قبل أيام من إجراء الانتخابات التشريعية وانتخابات مجلس خبراء القيادة في إيران، تواجه «الحركة الخضراء» الإصلاحية المعارضة، المجهول، خاصة أنها بلا قيادة، مع استمرار وضع زعيمي المعارضة، رئيس الوزراء السابق مير حسين موسوي، ورجل الدين ورئيس البرلمان السابق مهدي كروبي، رهن الإقامة الجبرية بالمنزل، بعد فرضها عليهما منذ 5 سنوات، بعدما شقا عصا طاعة المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي وشككا في فوز مرشحه المتشدد محمود أحمدي نجاد بولاية ثانية في انتخابات الرئاسة التي جرت في 2009.
ورغم كل الآمال التي تعلقت بانتخاب حسن روحاني رئيساً في 2013، رأى مراقبون أن المعارضة الإصلاحية مثل الذي يحرث في بحر نظام «ولاية الفقيه»، خاصة مع استبعاد عدد لا بأس به من المرشحين الإصلاحيين، سواء للانتخابات التشريعية أو لانتخابات مجلس خبراء القيادة وبينهم حسن الخميني حفيد مؤسس الثورة آية الله روح الله الموسوي الخميني، مما زاد من تقويض فرص التغيير السياسي والاجتماعي على النحو الذي يحقق طموحات الإيرانيين في حياة سياسية واقتصادية أفضل بعد أن أنجز روحاني وعداً انتخابياً وحيداً منذ انتخابه في 2013، بإنهاء العقوبات الدولية على البلاد بموجب الاتفاق النووي مع القوى العظمى.
وربما يتقلص الأمل في التغيير بين مؤيدي المعارضة المطالبة بالإصلاح، خاصة أن روحاني يبدو غير قادر على تكوين ذلك المجتمع الأكثر حرية الذي وعد به.
ويشعر الإصلاحيون وأنصار «الحركة الخضراء» بإحباط من أداء روحاني، خاصة في مجال تحقيق وعوده الانتخابية، وأهمها إطلاق الحريات والإفراج عن قادة «الحركة الخضراء» الموضوعين تحت الإقامة الجبرية، وإفساح المجال أمام الإصلاحيين للمشاركة السياسية، الأمر الذي دفعهم الى توجيه تحذير رسمي له، ومهددين بإنهاء التحالف معه في الانتخابات الرئاسية القادمة في حال استمر تخاذله تجاه من ساعدوه للوصول إلى سدة الحكم.
ورأى سياسيون وحقوقيون أن روحاني أخفق في إتاحة مزيد من الحريات وركز بدلاً من ذلك على تحسين الاقتصاد، ويسري هذا على زعيمي المعارضة مير موسوي وكروبي، ويعاني الاثنان وكلاهما في السبعينات من العمر من مضاعفات صحية ونقلا إلى المستشفى عدة مرات إما للجراحة وإما للعلاج.
وتقرر حظر التغطية الإعلامية للحركة الخضراء حتى عام 2014 عندما ظهرت صور موسوي وهو في المستشفى على بعض المواقع الإلكترونية.
وعلق المحلل السياسي حميد فرحواشيان على ما يحدث بقوله «المعارضة ليس لها زعيم يلهم الناس، وروحاني أخفق في تنفيذ وعوده بإقامة مجتمع يتمتع بقدر أكبر من الحريات، دفع الناس ثمناً غالياً جداً لاضطرابات 2009».
وتبدو الأجواء متوترة داخل إيران قبيل الانتخابات المقررة في 26 فبراير الحالي لانتخاب أعضاء البرلمان ومجلس الخبراء وهو المجلس الذي يتمتع بسلطة اسمية على أقوى سلطة في البلاد، تلك المتمثلة في زعيمها الأعلى آية الله علي خامنئي.
وكانت إعادة انتخاب المتشدد نجاد في عام 2009 بعد انتخابات مثيرة للجدل مختلف على نتائجها قد أغرق إيران في أكبر أزمة داخلية منذ الثورة عام 1979. وأثارت النتائج احتجاجات حاشدة على مدى شهور ما لبثت أن سحقتها أجهزة أمن الدولة وفي مقدمتها الحرس الثوري الإيراني وميليشيا «الباسيج» التابعة له.
