ملاك الشولي -15 سنة- طفلة سورية متفوقة في دراستها ونشيطة في حياتها، حاصلة على الكثير من الجوائز، متميزة بأخلاقها وطموحها، تعيش ملاك في مخيم الزعتري الذي يقع بشمال المملكة الأردنية الهاشمية والذي يعتبر أحد أهم الشواهد وأفجعها على عمق المأساة السورية التي كان ضحيتها بالدرجة الأولى الإنسان.
وجود ملاك في المخيم أثار الخوف في نفسها من عدم قدرتها على مواصلة دراستها وعدم تمكنها من الالتحاق بمقاعد الدراسة، تساؤلات عديدة دارت في ذهنها، فإلى متى ستظل في المخيم وكم ستخسر من دراستها حتى تعود إلى بلدها؟
ووسط تلك الحيرة، جاء بصيص الأمل، لتجد مجمع مملكة البحرين العلمي، وهو أول مشروع تعليمي نفذته المؤسسة الخيرية الملكية للاجئين السوريين بالتعاون مع الهيئة الخيرية الهاشمية ووزارة التربية والتعليم بالمملكة الأردنية الهاشمية الشقيقة ومكتب هيئة اليونسيف بالأردن، ليكون النور الذي يشع الكون ضياءً بالعلم الذي يكتسبه أطفال سوريا اللاجئين.
كانت المدرسة باب الفرج لتخليص ملاك من حيرتها ولتساعدها في تحقيق رغبتها في مواصلة دراستها، فسارعت بالتسجيل في المجمع العلمي الذي يخدم حوالي 5000 آلاف طالب وطالبة، ويتكون من أربعة مدراس للمرحلتين الابتدائية والإعدادية وروضة للأطفال شاملة جميع مرافق التعليمية والتربوية، ويحتوي على فصول دراسية ومختبرات علمية وملاعب رياضية ومكاتب للهيئتين الإدارية والتعليمية وغيرها من المرافق العلمية الهامة، ويبلغ عدد الطلبة المسجلين في 10,000 طالب وطالبة مما يشكل 70% من عدد الطلبة الدارسين في مدارس مخيم الزعتري.
التحقت ملاك بالصف التاسع لتخطو خطواتها المنيرة بالعلم والمعرفة، وتقول: قدمت إلى المدرسة البحرينية لأتعلم وأكتسب الكثير، وأود أن أشكر مملكة البحرين لأنها أعطتني حقي في التعلم وأعطتني مهارات جديدة، ورغم أن المنهج الأردني يختلف عن المنهج السوري، إلا أنه سلس وزودني بالكثير من المعلومات المفيدة في حياتي اليومية وحياتي المستقبلية بإذن الله.
بعد عودتها من المدرسة تقضي ملاك حياتها في منزلها الصغير مع أهلها، وتحدثنا عن يومها: أعود من المدرسة الساعة 11:30 ظهراً، هناك أيام معينة في الأسبوع أحضر فيها دورة خاصة بالحاسوب، وبعد انتهاء الدوام المدرسي أجلس مع أهلي لنتبادل أطراف الحديث حول يومياتنا والمواقف الطريفة التي مررنا بعد ونخطط ليوم الغد. وكأي فتاة طموحة تتمنى ملاك أن تكبر وتدرس الدكتوراه وتحقق حلم والديها وأن يكون لها مستقبل زاهر.
أما والدة ملاك فكان قلقها أكثر على أبنائها، فعائلتها الصغيرة تتكون من 3 أولاد وبنت، وعبرت عن هذه المشاعر بقولها: في بداية حضورها إلى مخيم الزعتري انتابني قلق كبير حول مصير أولادي ودراستهم، وخشيت ألا يكملوا تعليمهم، فنحن لاجئون وسنمضي فترة في المخيم، وبعد السؤال تفتحت أبواب الفرح بوجود مجمع البحرين العلمي، فما كان مني إلا المسارعة بالذهاب إلى المجمع العلمي ولقيت منهم رحابة صدر كبيرة والحمدلله تمكنت من تسجيل أبنائي، والآن تدرس ملاك في الفترة الصباحية الخاصة بالبنات، ويدرس أولادي في الفترة المسائية الخاصة بالأولاد. وتتمنى الأم ألا يطول بهم الحال في المخيم وأن يعودوا إلى سوريا ويعودوا إلى أهلهم وبيوتهم ووطنهم.
وفي أحد أيام العاصفة الثلجية والأمطار التي عصفت بالأردن، توقفت الدراسة في المجمع العلمي لتحول إلى مفتاح فرج وملاذ للاجئين السوريين في المخيم وتم استخدامه لإيواء عدد من العائلات السورية التي تضررت خيامها قبل نقلهم إلى أماكن أخرى بعد العاصفة، وما لبث أن تم استئناف الدراسة فيه من جديد ليواصل الطلاب تعليمهم.