زهراء حبيب
قضت المحكمة الكبرى الاستئنافية الشرعية -الدائرة الجعفرية- بإلغاء حكم ضم حضانة شاب بحريني -من ذوي الاحتياجات الخاصة- إلى والده وإبقائه في حضانة أمه، حفاظاً على مصلحة المحضون كونها الأشفق والأقدر على رعايته بعد اهتمامها به طوال 26 عاماً، في الوقت الذي كان الأب منشغلاً بحياته وأبنائه وزوجته الأخرى.
وبدأ الخلاف على حضانة «المحضون» عندما رفع الأب دعوى شرعية أمام محكمة الصغرى الشرعية الجعفرية ضد طليقته، يطالب فيها بإسقاط حضانة ولدين 26 و19 سنة من أصل 5 عن الأم وضمهما إلى حضانته، خاصة وأن أحدهما «متخلف عقلياً»، بالإضافة إلى مطلبه بإخراج المدعى عليها من منزل المدعي، منوهاً إلى أنه طلق والدة أبنائه منذ عام 2007 وأنجب منها 5 أبناء.
وقالت إبتسام الصباغ محامية الأم إن محكمة أول درجة انتهت إلى أن حقيقة ما يطلبه الخصوم هو حضانة الولد الذي عمره 26 سنة كونه بالغاً راشداً، وقضت بضم حضانته إلى الأب، وعدم جواز نظر الطلب الثاني وهو إخراجها من المنزل لسبق الفصل فيه.
وأشارت إلى أن موكلتها طعنت على الحكم أمام المحكمة الاستئنافية، تأسيساً على الفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب، شارحة بطعنها الحالة التي يعاني منها الولد بأنه يعاني من تخلف عقلي متوسط، ويحتاج إلى مزيد من الرعاية، لافتة إلى أنه منذ طلاق الأم وهي تقوم برعاية أبنائها المعاقين وتهتم بشؤونهم، وهي كانت من تتولى المحضون وتتابع أوضاعه الصحية والملمة بمواعيده في المستشفيات، لحاجته الماسة لها.
وأكدت أن الأب لم يحرص على زيارة ابنه مع علمه بحالته الصحية، مضافاً إلى أنه متزوج ولديه أطفال آخرون ومشغول بحياته، فكيف يتسنى له الوقت لرعايته لابنه والإشراف عليه، مبينة أن هدفه الحقيقي وراء طلبه الحكم له بضم حضانته إليه هو إسقاط نفقته المقررة وهي 50 ديناراً، وليس حرصاً على رعايته والعناية به.
وطالبت بمذكرتها الدفاعية بإلغاء الحكم المستأنف بضم حضانة الابن للأب، وإبقائه في حضانة أمه.
وقالت المحكمة في حيثيات حكمها إن الولد بالغ غير راشد فتستمر عليه ولاية والده المستأنف ضده في حضانته وسلبه عن حضانة أمه فإنه تأصيل ناقص لما أغفل فيه مصلحة المحضون الذي استمر لفترة طويلة في رعاية والدته منذ صغره وحتى بلغ 26 وهو مختل عقلياً وغير مدرك لكينونة أفعاله، وتصرفاته متعهدة له بالرعاية الصحية في المستشفيات ومتابعة مواعيده وزياراته الطبية والتي لم ينكرها المستأنف ضده على المستأنفة. وأوضحت أنه كيف يمكنه ويسوغ له بعد هذا المشوار الطويل من رعايتها له وهو مشغول بزوجته وأولاده وأعبائه الحياتية الخاصة، أن يرعى بالغاً في غير رشده، ولم يعهد منه شيء حتى وصل ابنه إلى هذا العمر؟ مؤكدة أنه من مصلحة المحضون أن يبقى في حضانة الأم كونها الأليق والأقدر والأشفق على رعايته والاهتمام به، خصوصاً وهي متفرغة له ولا يشغلها عنه شيء، كيف وهو ضناها القاصر الذي يحتاج لرعاية ذويه، وهو ما لا يختلف عليه اثنان في أن أمه هي الأقرب إليه، وخاصة أنه تخلو الأوراق مما ينفي صلاحيتها لذلك، وأن المستأنفة هي من تتوافر فيها شروط الحضانة أحق برعاية الولد، ولما ثبت أنه بنقل الحضانة به مفسدة كبيرة على الابن. وحكمت المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف جزئياً والقضاء بإلغاء ضم حضانة الولد إلى والده «المستأنف ضده» وإبقائه في حضانة والدته «المستأنفة»، وأيدت ماعدا ذلك، مع إلزام المستأنف ضده بالمصروفات و20 ديناراً مقابل أتعاب المحاماة عن درجتي التقاضي.
وترأس الجلسة، الشيخ باقر المحروس، وعضوية كل من الشيخ جعفر العالي وحسن العصفور، وأمين السر محمد جواد الستري.