عظم الله عز وجل حرمة المسلمين فنهى سبحانه عن أذيتهم على أي وجه دون حق فكيف وإن كانوا في يوم من الأيام ذوي فضل عليك من بعد الله، فهل جزاء الإحسان إلا الإحسان، القصص كثيرة في الغدر ونكران الجميل والجحود من ناس أن قابلتهم بإحسان قابلوك بنكران الجميل، وإن أعطيتهم «إنجاً أخذوا منك قدماً»، ويحذرنا الإمام علي كرم الله وجهه من هؤلاء بقوله: «اتق شر من أحسنت إليه». فهل أصبح نكران الجميل صفة سائدة في مجتمعنا؟.
لو خليت خربت، وكل إناء بما فيه ينضح، إذ قال تعالى: «إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا»، فمن الأمراض الاجتماعية التي تتفشى وتنتشر بين الناس نكران الجميل وهي صفة مذمومة عند الناس تقشعر لها الأبدان، فإذا كنت قد ابتليت بذلك فكان الله في عونك؛ لما يتركه ذلك النكران في نفسك من آثار سيئة تحتاج إلى قوة تحمل وصبر مؤمن للتخلص منها، فنكران الجميل يتنافى مع طبائع النفوس السوية، التي طبعت على حب من أحسن إليها.
إن صاحب الإحساس والتأثر يراعي مشاعر إخوانه، ويحترمها، ويحذر أن يمسها بسوء، فقد شاهدت في حياتي أن الذي يؤذي الناس يسلط الله عليه من يؤذيه، وغالباً بالشيء الذي أذى غيره به!
إن الإنسان بطبيعته يعاشر الناس، وفيهم الكريم واللئيم، فيهم من إذا أحسنت إليه شكرك وعرف لك الجميل وذكرك بالذكر الحسن وكافأك على المعروف متى ما سنحت له فرصة ولو بكلمة طيبة، ومنهم اللئيم من إذا أحسنت إليه تمرد وكفر معروفك، وأنكر جميلك وتناساك وجفاك إذا انتهت مصلحته وتمت فائدته وهذا الضرب كثير في هذا الزمان والله المستعان.
من رحل لن يعود ومن ضرك سيضره شخصاً ذات يوم ومن أبكاك سيجد من يبكيه، فالأرض دائرية والدنيا تدور فالصفعة التي يهديها اليوم ستعود له بنفس الحدة غداً فلا تظلموا فتظلموا، وهذا منقول عن عائض القرني من كتاب لا تحزن.
إن نكران الجميل وقلة الوفاء من الأخلاق الذميمة التي نهى عنها الشرع وحذر منها.
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «لا يشكر الله من لا يشكر الناس». وهو يدل على سوء الخلق وقلة المروءة وفساد الرأي وأنانية النفس وضعف الإيمان، لذا فإن النفس التي تنكر الجميل والإحسان وتتناساه هي نفس لئيمة وجحوده.
إن نكران الجميل دليل على خسة النفس، فصاحب هذه النفس المعروف لديه ضائع والشكر عنده مهجور وأقصى ما يرنو إليه هو تحقير المعروف الذي أسدي إليه وعدم الوفاء لمن أحسن إليه.
حمد المالود