واعتقل عشرات من كبار السياسيين والصحافيين والنشطاء والحقوقيين بعد انتخابات 2009 ولايزالون في السجن حتى الآن. وتقرر حظر الحزبين الرئيسيين المطالبين بالإصلاح بعد الانتخابات التي وصفتها سلطة «ولاية الفقيه» بأنها «أصح انتخابات في تاريخ الثورة». وانعكس أداء «الحركة الخضراء» على طموحات الحركة الطلابية التي لعبت دوراً رئيساً في الاحتجاجات، ما أدى إلى إصابتها بالشلل مع انتقال زعمائها للخارج أو إيداعهم السجن.
وقال مسؤول إيراني كبير طلب عدم نشر اسمه «المتشددون ما زالوا قلقين من إحياء حركة الإصلاح وإحياء الاحتجاجات، لذلك نشهد استبعاداً جماعياً للمرشحين المعتدلين».
وانتقد عدد من رجال الدين والسياسيين والنشطاء من ضمنهم 300 من أساتذة الجامعة قرارات الاستبعاد التي اتخذها مجلس صيانة الدستور وهو هيئة تضم محافظين يقول محللون إنهم يريدون وأد أي تحرك يمكن أن يهز قبضتهم في السلطة.
ويضم ذلك المجلس 6 من رجال الدين و6 من الخبراء القانونيين يدورون بشكل عام في فلك خامنئي. وللمجلس سلطة مراجعة القوانين وقوائم المرشحين.
وموسوي وزوجته زهراء رهنورد - وهي أيضاً من أشد منتقدي النظام - محتجزان فعلياً في منزلهما جنوب طهران. وتشير تقارير إلى أنه تصلهما يومياً 4 صحف رسمية تختارها السلطات لكنهما ممنوعان من استخدام الهاتف أو الإنترنت أو القنوات التلفزيونية الفضائية.
وعلى مدى شهور ظل موسوي ورهنورد - وهي فنانة ونحاتة وأكاديمية بارزة - بمعزل عن العالم الخارجي. وقالت مصادر مقربة من الاثنين «مسموح لهما الآن بلقاء ابنتيهما مرة في الأسبوع في منزل مجاور في حضرة ضباط من الحرس الثوري الإيراني، منزلهما يقع في شارع مسدود ويحيطه سياج معدني وما من أحد يمكنه أن يرى شيئاً بالداخل». ويحتفظ الحرس الأمني بمفاتيح كل الأبواب داخل المنزل مما لا يدع للزوجين خصوصية تذكر.
أما كروبي فيقيم في الطابق الثاني من منزله بينما يبقى الحراس في الطابق الأول.
ورأى مسؤول سابق اعتقل عاماً بعد الانتخابات لدعمه المعارضة «الاحتجاجات بالشارع والاعتقالات والشقاق بين كبار الحكام رجت إيران رجا، والاقتتال السياسي بين المتشددين والإصلاحيين ازداد شدة منذ 2009، وحين انتخب روحاني ثارت آمال كبيرة في إنهاء إقامة موسوي وكروبي الجبرية بالمنزل، لكن هذا لم يحدث».
وتقول المعارضة إن الإيرانيين مازالوا يتوقون لإصلاح المؤسسة داخل إطار عمل الجمهورية كما كان يطالب موسوي وكروبي.
وفي هذا الصدد، قال المتحدث باسم زعماء المعارضة والمقيم في باريس أردشير أمير أرجمند «الحركة الخضراء مازالت حية وهذا يظهر في مطالب الإيرانيين بحرية التعبير والعدالة واحترام حقوق الإنسان».
وأضاف «الحركة الخضراء لا تعني فقط احتجاجات الشارع، سيواصل الناس الجهاد لنيل حقوقهم من خلال صناديق الاقتراع، الحركة لا يمكن إسكاتها».