل ذلك، وجرَّ خصمه إلى معركة كان قد استعد لها تماماً، وتمكن من إلحاق هزيمة مدوية به في «محمود آباد» -وهي قرية تبعد قليلاً عن مرو- وذلك في سنة (916هـ= 1510م).استشهد شيباني نفسه في المعركة، وبعد استشهاده أعمل إسماعيل الصفوي القتل في أهل مرو، وأمضى فصل الشتاء في هراة، وأعلن فيها المذهب الشيعي مذهباً رسمياً، على الرغم من أن أهالي هذه المناطق كانت تدين بالمذهب السني.السقوط في جالديراناتسمت العلاقات بين الدولة الصفوية الناشئة والعثمانيين بالهدوء، وساعد على ذلك أن السلطان بايزيد الثاني الذي تولى بعد محمد الفاتح كان رجلاً يحب السلام ويحب الأدب والفلسفة، ويميل إلى دعم العلاقات العثمانية الصفوية، لكنه حين علم أن إسماعيل الصفوي يتمادى في إلحاق الأذى بالسنة، مما جعلهم يهربون إلى الأراضي العثمانية كتب إليه أن يلتزم بالعقل والحكمة في معاملتهم.ومع تولي السلطان سليم الأول مقاليد الحكم في العثمانية ازداد التوتر بين الدولتين، وكان سليم الأول ينظر بعين الارتياب إلى تحركات الصفويين، ويخشى من تنامي قوتهم وتهديدهم لدولته؛ فعزم على مهاجمة خصمه وتسديد ضربة قوية قبل أن يستعد للنزال.جمع السلطان سليم الأول رجال الحرب والعلماء والوزراء في مدينة أدرنة في (19 من المحرم 920هـ= 16 من شهر مارس 1514م)، وذكر لهم خطورة إسماعيل الصفوي وحكومته الشيعية في إيران، وأنه اعتدى على حدود الدولة العثمانية، وأنه فصل بدولته الشيعية المسلمين السنيين في وسط آسيا والهند وأفغانستان عن إخوانهم في تركيا والعراق ومصر.ولم يجد السلطان العثماني صعوبة في إقناع الحاضرين بضرورة محاربة الصفويين؛ لأنهم صاروا خطراً داهماً يهدد وجود العثمانيين، وخرج بعد 3 أيام من هذا الاجتماع على رأس جيش كبير متجهاً إلى إيران، ولم ينس وهو في طريقه أن يكتب إلى «عبيد الله خان» قائد الأوزبك يذكره بقتل عمه شيباني، ويحثه على الانتقام من إسماعيل الصفوي، ومهاجمة خراسان بمجرد وصول الجيش العثماني إلى إيران، وكان هدف سليم من ذلك أن يجعل إيران بين شقي الرحى من الغرب بهجومه، ومن الشرق بهجوم عبيد الله خان على خراسان.حين علم إسماعيل الصفوي بقدوم القوات العثمانية -وكان مشغولاً بإخراج الأوزبك من خراسان- عمل على تعطيل وصولها، فأمر بتخريب الطرق والقرى الواقعة في طريق الجيش العثماني؛ الأمر الذي أخّر وصول العثمانيين وأنهك قواهم، لكن ذلك لم يمنعهم من مواصلة السير إلى إيران، والإقامة في «سيواس» انتظاراً للمعركة الحاسمة.لم يبد إسماعيل الصفوي حماساً للمعركة، وحاول أن يتجنب ملاقاة العثمانيين باستدراج الجيش العثماني إلى داخل إيران، ليقطع خطوط الإمدادات عليه، لكن سليم الأول كان منتبهاً لما يدور في ذهن خصمه، فعزم على الإسراع في لقاء الصفويين، وخاصة بعد أن بدأ التذمر يشق طريقه إلى جنود العثمانيين من طول الانتظار وكثرة الانتقال من مكان إلى آخر.التقى الفريقان في صحراء جالديران في شرق الأناضول في (2 رجب سنة 920هـ = 24 من أغسطس 1514م) وانتهت المعركة بهزيمة إسماعيل الصفوي هزيمة نكراء، وفراره من أرض المعركة إلى أذربيجان، ووقوع كثير من قواده في الأسر.وفي (14 من شهر رجب 920هـ= 5 من سبتمبر 1514هـ) دخل سليم الأول مدينة تبريز عاصمة الصفويين واستولى على أموال إسماعيل الصفوي وبعث بها إلى إستانبول، ثم قفل راجعاً إلى بلاده، مكتفياً بهذا النصر الكبير، غير راغب في اقتفاء أثر إسماعيل الصفوي والتوغل في بلاده.ما بعد السقوطوعلى الرغم من الهزيمة المدوية التي لحقت بإسماعيل الصفوي، فإنها لم تحسم الصراع لصالح العثمانيين، وظل كل طرف يتربص بالآخر وينتهز الفرصة للانقضاض عليه، ونظراً لفداحة خسائر الصفويين؛ فقد حاول إسماعيل الصفوي أن يبرم صلحاً مع السلطان سليم الأول، لكن محاولته لم تلق قبولاً لدى السلطان العثماني.