حسن الستري


رفضت لجنة الشؤون المالية والاقتصادية المرسوم بقانون رقم «28» لسنة 2015م تعديل بعض أحكام قانون الشركات التجارية الصادر بالمرسوم بقانون رقم «21» لسنة 2001.
ويتألف المرسوم بقانون من ثلاث مواد، حيث تم استبدال بعض نصوص مواد قانون الشركات التجارية الصادر بالمرسوم بقانون رقم «21» لسنة 2001م بنصوص أخرى بموجب المادة الأولى، أما المادة الثانية فقد جاءت لتضيف مواداً جديدة للقانون المذكور، أما المادة الثالثة فهي تنفيذية.
ويهدف المرسوم لوضع نظام لتسجيل الشركات الساكنة، والسماح للأجانب بتأسيس شركات مملوكة لهم بالكامل ومزاولة الأنشطة التجارية التي كانت تقتصر على البحرينيين، وتقليل عدد الإجراءات اللازمة لتأسيس الشركات.
وقد رفعت اللجنة تقريرها بشأن المرسوم بقانون لمجلس النواب، إلا أن المجلس قرر في جلسته بتاريخ 22 ديسمبر 2015م إعادة التقرير للجنة لمدة أسبوعين، وذلك لمزيد من الدراسة.
وبررت اللجنة رفضها المرسوم بوجود شبهة عدم دستورية المرسوم بقانون، وذلك لعدم وجود مبررات الاستعجال المنصوص عليها في نص المادة «38» من الدستور، كما إن المادة «18 مكرراً 1» قررت جواز أن يكون الشريك شريكًا في أكثر من شركة دون أن يتدخل في إدارة أكثر من شركة واحدة ما لم ينص عقدها أو نظامها الأساسي على خلاف ذلك؛ ويلاحظ عليها أنها وُضِعت هذه المادة في الباب الأول «أحكام عامة»، الأمر الذي يجعل حكمها يطبق على كافة الشركات سواء المتنافسة منها أو غير المتنافسة، مما ينتج عنه وجود مشاكل عملية خطيرة خاصة «فيما يتعلق بالشركات القائمة بالفعل ومنها شركات الأشخاص» التي ينطبق عليها حكم هذه المادة، إضافة الى أن هذه المادة تنال من الحق في إدارة الشخص لأمواله، خاصة أنها جعلت الأصل حظر تدخل الشريك في إدارة أكثر من شركة ما لم ينص عقدها أو نظامها الأساسي على خلاف ذلك.
ومن مبررات اللجنة لرفض المرسوم عدم وجود معايير واضحة فيما يخص البندين «ب، ج» من المادة «345»، الأمر الذي قد يؤدي إلى إصدار قرارات تنفيذًا لهما تسمح للشركات ذات رأس المال الأجنبي بمزاولة أنشطة يتعين اقتصار مزاولتها على المواطنين البحرينيين، وبالفعل وتطبيقًا لذلك أصدر صاحب السمو الملكي رئيس مجلس الوزراء قراراته أرقام «1، 2، 3» لسنة 2016 بالسماح للشركات ذات رأس المال الأجنبي بمزاولة نشاط إعادة التصدير والخدمات اللوجستية ذات القيمة المضافة، نشاط التغليف، وأنشطة وكلاء الشحن الجوي والبري والبحري على الترتيب، كما إن المرسوم أعفى في الفقرة «د» من المادة «345» الشركات ذات رأس المال الأجنبي من الحد الأدنى لرأس المال المقرر قانونًا؛ ولم يشترط – حتى - أن يكون كافياً لتحقيق أغراض هذه الشركات؛ الأمر الذي يعطي أفضلية للشركات ذات رأس المال الأجنبي على الشركات البحرينية ذات الرأس المال الوطني، إضافة لعدم وجود تنظيم واضح لتحديد نوعية ونشاط الشركات الساكنة المنصوص عليها في المادة «345 مكرراً»؛ الأمر الذي قد يؤثر على الاقتصاد الوطني بشكل عام.
وانتهى رأي لجنة الشؤون التشريعية والقانونية إلى وجود شبهة عدم دستورية المرسوم بقانون، وذلك لعدم وجود مبررات الاستعجال المنصوص عليها في نص المادة «38» من الدستور وهذا من الناحية الشكلية، أما من الناحية الموضوعية فالمرسوم بقانون يتعارض مع نص المادة «31» من الدستور والتي تمنع المساس بجوهر الحق والحرية حيث إن المرسوم بقانون يحظر على عضو مجلس إدارة الشركة أن يكون عضواً في مجلس إدارة شركة أخرى، مما قد ينال من الحق في إدارة أمواله، ورأس المال الأجنبي المنصوص عليه في المرسوم بقانون يتعارض مع نص المادة «10/أ» من الدستور.
ورأت وزارة الصناعة والتجارة أن مبررات الاستعجال في التعامل مع الظروف المالية الراهنة واستكمالاً للبنية التشريعية والاقتصادية في المملكة بما يكفل تعزيز المناخ الاقتصادي السليم، اضافة لقيام شركة «LG» الكورية والتي تعاقدت معها الحكومة باستكمال الأعمال النهائية الخاصة بإعداد نظام التراخيص التجارية «BLIS» الذي تم تدشينه في مايو 2015م والذي يعتبر من المشروعات الوطنية الاقتصادية التي تخدم قطاع التجار والمستثمرين وتساهم في رقي الميزان التجاري، ولذلك صدر المرسوم بقانون بشكل عاجل لتتمكن الشركة من استكمال الأمور التقنية والبرمجة المطلوبة قبل مغادرتها مملكة البحرين.
