حسن الستري
يناقش مجلس النواب في جلسته المقبلة تقرير اللجنة المالية بشأن مشروع قانون الرسوم القضائية، بعدما تراجعت اللجنة عن قرارها السابق في أن الإعفاء يكون بيد القضاء، وخولت وزير العدل إصدار الرسوم بعد موافقة مجلس الوزراء على أن لا تتجاوز 3% ولا تقل عن 1%، وخولت الوزير أو من يخوله الإعفاء والتأجيل عن المعسرين.
وتجدر الإشارة إلى أن مشروع القانون المذكور قد أُحيل للجنة السابقة خلال دور الانعقاد السنوي العادي الرابع من الفصل التشريعي الثالث، وقد وافق مجلس النواب على التمسك به خلال دور الانعقاد السنوي العادي الأول من الفصل التشريعي الرابع، وتمت إحالته للجنة مجدداً، كما أدرج على جدول أعمال المجلس الشهر الماضي، وقرر المجلس إعادته للجنة لمزيد من الدراسة.
وعدلت اللجنة المالية المادة العاشرة من القانون، التي كانت تجيز لوزير العدل تأجيل أو إعفاء الرسوم القضائية كلها أو بعضها لمن يثبت عجزه، لتكون «تحدد فئات الرسم وتعدل بقرار من وزير العدل بعد موافقة مجلس الوزراء بما لا يجاوز 3% ولا يقل عن 1% من قيمة المطالبات المالية، وفي كل الأحوال لا يجوز أن تتجاوز قيمة الرسم مائتي ألف دينار كحد أقصى. ويجوز لوزير العدل أو من يفوضه أن يؤجل أو يعفي من الرسوم القضائية كلها أو بعضها من يثبت عجزه عن دفعها».
وكانت لجنة الشؤون التشريعية والقانونية بالمجلس أكدت سلامة مشروع القانون من الناحية الدستورية.
وبينت الحكومة أنه نظراً لما تمليه اعتبارات ضرورة مواكبة ما يستجد من تطورات في الواقع العملي بمرونة ويسر، فإن الأمر يقتضي الإبقاء على إمكانية تعديل الرسوم القضائية من قبل السلطة التنفيذية بعد إضافة ضابط آخر لهذه السلطة إلى جانب موافقة مجلس الوزراء على التعديل، بوضع حد أقصى لهذه التعديلات، بما يضمن تقييد السلطة التنفيذية بحدود قصوى لا يجوز لها بأي حال أن تتجاوزها، الأمر الذي تضحى معه يد السلطة التنفيذية في تعديل الرسوم القضائية غير مطلقة، بل مقيدة بموافقة مجلس الوزراء أولاً، وبحد أقصى لا يمكنها بحال من الأحـــوال تجاوزه ثانياً.
وذكرت الحكومة أن المحكمة الدستورية لم تجعل أمر تنظيم الرسوم ذات الصلة بالحقوق والحريات، والتي من بينها الرسوم القضائية، حصراً على المشرع ولم تمنع التفويض فيها مطلقاً، وإنما جعلت إنشاء هذه الرسوم وتحديد نسبها القصوى من اختصاص المشرع، وأوضحت المحكمة بجلاء في حكمها المشار إليه أن للمشرع أن يفوض السلطة التنفيذية بعد ذلك في استكمال ما نقص من جوانب تلك الرسوم أو ما يستجد بشأنها على ضوء الواقع العملي المتغير.
وأكدت وزارة العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف أن تفويض السلطة التنفيذية لاستكمال ما نقص من جوانب تلك الرسوم أو ما يستجد بشأنها على ضوء الواقع العملي، بناء على كونها الأقدر في معرفة التفاصيل اللازمة لوضع القوانين موضع التنفيذ ومتطلباته، فضلاً عن كون الغالب في هذه الأمور والأحكام التفصيلية أن تكون عرضة للتغيير والتبديل، وعليه فإن مواجهة هذه التغييرات بتعديل القرار الذي تصدر السلطة التنفيذية أكثر سهولة ويسراً من تعديل القانون.
وبين وزير العدل والشؤون الإسلامية والأوقاف الشيخ خالد بن علي آل خليفة أن الوزارة تقترح الإبقاء على سلطة تعديل الرسوم القضائية في يدها بحيث لا يتجاوز نسبة 5% فقط، مساواة برسوم غرفة البحرين لتسوية المنازعات المالية والاقتصادية، مع جعل سلطة للوزير المختص في تخفيض الرسوم أو إلغائها، كما تقترح اعتماد الصياغة الآتية «وتحدد فئات الرسم وتعدل بقرار من الوزير بعد قرار مجلس الوزراء بما لا يجاوز 5% من قيمة المطالبة ويجوز بقرار من الوزير تأجيل سداد الرسم والإعفاء منه كلياً أو جزئياً، وفي كل الأحوال لا يجوز أن تتجاوز قيمة الرسم 200 ألف دينار كحد أقصى».
ويتألف مشروع تعديل أحكام المرسوم بقانون رقم «3» لسنة 1972 بشأن الرسوم القضائية، من مادتين، تضمنت أولاهما تغيير عبارة عنوان الباب الثالث: «تعديل الرسوم القضائية والإعفاء منها» إلى «تأجيل الرسوم القضائية والإعفاء منها»، كما يستبدل بنص المادة «10» من المرسوم بقانون المشار إليه نصاً تقتصر بمقتضاه سلطة وزير العدل على جواز إصدار قرار التأجيل أو الإعفاء من الرسوم القضائية كلها أو بعضها لمن يثبت عجزه عن دفعها، أي: دون التدخل في تحديدها.
ويهدف المشروع لتفعيل حق التقاضي المنصوص عليه في المادة «20/و» من دستور البحرين، وعدم إطلاق يد السلطة التنفيذية في تعديل الرسوم القضائية، والتزامها بالجدول المرافق للمرسوم بقانون المشار إليه أعلاه، حتى لا يثقل كاهل المتقاضي بما لا يطيقه لدى ممارسته لحق كفله له الدستور، وتطبيق ما انتهت إليه المحكمة الدستورية في حكمها الصادر بتاريخ 24 أبريل 2013 في الدعوى رقم «د/3/2011» من أن تنظيم الرسوم المتعلقة بالحقوق التي كفلها الدستور تحت الباب الثالث منه يكون من اختصاص المُشرع حصراً، فهو الذي ينشئها ويحدد نسبتها وتخومها، فلا يجوز تفويض السلطة التنفيذية فيها مطلقاً.