خلال كلمة ألقاها بمناسبة افتتاح منتدى تحت عنوان «الفاطمية وفرص الدعوة»، في مركز «دين وانديشة» للثقافة، أعرب حجة الإسلام والمسلمين، الدكتور ناصر رفيعي، العضو البارز في «الهيئة العلمية لجامعة المصطفى العالمية»، والمختص وخبير في الشؤون الدينية والمذهبية في إيران، عن قلقه من انخفاض عدد سكان الشيعة وارتفاع عدد أهل السنة في هذا البلد، قائلاً: «إن علماء ومراجع التقليد الشيعية قلقون جداً من انخفاض عدد الشيعة وازدياد أهل السنة في إيران».
وقال رفيعي، إن نسبة عدد أهل السنة في إيران ترتفع بسرعة، وفي المقابل نسبة عدد الشيعة تنخفض، مشيراً إلى أن عدد تلاميذ المرحلة الابتدائية من أبناء السنة يعادل 50% من كل التلاميذ في إيران، ما يعني أن عددهم أصبح يعادل الشيعة».
وأضاف رفيعي: «في إحدى المدن في محافظة أذربيجان الإيرانية يفوق عدد أهل السنة عدد الشيعة، حيث أصبحت نسبة السنة 70%، والشيعة 30%، وهذا خطير جداً»، حسب قوله نقلاً عن وكالة «مهر» الإيرانية.
وعزا هذا الخبير ارتفاع عدد أهل السنة في إيران إلى تعدد الزوجات بينهم، وكثرة الإنجاب، وانخفاض عدد سكان إيران، والذي تشكل الشيعة غالبيته، حسب قوله.
وأضاف: «إن نسبة تعدد الزوجات في بعض مدن أهل السنة تصل إلى أربع زوجات للرجل، وعدد الأولاد إلى 40 ولداً في الأسرة الواحدة أحياناً».
وأكد هذا الخبير في كلمته أن علماء ومراجع التقليد الشيعية أعلنوا عن قلقهم الشديد إزاء هذا التغيير، وانخفاض عدد السكان في إيران، مؤكداً أن المراجع الشيعية في إيران حثت المواطنين على التزاوج وكثرة الإنجاب وازدياد المواليد».
وهذه ليست المرة الأولى التي يعلن المسؤولون الإيرانيون ومؤسساتهم الدينية عن قلقهم الشديد من ارتفاع عدد السنة في إيران. لقد نشر موقع «شيعة أونلاين» قبل سنة تقريراً أوضح فيه أنه خلال الـ20 عاماً القادمة ستصبح الشيعة في إيران أقلية مذهبية، في المقابل تتحول السنة إلى الأكثرية، تليها الأديان الأخرى مثل المسيحية والمجوسية.
التحريض على السنة
وكان آية الله مكارم شيرازي، الذي يعد من كبار علماء الشيعة وأحد أبرز أساتذة الحوزة العلمية الشيعية في مدينة قم، كان قد حذر من ارتفاع عدد أهل السنة في إيران، حيث أعلن عن قلقه الشديد علناً في مؤتمر «الإمام السجاد الدولي».
عندما قال «نرى اليوم أهل السنة يشترون الأراضي في أطراف مدينة مشهد (خراسان) كي يزداد عددهم». واستطرد في نفس المحاضرة قائلاً: «إن أي أحد ينفق ريالاً واحداً لترويج المذهب الشيعي فهو يساعد على استقرار وأمن إيران».
وكان هذا المرجع الشيعي هاجم من أسماهم أهل العقيدة «الوهابية»، وهي عبارة تطلقها إيران على كل من يتحول من المذهب الشيعي إلى المذهب السني، قائلاً: دعيت المسؤولين إلى تشكيل أحزاب ومجموعات للتصدي لهذه النشاطات (التحول لمذهب السنة)، ولا توجد أي محدودية لمن يقوم بمنعهم، ونحن طليقو الأيدي في هذا المجال.
وخلافاً لما قاله خبير الجمهورية الإسلامية من أسباب ارتفاع عدد السنة وانخفاض عدد الشيعة، فإن بعض الخبراء يرون أن ارتفاع عدد السنة في إيران هو نتيجة الوعي الجماهيري والشعوب في إيران بالدين والمذهب والانتشار الواسع لوسائل الإعلام والإنترنيت، وأداء الحكومة الإيرانية وتبنيها المذهب الشيعي أساء لها من خلال تصرفاتها وسلوكها واستخدامه ورقة سياسية جعلته يتقهقر في إيران، خاصة في المناطق والمحافظات التي تغطيها قوميات غير فارسية، ودمج المذهب الشيعي بالتطلعات الفارسية، وطموح صنع إمبراطورية شيعية فارسية من قبل حكام طهران، واختزال هذا المذهب في أصل ولاية الفقيه جعل الكثير من الذين كانوا ينتمون له أن يهربوا ويتحولوا إلى مذهب أهل السنة أو إلى الأديان الأخرى غير الإسلام.
السنة في إيران
يذكر أن الأغلبية في إيران كانت من أهل السنة قبل حكم السلالة الصفوية منذ حوالي 500 سنة، ولكن تحولت بالقوة والقتل والبطش إلى التشيع، وبقيت الأقاليم التي عصت على دخول جنود الصفويين مثل كردىستان وبلوشستان سنية إلى يومنا هذا.
أقاليم بلوشستان وكردستان وجلستان (ذات أغلبية تركمانية) وأجزاء كبيرة من إقليمي الساحلي وبوشهر تسكنها أغلبية سنية، كما يشهد إقليم الأهواز أو عربستان، الذي تطلق عليه إيران مسمى خوزستان، تحولاً مطّرداً إلى المذهب السني بين الشيعة العرب الذين كانوا يشكلون الأغلبية في هذا الإقليم. وتفيد بعض التقارير بأنه على الرغم من قلة الموارد الاقتصادية واستمرار العقوبات وتفشي البطالة، فإن الإحصائيات تظهر ارتفاع نسبة السنة في البلاد، ما دفع السلطات الإيرانية إلى ترويج زيادة الولادة وإلغاء خطة تحديد النسل التي كانت تبنتها منذ عقود، خوفاً من فقدان الانسجام الطائفي.