وترتب على انتصار سليم الأول أن نهض رؤساء كردستان -وهم من الشافعية السنة- لمساندة العثمانيين. فلم يمض وقت طويل حتى انضمت 25 مدينة للحكم العثماني، على الرغم من الاستحكامات العسكرية التي أقامها الصفويون بها. فتوسع العثمانيون وضموا إليهم ديار بكر وسائر مدن كردستان حتى أصبح الجزء الأكبر من أراضي الأكراد في يد العثمانيين، وأصبح الإيرانيون وجهاً لوجه أمام العثمانيين، وبات من الصعب على الصفويين التوسع على حساب العثمانيينآثار السقوط والهزيمةتركت الهزيمة التي لقيها إسماعيل الصفوي آثاراً قاسية في نفسه، ولم يكن قد لحقت به هزيمة قبل ذلك؛ فانصرف إلى العزلة، وغلب عليه اليأس، وارتدى لباساً أسود اللون، ووضع على رأسه عمامة، وكتب على أعلامه السوداء كلمة «القصاص»، وانصرف إلى معاقرة الخمر حتى أدمنها، وشغل نفسه بالتفكير في طريقة الانتقام من غريمه سليم الأول، إلا أن المنية عاجلت سليم الأول سنة (926 هـ = 1520م) وهو في طريقه لغزو إيران مرة أخرى.شجعت وفاة سليم الأول المفاجئة إسماعيل الصفوي على أن تستحكم منه الرغبة في الانتقام من العثمانيين من جديد، غير أن الموت اغتال أمنياته؛ فمات متأثراً بالسل وعمره سبعة وثلاثين عاماً في (18 رجب 930 هـ= 31 مايو 1524م) على مقربة من أذربيجان، ودفن في أربيل إلى جوار أجداده، وخلفه في الحكم طهماسب الأول.وربما من المفيد هنا أن نقف على ما كتبه الدكتور علي شريعتي، حتي نستوضح حقيقة الصفويين من لسان شاهد من أهلها، يقول شريعتي في كتابه «التشيع العلوي والتشيع الصفوي»: (لقد تحوّل التشيّع بعد أن كان مضطهداً ولا يمارس أتباعه طقوسهم بحرية، بل وكانوا يتعرضون للقمع إذ ما مارسوها بشكل علني، إلى قوة كبرى بعد قيام الدولة الصفوية في العام 1501، حيث أصبح التشيّع مذهب الدولة ويمسك بزمام السلطة ليتحكم بالأجهزة الرسمية وغير الرسمية، وأصبح الحاكم الذي كان يقمع الشيعة ويلاحقهم ويقتلهم في الأمس، من أكبر المدافعين عن التشيّع والولاء لأهل البيت حتى إنه يفتخر باعتبار نفسه (كلباً للأمام رضا- «سگ إمام رضا)!!ويا له من انتصار كما يقول شريعتي، ويضع هذا الحاكم نفسه نعليه على رقبته ويقصد على قدميه للزيارة من أصفهان إلى مشهد حيث ضريح الإمام الثامن عند الشيعة.وهو نفس الحاكم الذي يشيّد مراقد أئمة أهل البيت بأبهى صورة حيث القبة من الذهب، والضريح من الفضة والمأذنة من السيراميك ... يا له من انتصار.إن الزيارة التي كانت حلماً عند الشيعي أصبحت مظهراً رسمياً تشجعه الدولة وتكرم فاعله كما لو كان قد حج بيت الله الحرام وربما أفضل من ذلك، يا له من انتصار. أما العلماء ورجال الدين فهم معززون مرفهون مكرمون يعيشون في ظروف جيدة للغاية ويجلسون جنباً إلى جنب السلطان على مقعده الوثير، وقد يستشيرهم في كثير من الأمور المتعلقة بمستقبل البلاد، بل إن السلطان لا يرى في نفسه القدرة والسلطة إلا بمقدار ما يخوّله رجل الدين بالنيابة عن الإمام صاحب الزمان، يا له من انتصار.انتهي الاقتباس..كلام مهم له معنى ومفيد وذو مغزى خصوصاً إذا ما كنا فعلاً نؤمن بالحقيقة.. الحقيقة التي جاءت على لسان أبرز المفكرين الإسلاميين الإيرانيين الشيعة في عقدي الستينات والسبعينات من القرن العشرين، والذي جاء من خارج دائرة الحوزة العلميّة؛ ألا وهو الدكتور علي شريعتي الذي شكل دون أدنى ريب أحد أهم محاور النهضة الدينية التي استقطبت الشباب الإيراني خاصة في الجامعات في الفترة التي سبقت انتصار الثورة الخمينية في عام 1979ومن المفيد أيضاً وقبل أن نختم حديثنا أن نستشهد بما قاله أحد المستشرقين: «لولا الصفويون في إيران لكنّا اليوم في فرنسا وبلجيكا وأوروبا نقرأ القرآن كالجزائريين».
970x90
970x90