عواصم - (وكالات): أعلنت الهيئة العليا للمفاوضات الممثلة لأطياف واسعة من المعارضة السورية أمس موافقتها على هدنة شرط الحصول على ضمانات دولية بوقف العمليات العسكرية من حلفاء النظام السوري، في حين وعدت روسيا بمواصلة تقديم الدعم للنظام السوري لمحاربة المجموعات «الإرهابية».
وكان النزاع في سوريا دخل مرحلة جديدة مع بدء القوات التركية قبل أسبوع قصف مواقع للمقاتلين الأكراد السوريين شمال سوريا الذي تعتبرهم «إرهابيين».
وقدمت روسيا أمس الأول مشروع قرار إلى مجلس الأمن يدعو إلى وقف القصف التركي لمواقع الأكراد شمال سوريا إلا أن دولاً غربية عدة أفشلته وحالت دون إقراره.
وقال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف «لا يسعنا سوى التعبير عن الأسف لرفض مشروع القرار»، مؤكداً أن روسيا ستواصل سياستها الرامية إلى «ضمان استقرار ووحدة أراضي» سوريا. وأضاف أن «الكرملين قلق لتصاعد التوتر على الحدود السورية التركية» معتبراً أن عمليات القصف التركية على مواقع كردية في سوريا «غير مقبولة».
وجددت القوات التركية قصف مواقع كردية شمال محافظة حلب، بحسب ما نقل المرصد السوري لحقوق الإنسان. ويعتبر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن المجموعات المسلحة الكردية السورية ليست سوى منظمات «إرهابية» على غرار حزب العمال الكردستاني في تركيا الذي يخوض تمرداً مسلحاً منذ عام 1984. وتحض الولايات المتحدة مع العديد من الدول الأوروبية روسيا على وقف قصفها في سوريا معتبرة أنه يستهدف بشكل أساس «المعارضة المعتدلة» أكثر مما يستهدف مواقع متطرفين. إلا أن المتحدث الروسي بيسكوف أكد في هذا الإطار أن روسيا ستواصل مساعدة النظام السوري على محاربة «الإرهابيين». واستهدفت الضربات الروسية مواقع للفصائل المقاتلة شمال مدينة حلب شمال غرب البلاد ووسطها، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وكانت قوات النظام السوري بدعم كبير من الطيران الروسي شنت ابتداء من الشهر الحالي حملة واسعة أتاحت لها تشديد الطوق على الفصائل المقاتلة المعارضة في حلب واستعادة مناطق شمال المدينة ما أدى إلى فرار عشرات آلاف السوريين. وفي هذا الإطار، عبر الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند عن «قلقه» بشأن الوضع الإنساني في سوريا وخصوصاً في حلب. وقالت الرئاسة الفرنسية في بيان إن هولاند وبعدما استقبل عدداً من الشخصيات الفرنسية الموقعة لنداء يتعلق بحصار حلب «رحب بمبادرتهم وعبر عن قلقه على الوضع الإنساني في سوريا وخصوصاً في مدينة حلب حيث مئات الآلاف من المدنيين مهددون بالحصار من قبل نظام يدعمه الطيران الروسي».
وأدى الهجوم السوري إلى إضعاف قوات المعارضة التي تواجه قوات النظام وقوات تنظيم الدولة «داعش» في الوقت نفسه. وأعلنت الهيئة العليا للمفاوضات المعارضة موافقتها على هدنة شرط الحصول على ضمانات دولية بوقف العمليات العسكرية من حلفاء النظام السوري.
وقال مصدر مقرب من محادثات السلام إن المعارضة السورية وافقت على هدنة لمدة أسبوعين إلى 3 أسابيع إذا أوقفت روسيا القصف الجوي وتشترط أيضاً فك الحصار وإطلاق سراح السجناء وإدخال المساعدات وعدم استهداف «جبهة النصرة» وستكون قابلة للتجديد وتدعمها كل الأطراف باستثناء «داعش». وأكد المنسق العام للهيئة رياض حجاب في بيان «إن الفصائل أبدت موافقة أولية على إمكانية التوصل إلى اتفاق هدنة على أن يتم ذلك وفق وساطة دولية وتوفير ضمانات أممية بحمل روسيا وإيران والميليشيات الطائفية ومجموعات المرتزقة التابعة لها على وقف القتال». وتضم الهيئة ممثلين للمعارضة والفصائل المقاتلة. وتأتي موافقة الفصائل، بحسب البيان «ضمن رغبتها الأكيدة في الاستجابة للجهود الدولية المخلصة لوقف نزيف الدم السوري». وأشار البيان إلى أنه «لن يتم تنفيذ الهدنة إلا إذا تم وقف القتال بصورة متزامنة بين مختلف الأطراف في آن واحد، وتم فك الحصار عن مختلف المناطق والمدن وتأمين وصول المساعدات الإنسانية لمن هم في حاجة إليها وإطلاق سراح المعتقلين وخاصة من النساء والأطفال». ويأتي تصريح حجاب إثر اجتماع عقده مع ممثلي الفصائل المقاتلة التي تشهد تقهقراً متزايداً أمام تقدم الجيش السوري بدعم من الطيران الروسي وخصوصاً في محافظة حلب شمالاً. وكان حجاب أعلن في 12 فبراير الحالي أن «إقرار الهدنة المؤقتة التي تهدف لإيقاف الأعمال العدائية ضد السوريين، مشروطة بموافقة الفصائل الجنوبية والشمالية في الجبهات».
وفي اليوم نفسه اتفقت القوى الكبرى في ميونيخ على وقف الأعمال العدائية في سوريا خلال أسبوع وعلى تعزيز إيصال المساعدات الإنسانية. وأعلنت متحدثة باسم الخارجية الروسية أن اجتماعاً كان مقرراً عقده أمس لمجموعة دعم سوريا في جنيف أرجىء إلى موعد يحدد لاحقاً.
وكانت المفاوضات بين النظام والمعارضة علقت في 3 فبراير الحالي ولا توجد أي مؤشرات إلى قرب استئنافها.
وفي وقت سابق، دعا وزير الخارجية السعودي عادل الجبير إلى تسليم المعارضة السورية صواريخ مضادة للطيران، موضحاً في الوقت نفسه أن هذا القرار يعود إلى «التحالف الدولي».