ومن مبررات الاستعجال كما ذكرتها الوزارة؛ الإسراع في اتخاذ التدابير التشريعية حفاظاً على المصلحة العامة في ظل المنافسة الشديدة والمؤثرة في توطين الرساميل المحلية واستقطاب الاستثمارات الأجنبية في الدول المجاورة وذلك لجعل البحرين الخيار الأفضل للمستثمرين خصوصاً في ظل الأوضاع الاقتصادية الراهنة ونزول قيمة سعر النفط الخام إلى معدلات ضئيلة، والارتقاء بالقطاع التجاري، فهو قطاع حيوي وهام من قطاعات الدولة، مما سيساهم في زيادة التنمية الرخاء للمواطنين ونمو الإيرادات وتحسين الإنتاجية وإظهار الخدمات التي تقدمها الوزارة بمظهر عالي الجودة والأداء، مما يوجب الإسراع في اتخاذ التدابير التشريعية بإصدار المراسيم وذلك لإزالة بعض الاشتراطات التي كانت تحسب كمعوقات، وتنعكس سلباً في تقييم المناخ الاستثماري للبحرين، خاصة وأن هناك منظمات دولية تقوم بتصنيف المملكة وتقييمها من حيث سهولة بدء الأعمال التجارية والتنافسية في مجال سرعة تسجيل المؤسسات والشركات التجارية، ولذلك صدرت المراسيم لتكون داعمة لموقف المملكة عند البدء بتصنيف الدول، وتجنب الحصول علة ترتيب متأخر.
وأشارت وزارة الصناعة والتجارة والسياحة لضرورة إجراء إصلاحات اقتصادية شاملة؛ لتوفير جوٍّ اقتصاديٍ آمن ينعم من خلاله المستثمرون بكافة الوسائل والسبل التي تكفل لهم المناخ الاقتصادي الآمن، موضحة أن اللائحة التنفيذية التي ستصدر بشأن المرسوم بقانون المذكور ستحدد كافة الحيثيات الدقيقة التي يتضمنها، وأن الهدف العام لإصداره يكمن في العمل على عدم تضارب المصالح.
وذكرت الوزارة أن بعض الشركات في المملكة عليها الإفصاح عن حساباتها المالية وبالأخص الشركات العالمية، وعليه فقد خير المرسوم بقانون المذكور الشركةَ في أن تقدم للوزارة المعنية حساباتها المالية المدققة، أو خطاب الاطمئنان الصادر من مدقق حسابات الشركة، إلا أن عليه تحمل مسؤولية صحة كافة البيانات المالية المدققة للشركة، كما إن الوزارة لم تغفل الجانب العقابي لمن يدلي بمعلومات غير صحيحة سواء كانت الشركة أو المدقق الحسابي المتعاقد معه، مؤكدة أن صلاحية القرارات المتعلقة بالأجنبي مقيدة لمجلس الوزراء فقط، وليست مطلقة بيد الوزارة المختصة، وقد قامت بها الحكومة بغية تحقيق طموحات اقتصادية لوجستية معينة، ولفتت الى أن رأس المال للشركات الأجنبية لا يوجد في البحرين وإنما في الخارج، وهذه الشركات لا ترغب في جلب رأس مالها للمملكة، لذلك تم إعفاؤها من الرسوم.
واعتبرت غرفة صناعة وتجارة البحرين أن مبدأ إرسال مديري الشركات ذات المسؤولية المحدودة ومدققي الحسابات صورة من الميزانية وحساب الأرباح والخسائر والتقرير السنوي وتقرير مدقق الحسابات إلى الوزارة خلال ستة أشهر من تاريخ انتهاء السنة المالية مبدأ ممتاز وأوصت بتطبيقه على الشركات المساهمة المقفلة.
وارتأت الغرفة بأنه يجب أن يكون الأصل السماح أو جوازية الدخول في إدارة أكثر من شركة ما لم تكن الشركة منافسة، وتحفظت الغرفة على إعفاء الشركات ذات رأس المال الأجنبي من الحد الأدنى لرأس المال المقرر قانوناً لكونها تعطي أفضلية للشركات ذات رأس المال الأجنبي على الشركات البحرينية.
ووافقت لجنة المؤسسات المتوسطة والصغيرة بغرفة تجارة وصناعة البحرين على المرسوم إلا أنها أبدت تحفظها على بعض البنود وأكدت وجود حاجة ملحة لوضع معايير واضحة فيهما، وطالبت بضرورة وجود تنظيم واضح لتحديد نوعية هذه الشركات الساكنة كي لا تؤثر على الاقتصاد الوطني بشكل عام.
وذكرت لجنة المؤسسات المتوسطة والصغيرة أن الجوانب الإيجابية للمرسوم بقانون تكمن في تمديد فترة تقديم تقارير الحسابات المالية المدققة إلى «6» شهور، والعمل على فصل السجل التجاري عن النشاط التجاري، أما الجوانب السلبية للمرسوم بقانون فتكمن في فتح المجال أمام الأجنبي لفتح السجلات التجارية سواء الكبيرة أو الصغيرة، وهو الأمر الذي سيضعف من منافسة المواطن البحريني له، نظراً لقلة الأعباء المادية التي يتحملها الأجنبي في مقابل الأعباء والالتزامات الكثيرة الملقاة على عاتق المواطن البحريني، كما إنه قد يكون هناك توجه جديد لدى وزارة الصناعة والتجارة والسياحة بفرض رسوم سنوية على جميع الأنشطة التجارية المكملة أو المرافقة للسجل التجاري الواحد.