كشف أستاذ الإعلام بكلية الآداب بجامعة البحرين د.عوض هاشم أن إدمان الإنترنت لدى الشباب البحريني يمثل مصدر خطر على صياغة القيم والثقافة وطرائق السلوك والتفكير الإنساني.
وأوصى د.هاشم، في سطور كتاب صدر حديثاً بالقاهرة وعرض بمعرض الكتاب الدولي بعنوان «بين الإعلام والتربية» بضرورة القيام بحملات توعية وتنويه بإيجابياته وسلبياته منعاً للدخول في دائرة إدمانه والتأثر بمخاطره.
وتناول د.هاشم في صفحات الكتاب، الذي يقع في 280 صفحة وصدر عن دار الحكمة بالقاهرة، الاتجاهات الحديثة في الدراسات الإعلامية وتطبيقاتها في حقول اجتماعية متنوعة في مجموعة من الدراسات والبحوث العلمية التي نشر معظمها في مجلات علمية محكمة.
واقترح د.هاشم البحث ضرورة التوجه العلاجي لظاهرة إدمان الإنترنت لدى الشباب من خلال فهم المعالجين النفسيين لأبعاد هذه الظاهرة وآثارها السلبية على القيم والسلوك والصحة النفسية، لافتاً إلى ضرورة تصميم برامج علاجية يقوم بها المرشدون النفسيون من خلال استخدام التقنيات الملائمة للشباب كلعب الأدوار Role-Playing بحيث يتم تنمية التواصل والخروج التدريجي إلى عالم الواقع الحقيقي بخبراته ووقائعه وتقدير مواقف الحياة الطبيعية بصورة سليمة.
كما أكد ضرورة توفير الإرشاد النفسي اللازم للشباب وذلك لرفع مقدرتهم على التحكم في ضبط النفس، ويشمل ذلك مراعاة التحكم في المتغيرات النفسية والاجتماعية ذات العلاقة بالإدمان كمستوى التعليم ومستوى الثقة بالنفس والاكتئاب والتفكك الأسري أو وجود مدمن داخل الأسرة، هذا إلى جانب الاختيار الدقيق لمجموعة الأقران.
وأشار إلى أهمية تصميم برامج إرشادية وتثقيفية لأهالي المدمنين الآباء والأمهات بحيث تركز البرامج على إحاطة الأبناء بالحب والحنان والمساعدة في حل المشكلات والانضمام إلى التربية الاجتماعية، وترشيد استخدام الإنترنت إلى جانب الاستعداد وتقبل طلب المعونة من ذوي الاختصاص عند اكتشاف حالة من حالات إدمان الإنترنت.
ويتكون الكتاب من بابين: الباب الأول يحتوي على أربعة فصول تضمن الفصل الأول منها دراسة بعنوان «الصورة الذهنية المدركة من وسائل الإعلام المرئية» أما الفصل الثاني من الباب الأول فتناول قضية «إدمان الإنترنت لدى الشباب» والكشف عن طبيعة العلاقة بين منظومة القيم النفسية وبين استشراء إدمان الإنترنت لدى الشباب الجامعي، أما الفصل الثالث فتناول قضية إعلامية ملحة من قضايا الإعلام العربي المعاصر وهي قضية التدريب الإعلامي في إطار ثورة المعلومات والطفرة في مجال التكنولوجيا الاتصالية والحرب الثقافية والإعلامية التي تستهدف الهوية الوطنية والعربية وذلك مع اقتراح استراتيجية تهدف إلى جعل التدريب الإعلامي رافعة لحل مشكلات الإعلام العربي المعاصر. أما الفصل الرابع في هذا الباب فقد استشرف مستقبل وسائل الاتصال الجماهيري ممثلاً في إحدى منصاته الهامة وهي الإذاعة الصوتية، وكذلك الصورة التي سيكون عليها المشهد الاتصالي في المستقبل لوسائط الإعلام الإلكتروني والإذاعة الصوتية والمرئية من خلال دراسة مستقبلية قدمت لأحد مؤتمرات الاتصال والإعلام في الجمهورية التونسية. أما الباب الثاني فيحتوي على مجموعة من الفصول التي تناولت قضايا تربوية ولسانية ذات علاقة بمجال الاتصال ومن ذلك دراسة عن التعبير الشفهي والوعي الفونولوجي في الفصل الأول، كما تناول الفصل الثاني دراسة عن مهارات التحدث والاستخدام الاجتماعي للغة. ويعد الكتاب مرجعاً للباحثين في مجال الاتصال والإعلام والتربية واللغة وذلك لما يطرحه من قضايا علمية هامة.
