تواصلت على مدى الأشهر القليلة الماضية، العديد من الأخبار التي تحذر من بعض النظم والأطعمة الغذائية، والتي جاءت في مقدمتها التحذير من اللحوم المصنعة لخطرها فيما يتعلق باحتمالات الإصابة بالسرطان، المشروبات المحلاة لصلتها بزيادة معدلات البدانة وكذلك الأخطار الصحية المرتبطة بالأطعمة والوجبات الغنية بالملح.
لكن دراسات عديدة نُشرِت مؤخراً، أماطت النقاب عن أن الدهون المشبعة التي توجد في منتجات الألبان واللحوم قد لا تضر القلب بنفس الصورة التي كنا نتصورها من قبل.
وأظهرت مراجعتان شاملتان أجريتا للدراسات القائمة، باستخدام تقنية «تحليل ميتا»، أنه تكاد لا توجد أي فائدة من وراء الإقدام على خفض تناول الدهون المشبعة.
وفحصت إحدى هاتين المراجعتين النتائج الخاصة بـ 15 تجربة سريرية شارك فيها 59 ألف شخص، وثبت للباحثين أن الحد من الدهون لم يؤثر على معدل الوفاة، وإن كان يقلل بشكل طفيف من عدد النوبات القلبية والسكتات الدماغية غير المميتة.
فيما ركزت المراجعة البحثية الثانية على 73 دراسة رصدية، وخلصت هي الأخرى كذلك إلى أن الناس الذين يتناولون قدراً أكبر من الدهون المشبعة لا تزيد لديهم احتمالات التعرض لأمراض القلب، السكتات الدماغية أو النوع الثاني من داء البول السكري أو احتمالات التعرض بالفعل لخطر الوفاة قبل الأوان لأي سبب من الأسباب.
ونوهت في هذا السياق صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية لحقيقة الجدال الصاخب الذي شهده العام 2015 عقب الإعلان عن أن اللحوم المصنعة تؤدي للإصابة بالسرطان، وما تبع ذلك من اعتراض واسع النطاق من قبل كثير من المعاهد البحثية.
ونقلت الصحيفة عن عالم الغذاء والتغذية في جامعة «ريدينغ» غونتر كونل، قوله :»أتصور أن إعلان الوكالة الدولية لأبحاث السرطان التابعة لمنظمة الصحة العالمية المتعلق بخطر اللحوم المصنعة يعني وجود أدلة عملية كافية تثبت ذلك الخطر».
وقال أستاذ الإحصاء التطبيقي بالجامعة المفتوحة كيفن ماكونواي، إن من بين 100 شخص لا يدخنون على الإطلاق، سيصاب واحد بسرطان الرئة، ومن بين كل 100 مدخن يستخدمون علبة سجائر يومياً، سيصاب منهم أكثر من 20 بسرطان الرئة.
وأضاف أن حوالي 6 أشخاص من بين كل 100 سيصابون بسرطان الأمعاء، وأن ذلك الرقم يصبح 7 بين كل 100 يتناولون شريحتين من لحم الخنزير كل يوم طوال حياتهم. وبينما شددت دراسة نشرت مؤخراً على أن خفض كمية السكر بالمشروبات الغازية بمقدار 40% على مدار 5 سنوات أمر سيحول دون إصابة مليون فرد بالغ بالبدانة وسيقي 250 ألفاً من السكري، خرجت جهات صناعية مثل اتحاد الطعام والشراب ورابطة المشروبات الغازية البريطانية لتعلن رفضها لذلك وتطالب بعدم تصنيف السكر كباقي العديد من العوامل الخطرة الأخرى التي تتضافر لتسبب السمنة.
وكانت آخر موجات الجدال التي أثيرت بخصوص نظم الطعام وأكثرها توافقاً مع معايير الصحة المطلوبة للإنسان تلك الخاصة بمطالبة المطاعم الموجودة في مدينة نيويورك بضرورة وضع ملصقات تحذيرية إلى جانب أي وجبة في قائمة الطعام تحتوي على أكثر من ملعقة شاي «2.3 غرام» من كلوريد الصوديوم، ليزداد بذلك الجدال بخصوص نسب السكر والملح الواجب الاستعانة بها في مختلف الأطعمة التي نتناولها.