يقولون «العتاب على قدر المحبة»، ولكن برأيي «العتاب قلة حياء»، فمنا يقول ما يجب وما لا يجب قوله، ويدقق على أتفه التفاصيل بحجة المودة دون تفكير تحت رعاية الجملة المشهورة «الي بقلبي على اللساني، ولو ما أحبك ما قلتلك هالحجي»، نعم هناك أشياء يجب أن نتناصح فيها لأن لها جذوراً من الدين والأعراف الصحيحة التي لا نستطيع إنكارها، ولكن ماذا عن الأشياء السخيفة التي ليس لها أصل ولا جذر ولا تنتمي لأي دين أو عرف أو عادة صحيحة؟ هل يجب علينا تقبلها؟
بالطبع لا، فالتدقيق على القشور الصغيرة ووضعها تحت المجهر، سرقة للوقت الثمين وسبب لجدال عقيم لا نهاية له، إن هذا التدقيق فايروس خطير لمرض جسد ناتج عن أمراض نفسية اكتئابية، إنه قاتل للإبداع والفن والإنتاج، لأن التفكير سينحصر وينكمش ويتقلص في بقعة قذرة قهرية قاهرة للشخص ومن يتعامل معه، وهي بمثابة سم قاتل للعشق الذي يسكن بالنفوس، فهو سيؤذي نفسه أو لا من كثرة التفكير والمراقبة والتدقيق ويصبح كالمحقق والشرطي، وسيؤذي الآخر نتيجة عدم شعوره بالأمان اتجاهه، وسيتخيل نفسه مجرما في قفص مليء بالخوف والظلم والتسلط، وأنه متهم بسلسلة من الجرائم البشعة التي لا حكم عليها سوى الإعدام!
اشكروا الله على نعمة وجود شخص يحبكم في حياته، لا تخسروه من أجل عتاب في غير محله، ولا تدمره ولا تدمر نفسك، ولا تولد شكوكاً حوله أو تطعن فيه لمجرد أنه قصر معك بشيء بسيط يمكنك التغاضي عنه، فأنا أعلم وأنت أيضاً أنه قدم لك الكثير، اجعله يشعر بذلك، لا تجعل اللوم سباقاً للمدح فالحياء أن يكون لدى الشخص ضمير في عدم الخطأ في حق ذي حق، أي لو أننا جميعاً عرفنا حقوقنا وواجباتنا لن نحتاج إلى اللوم والعتاب اللذين يستخدمان بطريقة خاطئة جارحة لا حيــاء فيهــا.
فرح محمود
970x90
970x90