وفي دراسته حول الصورة الذهنية، قال د.هاشم إن الصورة العقلية التي تنشأ حول شخص أو مؤسسة أو شريحة اجتماعية معينة هي خليط من الخبرة المباشرة وغير المباشرة للفرد وكذلك حصيلة لمدركات بصرية ولغوية وثقافية، وهذا الخليط هو الصورة التي تشير إلى التقديم العقلي لأي شيء لا يمكن تقديمه للحواس بشكل مباشر، كما إن هذه الصورة هي إحياء أو محاكاة لتجربة حسية ارتبطت بمشاعر وعواطف معينة، كما قد تكون الصورة الذهنية استرجاعاً مباشراً، أو تخيلاً لما أدركته الحواس من قبل، فالصورة الذهنية هي الخريطة التي يستطيع بها الإنسان أن يدرك ويفهم ويفسر الأشياء فهي الفكرة التي يكونها الفرد عن موضوع ما وما يترتب على ذلك من سلوك، وعادة ما تبنى هذه الفكرة على الإيحاء المركز والمنظم كي يتشكل عن طريقها سلوك الفرد، وقد رصد الباحث نشأة هذه الصورة الذهنية في النمو المعرفي للفرد منذ مرحلة الطفولة المبكرة حيث يعد جان بياجيه Piaget أحد علماء النفس القلائل الذين كرسوا جهودهم لدراسة النمو العقلي وخاصة فيما يتعلق بالإدراك والدافعية والقيم في إطار تقسيم مرحلي نمائي وعلاقته بالمؤثرات الاجتماعية.
أما دراسة التدريب الإعلامي وضرورته، فخلص د.هاشم إلى مجموعة من النتائج الهامة، ومنها: تشير نتائج الدراسة إلى عدم كفاية التدريب الحالي لمجتمع البحث والحاجة الماسة إلى تفعيله من خلال تبني استراتيجية واضحة يمكن تحقيقها من خلال مجموعة من الخطط المرحلية والمستمرة، وتعكس نتائج الدراسة أن التدريب بصورته الراهنة وبأنواعه المختلفة، يعاني من انعدام التخطيط وفقر التمويل، وقصور من مواكبته للتطورات الحديثة في تنمية الموارد البشرية وهو ما يفرض النظر بجدية إلى التدريب من منظور جديد ومتطور من أجل تفعيله، وتشير النتائج إلى عدم رصد الاحتياجات التدريبية الفعلية لدى مجتمع البحث، وهو ما أدى في المرحلة السابقة إلى «عشوائية» التدريب، حيث تعتبر معرفة هذه الاحتياجات هي المؤشر الذي يتم توجيه التدريب الإعلامي على أساسه، والغياب شبه الكامل للتدريب الداخلي، وعدم تدريب طواقم تدريبية محلية قادرة على نقل الخبرة من جيل إلى جيل، قد أدى ذلك الاعتماد الكامل على التدريب الخارجي ومعظمه يتم في دورات قصيرة لا تحقق الأهداف المرجوة نظراً لتكلفتها من ناحية، وانقطاع الموظف الكامل عن عمله من ناحية أخرى، على عكس التدريب الداخلي الأقل كلفة، والذي يتم أثناء العمل «في أوقات مناسبة»، وتشير نتائج الدراسة إلى رغبة مجتمع البحث في إنشاء مركز تدريبي متخصص للإعلام والتطوير الإعلامي تكون مهمته الأساسية تنمية الموارد البشرية الإعلامية على أسس علمية احترافية، بحيث يسعى المركز من خلال التدريب في الدرجة الأولى إلى الاكتفاء الذاتي من الوظائف المهنية المختلفة، ومتابعة التدريب بأنواعه المختلفة ضمن خطط مستمرة ومتطورة، كما تشير النتائج إلى ضرورة ربط التدريب بالتعزيز والتقويم لكفاءة الموظفين من أجل تشجيعهم على التطور الذاتي، وأن يتم ذلك ضمن إصلاح هيكلي يتم فيه استثمار الطاقات جميعاً دون تهميش أو تجميد.
وفي دراسته عن «مستقبل الإذاعة والتلفزيون ودورهما في ظل تطور المشهد الإعلامي»، ذكر د.هاشم إنه يفترض أن يدرك الإذاعيون الآثار التي تحدثها حاليًا طفرة التكنولوجيا الرقمية من تحولات جذرية على البنى الثقافية والاجتماعية والاقتصادية، وازدياد امتلاك الجمهور لأدوات السلطة «اللامادية» التي تتيح له استخدام وسائل الإعلام بصورة جديدة تختلف عما كان مطروحاً في النظريات التقليدية للتأثير الإعلامي، كما إن دراسات الجمهور التي ظلت دهراً طويلاً من القرن الماضي تذهب في حيز كبير منها إلى حتمية الآثار التي تخلفها الرسائل الإعلامية على المتلقي، تنازلت كثيراً في نهاية الأمر إلى نتيجة مؤداها أن السلطة الحقيقية باتت في يد الجمهور سواء كان ذلك على مستوى الانتقاء أو الاختيار أو على مستوى المعاني الدلالية التي يستنبطها المتلقي من الرسائل التي يصممها الإذاعي، لقد أصبح الجمهور هو الذي يختار ويقول ويفسر، فبحوث الجمهور الجديد تذهب في أطرها ونماذجها الجديدة إلى أن استخدام وسائل الإعلام يتوقف على الفروق الفردية النفسية والاجتماعية لدى كل فرد واستخدامات الجمهور للوسيلة الإعلامية، وهي رؤية تنفي مفهوم «الحشد الجامد» أو الجمهور السلبي الذي يتلقى الرسالة من دون جهد، وأن الجمهور الجديد يتميز بالنشاط والتفاعل وأن عملية التلقي هي نشاط إيجابي يخضع لخصائص ذاتية ونفسية واجتماعية لكل فرد من أفراد هذا الجمهور.
970x90
970x90