يقال إن من يشرب من ماء النيل لا بد أن يعود لزيارة مصر، وفعلاً صدقت هذه المقولة بعد زيارتي الأولى منذ أيام برفقة بعض الأقارب، حيث وجدت أن بهذا البلد الكثير من معالم الجذب السياحي وفي مختلف الجوانب التراثية والترفيهية والطبيعية والتجارية وغيرها، كما إن الحياة والحركة فيها لا تستكين على مدار اليوم وتجد فيها كل ما يخطر على بالك ويناسب اهتماماتك وهواياتك، رغم الازدحام الشديد والذي يعتبر من أشد الازدحامات في العالم والتلوث الذي تخلفه السيارات إلا أنها تجربة تستحق الإشادة، وإن من أهم الأمور أن تكون قد حجزت إحدى الفنادق المشهورة في القاهرة بعيداً عن استئجار الشقق المفروشة، وذلك لأنها ليست سوى أوكار لسلب السائح أمواله وراحته عبر توقيعه لعقود وهمية أو ذات بنود ليست في صالح السائح.
ومن بين أهم الأماكن التي ننصح بها للسكن هي الفنادق التي على ضفاف النيل أو في منطقة المهندسين، والتي تكون في مفترق الطرق إلى العديد من الأماكن السياحية كالمتحف المصري، منطقة الحسين، الأزهر الشريف، سوق خان الخليلي، ميدان التحرير، الأهرامات وأبو الهول، سوق وسط البلد وغيرها الكثير، وكل هذه المناطق يطلق عليها مصر القديمة إذ إنها تعود إلى سنوات عريقة من التاريخ، بينما تجد المجمعات التجارية الحديثة والكبيرة في منطقة مصر الجديدة أو مدينة نصر مثل (سيتي ستار) على بعد أقل من ساعة عن مصر القديمة، ويفضل أن تقوموا بالاتفاق مع سائق تاكسي أمين يكون مرافقاً لكم من الصباح وحتى المساء، وبأجرة لا تتعدى (300) جنيه يومياً ما يعادل (14) ديناراً بحرينياً دون الحاجة إلى البحث عن سيارات أجرة أخرى في كل مرة، وكان صاحبنا في هذه الجولات (مهدي) مقيم عراقي له خبرة 10 سنوات في مصر.
كان دخولنا إلى القاهرة على مقربة من نهر النيل ونحن نرى المراكب التي تسير في النهر، فلك أن تخصص هذه الجولة لتناول وجبة الغداء ولا تفتك تجربة السمك النهري المشوي، وبعدها تستطيع أن تذهب إلى منطقة الحسين الحيوية حيث المقاهي العريقة أو مطاعم الكباب والكفتة، إضافةً إلى جولة تسوق في خان الخليلي أو سوق وسط البلد القريب اللذين يحتويان على المنتجات المحلية المصرية، ولعل أهمها منتجات القطن المصري ذات الجودة العالية أو التحف التذكارية أو الحلويات اللذيذة مثل البسبوسة، علماً بأن مثل هذه الأحياء الشعبية تكون مفتوحة إلى ساعات الصباح الأولى وبعضها لا يغلق، كما لا يفتك التجوال مشياً بشارع المعز في نفس المنطقة حيث ترى المباني الأثرية والتي تعود إلى حقبة الدولة العثمانية وكأنك تجول في زمن غير الوقت الحالي.
عليك أخي القارئ أن تخصص صباح أحد الأيام إلى زيارة مصر الفرعونية ولتبدأها بمشاهدة أهرامات الجيزة التسعة من فوق الجمل، وثم مشاهدة أبو الهول ومتحف السفينة الفرعونية والتي تعود إلى أكثر من 5000 سنة، وأشد ما لفت إعجابي قلعة صلاح الدين الأيوبي ذلك الشاهد الإسلامي فقد شيدت على جبل لتكون حصناً لمصر ضد الأعداء وفي مكان يظهر مدينة القاهرة بشكل كامل وواضح، وصنفت من بين أحصن وأقوى القلاع الحربية في العالم وعجز عن اختراقها الجيوش ولها من المنعة أن تقاوم جيشين في مرة واحدة، لكن للأسف فإنه لا يوجد اهتمام كما يجب من المعنيين بالسياحة في هذه المنطقة الهامة.
بعد هذه الجولة، لا يسعني إلا أن أؤكد على مقولة إن «مصر أم الدنيا».

عبدالله الشاووش